الرأي

آه لو كنت أطير!

تفاعل

آه لو كنت أطير، صدر بيت تعلمناه في الأناشيد والمحفوظات في المرحلة الابتدائية، يعرفه جيدا الأربعينيون الذين يعيشون حالة عمرية بين شعوري الشك واليقين، الشك في أنهم ما زالوا شبابا أصحاء، واليقين بأنهم في طريقهم لا محالة إلى الشيخوخة وعجزها.

أعود إلى تلك الأهزوجة التي يقول مطلعها: آه لو كنت أطير مثل عصفور صغير. كنا نحلق بخيالنا ونحن صغار في فضاءات المتعة والشعور الجميل، الواحد منا يتمنى أن يكون عصفورا يسبح في الفضاء حرا طليقا.

مناسبة هذا البيت أنني وكعامل في مستشفي عسير المركزي، في أبها العزة والجمال، أشهد بين الفينة والأخرى طائرات الإخلاء الطبي لقواتنا المسلحة وهي تخلي مريضا أو تأتي بآخر، وفي الأيام الماضية شهدت مناورة هبوط لأحد طيارينا الأفذاذ وهو يهم بالهبوط على المدرج، أذهلتني براعته وقدرته على النزول بطائرته وركابه سليمين معافين، أدركت أن هذه المناورة وهذه المهارة قد استغرقت جهدا كبيرا من المؤسسة الراعية وقادتها ليصبح الطيار على هذا المستوى المذهل من الاحترافية والحضور.

وعند التمعن في هذا العمل البطولي نجده في النهاية يرسخ سمو رجال قواتنا المسلحة وبطولاتهم التي تظهر من خلال هذا العمل وغيره من أعمال، لأنها ليست مجرد أداة للقتل والتدمير بل هي وسيلة حياة وبقاء للإنسان. في بعض دول الجوار صنعت أنظمة الطغاة جيوشا لحمايتها ما يلبث هذا الجيش أن يصبح أداة قتل للإنسان وقمعه وتدميره.

قواتنا المسلحة شريك أساس في التنمية، فهي تستهدف الإنسان بناء وحياة وصحة وتعليما، ذلكم جزء من نهج الدولة التي تجعل الإنسان دائما محور كل حراكات التنمية وأجهزتها التنفيذية.

القوات المسلحة تخلي مريضا وتعالج آخر وتؤكد أن الإنسان السعودي يحظى بهالة من الاحترام والتقدير من لدن قيادته ومشهد الإخلاء الذي عشته هو واحد من آلاف المشاهد التي يعيشها المواطن السعودي في كل مكان.

وفي جانب آخر لا يقل شرفا وبطولة، تسطر قواتنا المسلحة في الحد الجنوبي صورة أخرى من صور البطولة والإباء والشمم، يجسد ذلك جنودنا البواسل وهم يرخصون دماءهم فداء للدين والوطن.

تحية إجلال وتقدير لجنودنا البواسل رجال القوات المسلحة فهم درع هذا البلد وسيفه.