نتائج التحقيق.. لم تخمد (أسئلة) الحريق!

وبعد طول انتظار لإعلان نتائج التحقيق في حريق مستشفى جازان العام جاء المؤتمر الصحافي خاليا من تسمية المتسببين بإهمالهم في وفاة (24) شخصا، وإصابة (127) شخصا، فبعد (18) يوما من التحقيق المتواصل، توصلت اللجنة -التي شكلها أمير جازان- إلى أن الحريق نشأ عن التماس كهربائي (التبرير الشهير للدفاع المدني)، وأن الدخان تسبب في اختناق (24) شخصا.

وبعد طول انتظار لإعلان نتائج التحقيق في حريق مستشفى جازان العام جاء المؤتمر الصحافي خاليا من تسمية المتسببين بإهمالهم في وفاة (24) شخصا، وإصابة (127) شخصا، فبعد (18) يوما من التحقيق المتواصل، توصلت اللجنة -التي شكلها أمير جازان- إلى أن الحريق نشأ عن التماس كهربائي (التبرير الشهير للدفاع المدني)، وأن الدخان تسبب في اختناق (24) شخصا. تضمن تقرير اللجنة إشارة (5) فقرات منه إلى وجود أخطاء هندسية في تصميم المبنى وتنفيذه، ووجود عيوب في مواصفات المواد المستخدمة في سقف المبنى، ورداءة المواد المستخدمة في تمديدات الأوكسجين داخل المستشفى، وعدم ربط نظام الإنذار عن الحريق بنظام التكييف لإيقافه في حال نشوب حريق، ووجود خلل في أداء بعض أنظمة وأجهزة السلامة في المستشفى!. المؤسف فيما سبق من نتائج أنه تم رصدها قبل نحو أربع سنوات، حيث وردت -إلى جانب عشر ملاحظات أخرى- في خطاب إدارة الدفاع المدني بمدينة جيزان، رقم (39/14/3/106) وتاريخ 12/4/1433هـ، وتم التأكيد عليها مرة أخرى في محضر الدفاع المدني بتاريخ 1/6/1433هـ. وشدد المحضر نفسه على أن «العمل جار على قدم وساق لمحاولة تشغيل المستشفى دون الاكتراث بما تشكله هذه الملاحظات من مخاطر مستقبلية!» . ودون أدنى شك، فقد اطلعت اللجنة على محتوى هذا المحضر الرسمي، الذي تم تداول نسخة ضوئية منه في العديد من مواقع التواصل الاجتماعي صبيحة يوم الحريق، وفي ظل تأكيد (5) فقرات من تقرير اللجنة الصادر في 1437هـ، على (5) ملاحظات على الأقل من محضر الدفاع المدني الصادر في 1433هـ. وهنا يحضر المنطق البسيط، الذي يقول إن من أمر بتشغيل المستشفى مع إغفال كافة التحذيرات والملاحظات، قد تسبب بإهماله وعدم اكتراثه بوفاة (24) شخصا، الذين قضوا اختناقا بالدخان المنتشر في المبنى؛ نتيجة وجود عيوب في التصميم الهندسي، ورداءة جودة المواد المستخدمة في البناء والتشييد، ووجود أخطاء في التنفيذ والإشراف عليه، إلى جانب الخلل الواضح في تركيب أنظمة السلامة وصيانتها الدورية!. وبذات المنطق البسيط، فإنه كان من السهولة بمكان اكتشاف تلك الملاحظات، بعد التشغيل التجريبي للمستشفى لأكثر من ستة أشهر، وبالتالي فإن المتسبب بإهماله في وفاة (24) شخصا، هو ذات المسؤول الذي اعتمد تشغيل المستشفى دون معالجة تلك الملاحظات، وهو ذات المسؤول عن صيانة المستشفى طيلة أربع سنوات دون الاكتراث لتلك الملاحظات!. ويحمد لأمير المنطقة ووزير الصحة الإشادة بالأدوار البطولية للذين دفعوا أرواحهم وخاطروا بها لإنقاذ المرضى من الموت اختناقا، سواء من زوار المستشفى، أو من العاملين فيه، فتكريمهم واجب مستحق لأنهم الضوء الخافت في المشهد الحزين، وتقديرهم مهم ليكونوا قدوة حسنة لغيرهم. أتمنى تحقيق الوعود وتنفيذ الإجراءات التي أطلقها الأمير والوزير خلال المؤتمر الصحافي، لأنها الوحيدة التي ستقرر أن أرواح (24) شخصا لم تذهب سدى، وهي الكفيلة بجبر مصاب الأحياء في المنطقة والمملكة. ولا شك أن التعاطف مع ذوي المتوفين وتعزيتهم ومواساتهم وتعويضهم ماديا، أمر يحظى بالتقدير، لكنه ليس كافيا في رأيي لبث الطمأنينة بين الناس، وحدها المساءلة المنتهية بعقوبة هي الضمان لإصلاح ما أفسده الإهمال، ولقطع دابر العابثين بأرواح الناس.