تعزيز الثقافة الدوائية

تعد الثقافة الدوائية إحدى لبنات التثقيف الصحي في المجتمع والتي تتضمن الوقاية من الآثار الجانبية للأدوية أو مضاعفاتها الناجمة إما عن سوء استخدام الجرعة الدوائية أثناء فترة العلاج أو كثرة استعماله بدون استشارة طبية

تعد الثقافة الدوائية إحدى لبنات التثقيف الصحي في المجتمع والتي تتضمن الوقاية من الآثار الجانبية للأدوية أو مضاعفاتها الناجمة إما عن سوء استخدام الجرعة الدوائية أثناء فترة العلاج أو كثرة استعماله بدون استشارة طبية. اهتم بهذا المفهوم كثير من الهيئات والمنظمات العالمية منها منظمة الصحة العالمي حيث قامت بصياغتها بناء على أسس علمية تختص بالإبلاغ والتقييم والوقاية والاكتشاف المبكر عن الآثار الجانبية للأدوية، فكانت الانطلاقة لهذا المفهوم في عام 1961 عندما قامت المنظمة بورش عمل تتضمن مراقبة الأدوية في دول العالم نتيجة كارثة الثاليدومايد (Thalidomide) الذي نتج عنه تشوهات الأطراف لعشرات الآلاف من الأطفال حديثي الولادة، بالرغم أن هذا الدواء كان شائعا لعلاج الغثيان لدى الحوامل،  ففكرة التثقيف الدوائي للمجتمع  آنذاك بدأت بالاهتمام في شتى جوانبه، حيث كان أول أهدافه نشر البرامج المتخصصة في هذا المجال والعمل على تحقيق وصولها إلى جميع دول العالم،  حيث بلغت الدول المشاركة بهذا الشأن قرابة 134 دولة بقيادة كثير من الخبراء والعلماء المهتمين بآلية التثقيف الدوائي للمجتمع...هذه الآلية تتمحور حول أهداف رئيسية هي:

1- تثقيف المريض من خلال الاستخدام الأمثل للأدوية، وكذلك تقديم المعلومات المتوازنة في إيضاح فوائد ومخاطر الأدوية. 2- العمل على دعم البرامج والأنشطة المهتمة بشأن استخدام الدواء عن طريق التأكد من كيفية استخدام الدواء من  المصادر الموثوقة: مثل مركز التوعية والتثقيف الدوائي إن وجد أو الصيدليات التابعة لمراكز الرعاية الصحية الأولية أو المستشفيات.   لم تتوقف هذه الدول المتقدمة في تطوير وترجمة هذه الأهداف للرقي بالثقافة الدوائية للمجتمع فحسب، وإنما امتدت إلى  مجال الأبحاث ورد ذكرها في مقالات سابقة، فعلى سبيل المثال: الآثار المترتبة على  كثرة استخدام المسكنات دون استشارة طبية حيث قامت منظمة الصحة العالمية وغيرها من الهيئات بإعداد برامج تثقيفية للمجتمع بخطورة ذلك، والعمل على شرح آلية الإبلاغ عند ظهور أي أثر جانبي من الدواء، وقد تم الإشادة بها خصوصا في دول أوروبا والمملكة المتحدة من خلال وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، ويكون ذلك إما عن الطريق التواصل مع الهيئات المسؤولة من خلال رقم هاتف مجاني أو مراكز الرعاية الصحية أو استخدام تطبيق في الهواتف الذكية يسمى  (Yellow card-MHRA).  أما على المستوى المحلي فهنالك جهود جبارة تُبذل من جميع قطاعات وزارة الصحة وهيئة الغذاء والدواء والمنظمات التطوعية حيث قام قطاع الدواء بالهيئة مؤخراً بإنشاء وحدة تدعى قافلة التثقيف الدوائي والمركز الوطني للتيقظ والسلامة الدوائية، وكلاهما يندرج تحت مفهوم الثقافة الدوائية، ولكن يظل الوقت عاملا مهما لإنجاز أهدافهما. فعلى سبيل المثال كشفت صحيفة الشرق تقريراً (العدد48 بتاريخ 21/1/2012) عن ظاهرة انعدام الثقافة الدوائية للمواطنين قد تصل إلى 75% في إحدى مدن المملكة مُستنِدة على تفشي استعمال المقويات الجنسية، والتي غالباً ما تؤخذ بناء على خبرات أو استشارات الأصدقاء دون الدراية بالمضاعفات الجانبية التي تحدث من هذا الدواء لمرضى القلب، وهذا يعتبر أحد المفاهيم الخاطئة للأدوية والتي يجب على مراكز التثقيف نشر الوعي بعدم استخدامها إلا بوصفة طبية. العامل المهم الذي يدفع بسهولة الحصول على مثل هذه الأدوية انتشار الصيدليات الخاصة بشكل واسع قد تتجاوز أكثر من خمس صيدليات في الشارع الواحد، فبهذه الطريقة يصعب العمل على آلية تطوير مفهوم الثقافة الدوائية في مجتمعنا إلا بالبدء بتقنيين انتشارها. والمثير للجدل هنا أن نسبة ضئيلة من الصيادلة الذين يعملون في هذه الصيدليات لديهم العلم بآلية الإبلاغ عن الآثار الجانبية للأدوية، وهذه دراسة قام بها البرفيسور صالح باوزير كانت تتضمن دراية الصيادلة في الصيدليات الخاصة التابعة لمدينة الرياض عن كيفية الإبلاغ عن أي أثر جانبي قد يحصل للمريض، حيث شملت قرابة 240 صيدلية خاصة تجاوبت مع استبيان هذه الدراسة نحو 172 صيدلية، علماً بأن القائم على أدائها غير السعوديين بنسبة 99% فكانت نسبة الصيادلة الذين لديهم دراية في آلية الإبلاغ عن الآثار الجانبية للأدوية بنسبة 29% من عدد الصيادلة المشاركين في هذه الدراسة وأن بنسبة 86.8% لديهم العلم أن الإبلاغ عن الآثار الجانبية للأدوية يعتبر أحد واجبات الصيدلي فقط وليس لديهم العلم عن كيفية الإبلاغ في هذا الجانب في المملكة العربية السعودية.   ففكرة العمل على تثقيف المجتمع مطروحة لدينا، ولكن نطمح بأن ترتقي للمستوى المطلوب  شاملة لأهداف منظمة الصحة العالمية ولا تقتصر على ذلك، وإنما العمل على  إنشاء قسم معني بمفهوم الثقافة الدوائية يمكن أن يسمى مركز التثقيف الدوائي، ويكون مرتبطا بالمدن الطبية الموجودة في كل منطقة من مناطق المملكة بإشراف من قبل المركز الوطني للتيقظ والسلامة الدوائية. ولا يمنع وجود رقم مجاني على مدار اليوم للرد عن أي استفسار متعلق بالدواء، ولا ينحصر فقط بذلك، وإنما القيام بعمل برامج متخصصة هدفها الأساسي نشر الوعي بين أفراد المجتمع من مخاطر استخدام الدواء بدون وصفة طبية من خلال المراكز التجارية والمراحل التعليمية بكافة مجالاتها، علما بأن هذه الفكرة تحتاج فترة من الزمن لتطبيقها. #معاً_للتثقيف_الدوائي.