صدفة مقصودة
ما أجمل تلك الصدف التي تحملك على جناحيها لتأخذك لأماكن وعوالم وأشخاص ومعارف لو أنك خططت ودبرت وبحثت لما وصلت لها بمثل هذا اليسر
الاحد / 9 / ربيع الأول / 1437 هـ - 12:30 - الاحد 20 ديسمبر 2015 12:30
ما أجمل تلك الصدف التي تحملك على جناحيها لتأخذك لأماكن وعوالم وأشخاص ومعارف لو أنك خططت ودبرت وبحثت لما وصلت لها بمثل هذا اليسر. فتجد نفسك فجأة تقابل شخصا يصافح روحك بسخاء ويحلق بك إلى عوالم جميلة من الألفة والتوادد. وتجد نفسك بدون تخطيط في حضرة سخية من المعلومات والمعارف التي تثريك وتحلق بوعيك إلى سماوات متعالية. والأجمل أن يلهمك الله الشعور بالامتنان والشكر فتجد نفسك تشعر بالحماس لرد الجميل فتعطي أكثر، تتسامى أكثر، وتؤمن أكثر فأكثر. قابلتها في إحدى الدورات التي أقامها مركزها واستفدت منها جدا. ثم قررت هي حضور البرنامج الذي أقدمه (تصميم المشاريع) والذي يهدف لمساعدة الأشخاص لتمكين ما سخرهم الله له من خلال تفعيل أفكارهم وتحويلها من حيز الخيال إلى حيز الواقع. في نهاية كل يوم من أيام البرنامج كنت أرى لمعانا جديدا في العيون التي كاد اليأس أن يبهت بريقها. وأسمع أصواتا تزداد نبرتها ثقة في قدراتها وفيما يوحيه الله لها من أفكار تنتظر أن تتحقق. ابتسمت هي لي في نهاية اليوم قبل الأخير، ثم قالت لي إنها ترغب باصطحابي في اليوم الأخير إلى برنامج فلسفي عن الحكمة يقام في قاعة أخرى في نفس المكان. والحقيقة أنه مع انشغالي في الحياة العملية منذ فترة لم يكن ليخطر على بالي أن أحضر برنامجا كهذا. ولأن اليوم الأخير تقدمه مدربة متعاونه قررت أن أجاملها وأصاحبها. جلست بجانبها في القاعة وسرعان ما تتالت الرسالات والتعزيزات بطريقة عجيبة لأمور كانت معلقة في رأسي. ففي صباح ذلك اليوم تعرضت لموقف ما، وكان تساؤل الحكمة منه ما زال يدور في رأسي. لأجد الإجابة تأتيني على طبق من ذهب. ثم فؤجئت أكثر حين استرسال الملقي في التبحر في معنى الحكمة وارتباطها الوثيق بالفكر والأفكار، لأكتشف ذلك التشابه الشديد في الأساسيات بين ما أقدمه في برنامجي العملي مع برنامجه الفلسفي والروحاني. فكأنما الله أحضرني إلى هناك ليعيد لي توازني من الإغراق في الشق العملي في الحياة ويؤكد لي أن الروح والجسد، والمعرفة والعمل وجهان لعملة واحدة. فأعود للقاعة وأعزز ذلك بالتالي للمتدربين. ليس هناك صدف، ولكن هناك نوايا تسوق التدابير والمواقف بحسب توجهها، مدى مقاومتها للخوف والكسل ومدى ارتباطها بخالقها. لذا أحضر نيتك معك حين تأتي. وخذها معك حين تذهب. حضرها منذ أن تفتح عينيك في الصباح، جهزها بأجمل الحلل وعطرها بالطيب والإحسان. فتجدها جاهزة حين تستحضرها في أي مكان. ويفوح عبقها فيستجلب لك كل الخير، ويسوق لك التجليات.