وزير التعليم: هؤلاء فشلوا قبلك

سنتجاوز المقدمات والرتوش ومساحيق التجميل للحقيقة المزعجة: ما زال أداء ملف التعليم غير مقنع لرأس الهرم السياسي، وتعيين د. أحمد العيسى الأسبوع الماضي يثبت صحة هذه الفرضية. ولا شك أنه ملف كبير وشائك، ولا بد للوزير إن أراد نجاح هذا الملف أن يضع أمامه ثلاث قضايا غاية في الأهمية.

سنتجاوز المقدمات والرتوش ومساحيق التجميل للحقيقة المزعجة: ما زال أداء ملف التعليم غير مقنع لرأس الهرم السياسي، وتعيين د. أحمد العيسى الأسبوع الماضي يثبت صحة هذه الفرضية. ولا شك أنه ملف كبير وشائك، ولا بد للوزير إن أراد نجاح هذا الملف أن يضع أمامه ثلاث قضايا غاية في الأهمية. أولا عدم الاستئثار بالقرار. هذه قضية وطن بأكمله، وأكبر خطأ ممكن أن يرتكب أن تترك المهمة فقط لخبراء من وزارة التربية والتعليم أو حتى التعليم العالي، بل الاستعانة بأفضل خبراء العالم - ميكنزي مثالا - وحدهم لن يكفي. لا بد أن يتم إشراك المجتمع في عملية الدمج، وتكون هناك ورش عمل ضخمة على مستوى الوطن الكبير، يشارك فيها الكبار والصغار، والمسؤولون من قطاعات داخل وخارج التعليم، ولا بد من أخذ رأي القطاع الخاص، والأهم محور العملية التعليمية: الطلاب والطالبات والمعلمون والمعلمات وأعضاء وعضوات هيئة التدريس؛ لأن هذا الوطن مليء بالخبرات والتجارب الثرية، التي لا بد من أخذ رأيها في الاعتبار. ثانيا، لا بد من المرحلية في الدمج. والمرحلية هنا يقصد بها طرفا المعادلة: المرحلية في الزمان والمكان. وهذا يعني أن يراعى عامل الوقت في الدمج، وأن يأخذ فترته الكاملة. وكذلك عامل المكان، فيبدأ ببعض المناطق المتوسطة والصغيرة قبل المناطق الكبرى المكتظة. ثالثا: الاستعداد الكامل للتحدي القادم، قبل أن تبدأ عملية التشريح. لا بد أن يكون الطاقم كاملا، ولن يكون كاملا حتى يكون الطاقم على دراية بطبيعة العملية وتفاصيلها واحتياجاتها قبل البدء. وتحديد ذلك يحتاج إلى الكثير من التعب والنصب. وكمثال بسيط وهامشي، يحتاج د. العيسى ورفاقه إلى إنشاء إدارة مستقلة معنية بإدارة تغيير ثقافة العمل، وأخرى لإدارة المشاريع، وثالثة لقياس وإدارة المخاطر، ورابعة وخامسة.. حتى تكون الأمور مخططا لها بشكل دقيق ومنهجي، لنخرج بأقل قدر ممكن من الخسائر، وبأحدث الوسائل الإدارية. ختاما كمتابع عن كثب لكثير من عمليات الدمج بين جهات مختلفة على الصعيدين المحلي والدولي، فإن غالب الدراسات الحديثة تشير إلى أن السواد الأعظم من تلك العمليات في قطاع إدارة الأعمال والشركات يفشل فشلا ذريعا، مع العلم أن لديها مقومات نجاح أكثر بكثير من القطاع الحكومي، كقلة البيروقراطية، وقلة عدد الموظفين، وسرعة اتخاذ القرار في الشركات، وتقارب الثقافة والآليات، وربما المنتجات التجارية، ومع هذا كله باءت عمليات دمج كثيرة بالفشل في شركات معروف أنها ناجحة جدا، كان آخرها الدمج بين كرستلر وموستنق، وفشلت لأسباب ليس هذا مكان ذكرها. فكيف إذن بدمج جهتين حكوميتين (ممتلئتين بالبيروقراطية والترهل)، وبينهما ثقافة إدارية مختلفة تماما، ومهام متباينة؟ علماء الإدارة يرون أن الوضع الحالي لدمج وزارتي التعليم العام والعالي لا يمكن أن ينجح إلا بالتحول لنظام لا مركزي.