الفتوى بين السلطة والمجتمع
السبت / 27 / ربيع الثاني / 1437 هـ - 22:15 - السبت 6 فبراير 2016 22:15
وجود رأي ديني أو فتوى داخل كتب قديمة أو معاصرة متفرقة هنا وهناك، لا يكون لها أهمية إلا إذا تجسدت في الوعي الجمعي، وأصبحت جزءا من الملامح التاريخية لحياة مجتمعات إسلامية متنوعة، تظهر في سلوكيات وأفكار المجتمع اليومي في اللباس والفن والتعليم والاقتصاد.
الآراء الدينية في تاريخ مجتمعاتنا الإسلامية، لا يظهر أثرها بقوة إلا عندما تصبح تحت رعاية سلطة ما في مرحلة تاريخية معينة. عند تأمل تطور كثير من الأفكار والمواقف من قضايا عديدة، أو البدع بالمفهوم الديني، سنجد أن الفتوى والرأي الديني لا يعمل في الواقع وحده، وإنما مع ظروف تفعيله في بعض المراحل الزمنية.
ولهذا كانت هناك منعطفات تاريخية كان للرأي الديني والفتوى تأثير حضاري، وجزء من التخلف أو التقدم حسب موقف السلطة منه، فتقدم العلم الطبيعي والفلسفي حدث في مناطق حضرية عديدة تاريخيا في مجتمعات إسلامية مبكرة بالرغم من الموقف غير المتصالح عند مدارس دينية عديدة مع هذه المجالات وتحقير لها، لأن السلطة لم تتبن رأيها، وفتنة خلق القرآن وتطوراتها ما زال أثرها التاريخي يعمل.
الموقف الديني المبكر مع بداية ظهور المطبعة في عصر الدولة العثمانية، ظهر تأثيره السلبي لفترة من الزمن لأن السلطان العثماني أصدر فرمانا لتحريم الطباعة على رعاياه المسلمين، والأمثلة التاريخية التي تبين كيف ومتى كانت بعض الآراء الدينية مؤثرة في تطور أو تخلف تجمعات إسلامية منذ العصر المبكر إلى مرحلة الانحطاط الحضاري مرورا بعهد الاستعمار ومقاومته.
عمليا يصعب حصر كل المقولات والآراء الدينية التي قيلت حول كل شيء في حياة المجتمعات الإسلامية في الماضي والمستقبل، وسنجد مختلف الآراء المتسامحة والمتشددة في كل قضية. ما يهم في إطار رؤية حركة المجتمعات ومشكلات التقدم والتخلف ليس مدى صحة هذه الآراء شرعيا، وفق رأي هذا المذهب أو هذه المدرسة، وليس مدى تسامحها أو تشددها، وإنما مدى حضورها في الواقع التاريخي، وتأثيرها على الوعي بحيث أصبحت جزءا من ثقافة هذا المجتمع أو ذاك في حياته اليومية.
كل مسار في حضاراتنا الإسلامية له خطه التاريخي وتحولاته في الواقع، إحدى مشكلات الخطاب النقدي المعاصر للفكر الديني هو خلطه بين درجة تأثير هذه الفتاوى والمقولات الدينية في مسار المجتمعات العربية والإسلامية، مما أدى إلى فقدان حساسية التمييز بين المؤثر الحقيقي والمؤثرات الهامشية للأخطاء.
إحدى الموضات التي ظهرت في السنوات الأخيرة لدى مستجدي الثقافة هي الهوس بالتقاط رأي ديني هنا وهناك بين بطون الكتب، ليتندر بها، دون منهجية نقدية، حتى تكون عملا تنويريا حقيقيا، وكلما كانت هذه الآراء الفقهية تبدو مضحكة بمعايير اللحظة الزمنية التي نعيشها، فإنها تكون أكثر إغراء للاستشهاد والاستعراض الكلامي في الحديث عن تخلفنا وتخلف الفتوى والخطاب الديني.
ليست هناك مشكلة في نقد أي خطاب وتفاصيل محتواه بما فيه الخطاب الوعظي المشوه بأخطاء عديدة، لكن التندر وحده لا يصنع وعيا، عندما يكون فقيرا بلا رؤية منهجية. ومع تطورات تطبيقات إعلام التواصل الاجتماعي أصبحت عملية الاقتباسات العابرة أكثر فعالية وانتشارا لصناعة التندر.. حيث يرافقه تسطيح فكري شديد لرؤية الخلل الحضاري والديني الحقيقي.
منذ نصف قرن هناك كثير من الآراء الفقهية والفتاوى التي لها علاقة بسلوكيات وحياة الفرد في تجربتنا المحلية، سنلاحظ أن الرأي الديني نفسه لا يكون قويا في التأثير على المجتمع إلا إذا تبنته الرؤية الرسمية، فالمجتمع في كثير من مكوناته لا يستجيب لكل تفاصيل التحذيرات الدينية والفتاوى التي تصدرها عادة جهات رسمية للفتوى، كما نجد في الموقف من البنوك والتلفزيون والتصوير والموسيقى والفضائيات والسفر للخارج وكرة القدم وبعض الألعاب، وكثير من قضايا اللباس وموضوع الحجاب وتوابعه وغيرها.
هناك قائمة كثيرة من التحذيرات التي تشغل الوعاظ في منابرهم، والدعاة.. ومع ذلك استطاع المجتمع تاريخيا التعايش مع هذه الأمور واختارها بطريقته الخاصة، عندما لم يحدث تدخل إداري بمنع تداولها، حيث تتغير مفاهيم العيب والخطأ بين مرحلة وأخرى في المجتمع.
الآراء الدينية في تاريخ مجتمعاتنا الإسلامية، لا يظهر أثرها بقوة إلا عندما تصبح تحت رعاية سلطة ما في مرحلة تاريخية معينة. عند تأمل تطور كثير من الأفكار والمواقف من قضايا عديدة، أو البدع بالمفهوم الديني، سنجد أن الفتوى والرأي الديني لا يعمل في الواقع وحده، وإنما مع ظروف تفعيله في بعض المراحل الزمنية.
ولهذا كانت هناك منعطفات تاريخية كان للرأي الديني والفتوى تأثير حضاري، وجزء من التخلف أو التقدم حسب موقف السلطة منه، فتقدم العلم الطبيعي والفلسفي حدث في مناطق حضرية عديدة تاريخيا في مجتمعات إسلامية مبكرة بالرغم من الموقف غير المتصالح عند مدارس دينية عديدة مع هذه المجالات وتحقير لها، لأن السلطة لم تتبن رأيها، وفتنة خلق القرآن وتطوراتها ما زال أثرها التاريخي يعمل.
الموقف الديني المبكر مع بداية ظهور المطبعة في عصر الدولة العثمانية، ظهر تأثيره السلبي لفترة من الزمن لأن السلطان العثماني أصدر فرمانا لتحريم الطباعة على رعاياه المسلمين، والأمثلة التاريخية التي تبين كيف ومتى كانت بعض الآراء الدينية مؤثرة في تطور أو تخلف تجمعات إسلامية منذ العصر المبكر إلى مرحلة الانحطاط الحضاري مرورا بعهد الاستعمار ومقاومته.
عمليا يصعب حصر كل المقولات والآراء الدينية التي قيلت حول كل شيء في حياة المجتمعات الإسلامية في الماضي والمستقبل، وسنجد مختلف الآراء المتسامحة والمتشددة في كل قضية. ما يهم في إطار رؤية حركة المجتمعات ومشكلات التقدم والتخلف ليس مدى صحة هذه الآراء شرعيا، وفق رأي هذا المذهب أو هذه المدرسة، وليس مدى تسامحها أو تشددها، وإنما مدى حضورها في الواقع التاريخي، وتأثيرها على الوعي بحيث أصبحت جزءا من ثقافة هذا المجتمع أو ذاك في حياته اليومية.
كل مسار في حضاراتنا الإسلامية له خطه التاريخي وتحولاته في الواقع، إحدى مشكلات الخطاب النقدي المعاصر للفكر الديني هو خلطه بين درجة تأثير هذه الفتاوى والمقولات الدينية في مسار المجتمعات العربية والإسلامية، مما أدى إلى فقدان حساسية التمييز بين المؤثر الحقيقي والمؤثرات الهامشية للأخطاء.
إحدى الموضات التي ظهرت في السنوات الأخيرة لدى مستجدي الثقافة هي الهوس بالتقاط رأي ديني هنا وهناك بين بطون الكتب، ليتندر بها، دون منهجية نقدية، حتى تكون عملا تنويريا حقيقيا، وكلما كانت هذه الآراء الفقهية تبدو مضحكة بمعايير اللحظة الزمنية التي نعيشها، فإنها تكون أكثر إغراء للاستشهاد والاستعراض الكلامي في الحديث عن تخلفنا وتخلف الفتوى والخطاب الديني.
ليست هناك مشكلة في نقد أي خطاب وتفاصيل محتواه بما فيه الخطاب الوعظي المشوه بأخطاء عديدة، لكن التندر وحده لا يصنع وعيا، عندما يكون فقيرا بلا رؤية منهجية. ومع تطورات تطبيقات إعلام التواصل الاجتماعي أصبحت عملية الاقتباسات العابرة أكثر فعالية وانتشارا لصناعة التندر.. حيث يرافقه تسطيح فكري شديد لرؤية الخلل الحضاري والديني الحقيقي.
منذ نصف قرن هناك كثير من الآراء الفقهية والفتاوى التي لها علاقة بسلوكيات وحياة الفرد في تجربتنا المحلية، سنلاحظ أن الرأي الديني نفسه لا يكون قويا في التأثير على المجتمع إلا إذا تبنته الرؤية الرسمية، فالمجتمع في كثير من مكوناته لا يستجيب لكل تفاصيل التحذيرات الدينية والفتاوى التي تصدرها عادة جهات رسمية للفتوى، كما نجد في الموقف من البنوك والتلفزيون والتصوير والموسيقى والفضائيات والسفر للخارج وكرة القدم وبعض الألعاب، وكثير من قضايا اللباس وموضوع الحجاب وتوابعه وغيرها.
هناك قائمة كثيرة من التحذيرات التي تشغل الوعاظ في منابرهم، والدعاة.. ومع ذلك استطاع المجتمع تاريخيا التعايش مع هذه الأمور واختارها بطريقته الخاصة، عندما لم يحدث تدخل إداري بمنع تداولها، حيث تتغير مفاهيم العيب والخطأ بين مرحلة وأخرى في المجتمع.