الثانية

الحوت يأكل القمر.. والشمس للتنين

خرافة

من يستطيع أن يقنع الجدات أن ظاهرة الخسوف والكسوف هي كما حددها العلم الحديث، وليس للحوت علاقة في «أكل القمر»، ولا التنين يأكل الشمس فتنكسف، إنها محاولة يائسة بالطبع، ففي مجتمعات قديمة حتى قبل الإسلام، كانت الجدات تعتقد أن الخسوف هو قدرة الحوت على تطاول عنان السماء ليأكل القمر، ولن يفرج عنه إلا بأناشيد أسطورية خاصة، من بينها ضرب المعادن والطبول بغية رضا الحوت عن القمر ليعود للحياة من جديد. هذه الأسطورة التي سرت في مجتمعات كثيرة، لم يجد لها أحد تفسيرا في الارتباط بين الحوت والقمر، غير ما حيك من تخيلات عن القمر وتأثيره على حياة الإنسان، وقد كان عرب الجاهلية الأولى يعتقدون أن القمر في ضائقة أو أسر، فكانوا يضربون بالمعادن محدثين ضجيجـا وجلبة، ويقولون: يا رب خلـصه، ثم إنهم يعتقدون أن الضجيج الصادر من الطبول يؤذي الحوت، ويجعله يلفظ القمر من فيه. والحال نفسه مع الكسوف وعلاقته بالتنين «الذي تستمر محاولاته للقضاء على الشمس، لكنها تبوء كلها بالفشل منذ عصر الكنعانيين، ويصاحب ذلك متابعة للون الكسوف والخسوف، فإذا كان اللون البارز أسود مثلا لشدة الكسوف ضربوا يدا بيد وقالوا إن مرضا في طريقه إليهم، وإن كان اللون أحمر فهذا يدل على الدم، فلا بد من أن حربا مقبلة تسيل فيها الدماء كما يسيل الماء في النهر، وإذا مست الحامل بطنها عند خسوف القمر ولد الجنين ونصف وجهه أسود، أما إن مستها عند كسوف الشمس فإنها تلد طفـلا أحمر الوجه، ولمقاومة السحر فإنهم يضعون طستا به ماء طيلة فترة خسوف القمر مع قراءة أذكار خاصة، معتقدين أن ذلك يجعل ماء الطست «بطل» ناجع في إبطال كل سحر إذا استحمت به المرأة المتزوجة.