الرأي

برلمان فشنك

شاهر النهاري
يدور في الأجواء الاجتماعية الحوارية في السعودية اعتقاد بأن التويتر يتمثل كالبرلمان للشعب السعودي!

فكثير من الأمور أصبحت تناقش عليه بانفتاح، وكثير من الأمور تتم معالجتها من قبل المسؤولين بمجرد انتقادها على صفحات التويتر.

بعض المسؤولين أصبحوا يهتمون بالتويتر أكثر مما ينتبهون لمتطلبات أعمالهم، لخوفهم الشديد من أن يحرق أعمالهم هاشتاق يسلط الضوء عليهم، وعلى نقاط تقصيرهم، وكأنهم ببساطة قلبوا مرجعياتهم.

كل ذلك يحدث في التويتر، ليتصدر السعوديون الهاشتاقات العالمية في كل يوم.

ولكن، ودعونا نقف قليلا عند لكن؛ فحيرة مقلقة تبادر إلى ذهني كلما تابعت ما يحدث؛ فهل من يستخدم التويتر هم سعوديون حقيقة، وهل كل هاشتاقاتهم سليمة المنشأ والمغزى، وهل فعلا أنها تمثل شعبنا، بحيث يصبح ذلك برلمانا سعوديا!؟

ولتحليل ذلك، دعونا نستقرئ بعض النقاط المهمة:

1. معظم الهاشتاقات مكتوبة بلغة ركيكة، وربما تحتوي على حس خارجي، أو لهجة مراهق خليجي، أو لكنة تدل على تصنع اللهجة.

2. معظم من يقودون الهاشتاقات، شخصيات وهمية بأسماء مستعارة، وربما أنهم يستخدمون حسابات جديدة، تُفعل لغرض معين، ثم لا تلبث أن تختفي.

3. نصف التغريدات، تستجر دعايات ترويج بضائع، ومقاطع إباحية، ودعايات لتجارة وهمية، وغيرها، مما لا يمكن الاعتداد به.

4. معظم الهاشتاقات وخاصة ما يدور حول شخصية معينة، إما بذمها، أو مدحها، تكون صادرة من أحد متابعي أو أعداء هذه الشخصية، بحيث إذا عرف السبب، بطل العجب.

5. سير القطيع يكون واضحا في تلك التغريدات، دون هدى، فسرعان ما يجفل القطيع بكلمة، أو بهجمة ذئب تويتري، فينقلب المسار للجهة المعاكسة.

6. بث سموم الطائفية، والمذهبية، والعنصرية من خلال هاشتاقات قد لا تمت لموضوع الهاشتاق بصلة، ولكن الأمزجة المريضة تحاول استغلال كل فرصة سانحة للتعبير عن حقدها.

7. يتم كيل التهم على الحكومة السعودية، ومن ثم الدفاع عنها بشراسة، وبلغة لا تدل على طبيعة الشعب السعودي، ومما يدل على أن المغرضين كثر، وأن المجال يسمح بالتمادي، لما بعد الحدود، ودون منطق.

8. ما نشاهده حول الهاشتاقات من جدل، ومفردات، ومن تدن فكري لا يمكن أن يمثل في نظرنا الأسرة السعودية المحافظة، ولا المجتمع السعودي بحذافيره، مع أنه يصور للآخرين أن هذه هي حياتنا، وهذه هي مجتمعاتنا، وهذه هي أفكارنا.

9. السخافة الشديدة فيما يبرز، وينفجر ويستمر في أكثر الهاشتاقات التافهة، وهذا دليل على انعدام المنطق في ذلك.

وبناء على ذلك وسواه، فأظن التويتر ما هو إلا برلمان فشنك، لا يمثل الشعب السعودي، وأتمنى من المسؤولين عدم التواجد على صفحاته بكثرة الراغبين في تأطير شهرتهم، على حساب منهجية وآلية أعمالهم المطلوبة.

كما نتمنى من فئة الشباب السعودي عدم المبالغة في تتبع كل هاشتاق، سواء كان حميدا أو مذموما، لأنهم بذلك ينتجون عنا وعن وطننا صورة للقطيع الذي وجد الماء والمرعى، فلم يعد يبحث إلا عن رفاهية التنافس على قول الكلمة، مهما كانت سيئة المحتوى، مفسدة للذوق، مقلقة لدولتنا، ومكثفة للحيرة، في وقت يحتاج فيه بلدنا لكل فكر بناء، ولكل دعم، ولكل نظرة عقلانية رصينة للخروج من عنق الزجاجة.

shaher.a@makkahnp.com