أعمال

الشورى متمسك بإجازة اليومين

فيما تمسك مجلس الشورى أمس -وللمرة الثالثة- باعتماد خيار الـ40 ساعة عمل أسبوعيا لموظفي القطاع الخاص ويومي إجازة، منح وزير العمل صلاحية التدرج في التطبيق على القطاعات المختلفة بحسب المصلحة.

وطبقا لرأي لجنة الإدارة والموارد البشرية في مجلس الشورى، والذي صوت المجلس بالموافقة عليه، واطلعت «مكة» على نسخة منه، فإنها اقترحت أن يسري التطبيق في قطاع المقاولات والصيانة على العقود الحكومية الجديدة فقط، وألا يكون ملزما بالنسبة للعقود القديمة، درءا للهدر الاقتصادي.

وكانت لجنة الإدارة والموارد البشرية درست المعاملة المحالة إليها من رئيس مجلس الشورى بناء على برقية رئيس الديوان الملكي وقررت التمسك بقرار مجلس الشورى السابق رقم 149 وتاريخ 341435هـ حيال المواد (104،100،98) وعدم الموافقة على تعديل المادة 99، للعديد من الأسباب، يأتي في مقدمتها أن قرار تعديل هذه المواد كان في سياق مجموعة واسعة من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والقانونية والإدارية والإجرائية والتي تهدف إلى تنويع بنية الاقتصاد السعودي وتهيئته للتحول إلى الاقتصاد المعرفي وتحسين مقومات تنافسية الاقتصاد السعودي مقارنة بالدول الأخرى وزيادة جاذبية الاقتصاد المحلي للاستثمار والتنافسية وفي الوقت نفسه زيادة قدرة الشركات الوطنية على جذب المواطنين للعمل فيها بدلا من القطاع العام.

ورفضت لجنة الإدارة والموارد البشرية المسوغات التي أوردها خطابا مجلس الغرف السعودية والغرفة التجارية الصناعية في الرياض، فيما يتعلق بخصوصيات الاقتصاد السعودي في اعتماده المرتفع على العمالة الأجنبية وبخاصة في بعض القطاعات مثل قطاع المقاولات، وما يعنيه ذلك من استفادة العمالة الأجنبية من تخفيض عدد ساعات العمل بشكل قد يضر بالاقتصاد السعودي.

تصحيح جذري لميزات العمل

ولفتت لجنة الإدارة والموارد البشرية في قرارها الذي أيده مجلس الشورى بالأغلبية أمس إلى أن تعديل الفجوة الكبيرة في توظيف العمالة الوطنية في القطاع الخاص وإيجاد آليات لتحفيزه للعمل فيه كبديل واقعي بدلا من عمله في القطاع العام، هو أحد أهم ركائز التصحيح المطلوبة في الاقتصاد السعودي الذي لا يمكن الوصول إليه بدون تصحيح جذري للميزات النسبية للعمل في القطاع العام مقارنة بالقطاع الخاص.

ورأت بأن ساعات العمل في القطاع العام تبلغ 35 ساعة أسبوعيا مقارنة بـ48 ساعة في القطاع الخاص، وهو ما اعتبرته فرقا شاسعا مما يجعل من الـ40 ساعة الحل الوسط الحقيقي وليس الـ45 ساعة كما يقترح البعض.

البطالة تؤدي للجريمة

وخطأت اللجنة من يعتقد بأن تخفيض عدد ساعات العمل سيؤدي إلى الفراغ والجريمة، مؤكدة أن عدم إيجاد حلول متزنة لتوليد الوظائف اللائقة والقضاء على البطالة من خلال الدعم المتزن أو نظام العمل بالشكل الصحيح بين حتميات تشجيع الاستثمار وما يحتاجه المواطن لتحفيزه للعمل في القطاع الخاص هو الخطر الحقيقي والمؤدي للفراغ والجريمة.

ويبدو بأن مجلس الشورى ومن خلال قراره يتجه نحو مواكبة التوجه العالمي في مسألة إقرار إجازة اليومين، حيث -وكما تشير لجنة الإدارة وتنمية الموارد البشرية- إن مجلس إدارة منظمة العمل الدولية قررت طرح موضوع خفض ساعات العمل على مؤتمرها الذي سينعقد في عام 2017، للبت فيه، وهو ما يزيد من ضرورة الحسم في تعديل بنود النظام بدون تأخير حتى وإن رغبت الوزارة في التدرج بتطبيقه على مراحل مختلفة.

مميزات إجازة اليومين

حددت دراسة لجنة الإدارة والموارد البشرية بمجلس الشورى العديد من المميزات لإجازة اليومين، أبرزها:
  1. مساهمته في سياسات التنوع الاقتصادي وبخاصة في مجالات بيع التجزئة والخدمات ومجال الضيافة.
  2. زيادة من صرف العمالة الأجنبية محليا، حيث يتمتع الجميع ومنهم العمالة الأجنبية بوقت فائض أكثر للتسوق والخروج مع أسرهم للترفيه والتنقل وزيارة المدن.


هل يؤدي خفض الساعات لتراجع الإنتاجية؟

لا تتفق لجنة الإدارة والموارد البشرية مع هذا الطرح الذي خلص إليه مجلس الغرف في خطابه المرفوع إلى المقام السامي لإيصال وجهة نظر قطاع الأعمال هو ذلك، مؤكدة أن هذا الرأي لا يتفق مع الدراسات العالمية، والتي تقول إن خفض ساعات العمل الطويلة والمرهقة غالبا ما يزيد الإنتاجية بشرط النظر في منظومة التحفيز وتحريرها من إطار الساعات وربطها بالمخرج النهائي للمؤسسات مباشرة.

مقولات لأعضاء شورى حول القرار:

«معظم دول العالم تطبق تخفيض ساعات، والمجلس سابقا وافق على هذا التخفيض والتركيز على الإنتاجية وتوحيد ساعات العمل بين القطاعين العام والخاص سيخلق بيئة تنافسية جاذبة».

الدكتور حاتم المرزوقي

«رجال الأعمال المعارضون للقرار يبحثون عن كروت العائلة لضم أفراد العائلة للتوظيف، وذلك ليكون هناك سعودة ونحن نعرف أن السعودة الوهمية خيانة للوطن، ووزارة التجارة كانت تسمى سابقا وزارة التجار، لأنها تخدم هذه الفئة».

الدكتور فايز الشهري

«مجلس الشورى أشبع الموضوع دراسة مستفيضة والمصلحة الوطنية تستوجب الإصلاحات والتعديلات التي تمكن من سعودة القطاع الخاص بشكل أكبر».

الدكتور مشعل السلمي

«قرار تعديل المواد جاء في سياق مجموعة واسعة من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية والقانونية والإجرائية، وسيخفف الآثار السلبية على ترابط الأسرة وتربية الأبناء خاصة بالنسبة للمرأة العاملة ويزيد من فرص العمل للمرأة».

الدكتور عبدالله الحربي

لماذا رفض حل الـ45 ساعة البديل؟

خلصت هيئة الخبراء إلى الأخذ بالرأي الخاص بإقرار 45 ساعة عمل عوضا عن مطلب قطاع الأعمال المتمثل الذي كان يدفع لاعتماد 48 ساعة عمل يوميا، وهو ما رفضته لجنة الإدارة والموارد البشرية بمجلس الشورى، مصرة على أن الخيار الأنسب هو 40 ساعة عمل في اليوم، للأسباب التالية:
  1. - تقليص ساعات العمل من 48 ساعة يوميا إلى 45 غير كاف، حيث إن ساعات العمل اليومية ستكون 9 ساعات، وهذا غير واقعي في ضوء اعتماد الأسرة بعد العودة للمنزل لقضاء حاجاتها من التسوق والإيفاء بالتزاماتها الاجتماعية والأسرية.
  2. - عدم اتفاق أطراف الحوار الاجتماعي على عدد الساعات المخفضة، حيث أصر أصحاب الأعمال على 45 ساعة كحد أقصى بينما لم يقبل العمال بأكثر من 40 ساعة واللجنة بعد دراسة مستفيضة ترى التمسك بقرار مجلس الشورى السابق، حيث إن رأي الحوار الاجتماعي لم يتفق على عدد الساعات.
  3. - إمكان معالجة ما ذكر في خطابي مجلس الغرف وغرفة الرياض من خلال التدرج في تطبيق النظام بعد إقراره.
  4. - اللجنة تؤكد أن الغرض من تخفيض ساعات العمل إلى 40 ساعة هو الوصول إلى التوازن الاقتصادي الاجتماعي الأمثل لشرائح المجتمع كافة، وليست التنمية الاقتصادية بمعزل عن التكافؤ الاجتماعي الملازم لها أو على حساب مصلحة شرائح عديدة في المجتمع ستتضرر من عدم توطين الوظائف في القطاع الخاص بالسرعة المطلوبة.
  5. - ثبت أن ساعات العمل الطويلة هي من أهم أسباب عزوف الشباب من أبناء الوطن عن العمل في القطاع الخاص.
  6. - ساعات العمل الطويلة لها آثار سلبية على ترابط الأسرة وتربية الأبناء خاصة بالنسبة للمرأة العاملة وهي تحد من فرص عمل المرأة عموما، كما أن ساعات العمل الطويلة تؤثر سلبا على الارتباطات الاجتماعية في مجتمع لا يزال متمسكا بالعلاقات الاجتماعية على جميع المستويات بين أبناء الأسرة والحي والمدينة والقبيلة.