معرفة

باحث يرصد مسيرة 1400 عام لسوق القماشة التاريخي بالمدينة

u062cu0627u0646u0628 u0645u0646 u0633u0648u0642 u0627u0644u0642u0645u0627u0634u0629 u0642u062fu064au0645u0627 (u0645u0643u0629)
يرصد الباحث سعود عبدالغني مسيرة سوق القماشة التاريخي أحد أشهر أسواق المدينة المنورة من القرن الأول وحتى 17 رجب 1397هـ حين توقف عن النبض مع الحريق الذي نشب في أرجاء السوق ليختفي معه عن الوجود، ويسدل الستار على فصل مهم من فصول تاريخ طيبة الاقتصادي والاجتماعي.

ويبرز عبدالغني عبر دراسة له بعنوان «سوق القماشة تاريخ.. سقط من ذاكرة التاريخ» شهادات وروايات عدد من شهود عيان واكبوا مسيرة السوق، مضمنا دراسته صور نادرة من داخله، ومعلومات عن دكاكينه وتجاره وصور شخصية ينشر بعضها للمرة الأولى.

جمعية للصاغة

ونشر الباحث عددا من الوثائق التي تعرض للمرة الأولى بينها وثيقة بتوقيع ما عرف حينها بأعضاء المهنة والجمعية العمومية للصاغة والجوهرجية في سوق القماشة بتاريخ 21/‏‏4/‏‏1365هـ على شهادة إتمام دراسة عمل الصياغة والجوهرجية بالمدينة المنورة للشيخ محمد عودة الجوهرجي.

وتحتوي دراسة عبدالغني كما قدمها لـ»مكة» على أكثر من 300 رسم وصورة قديمة وحديثة، رسم للسوق ومساره بالكامل، ومداخل الأزقة الموجودة به ومواقعها تحديدا من بدايته لنهايته.

سجل تاريخي

تمثل الدارسة ذاكرة اجتماعية للمدينة ومرجعا وسجلا اقتصاديا لتجار سوق القماشة خلال القرن الـ14 الهجري، حيث وردت فيها أسماء عشرات الشخصيات والأسر بالمدينة وممن أقاموا فيها وعرضت لطبيعة العملات النقدية المستخدمة على امتداد الحقب التاريخية، كما صحح فيها الباحث معلومات خاطئة نشرت عن السوق، وأشار إلى العلاقات والروابط الاجتماعية بين السكان والتجار وتتطرق لمقاهيها.

البلاط الأعظم

يعد سوق القماشة كما يرى عبدالغني جزءا مما كان يعرف في الماضي بـ»البلاط الأعظم» أو الشارع الأعظم.

وله أسماء عدة بينها: سوق الحدرة، جوة المدينة، الصاغة، العطارين وغيرها.

وذكر عبدالغني عددا من من مؤرخي المدينة بينهم: الشافعي، السمهودي، البلاذري، اللواء إبراهيم باشا، علي بن موسى الأفندي، اللواء أيوب صبري باشا، الشيخ عبدالقدوس الأنصاري، ضياء الدين رجب، محمد حسين زيدان، وغيرهم كثير من المستشرقين والمؤرخين القدماء والمعاصرين.

ويستدل الباحث بأقوال جملة من المؤرخين، بينهم المطري المتوفى في 741هـ عن محمد بن عمار بن ياسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلك إلى المصلى من الطريق العظمى على أصحاب الفساطيط ويرجع من الطريق الأخرى على دار عمار بن ياسر.

وينتهي عبدالغني إلى أن الطريق الأعظم أو الطريق العظمى هما طريق واحد وإن اختلف اللفظ بين مصدر وآخر، كونها في عهود مختلفة، وقد أدخل ضمن ذلك البلاط الذي أنشأه مروان بن الحكم.

حدود الطريق

ويبدأ ذلك الطريق من برحة باب السلام الواقعة غرب المسجد النبوي الشريف ويؤدي إلى برحة الباب المصري الواقعة شمال شرق مسجد المصلى، وكانت أرضه فضاء آنذاك، أي قبل بناء مسجد الغمامة في ما بعد.

وعرف هذا السوق بهذا الاسم طويلا واستمر يحمله حتى نهايته، وهو اسم قديم يمتد لأكثر من 430 سنة وربما أكثر، يؤكد ذلك ما ذكره الشيخ عبدالحق محدث دهلوي من علماء شبه القارة الهندية في كتابه «جذب القلوب إلى ديار المحبوب» وقد وثق فيه رحلته وزيارته إلى الأماكن المقدسة في 997هـ الموافق 1589م فقال «وأكبر شارع هنا يسمى شارع العينية حيث يوجد سوق القماشة»، ومما يبدو واضحا في كلامه ومن خلال التسمية أن السيطرة على هذا السوق كانت للقماشين.

وكان السوق يمثل ـ بحسب الباحث- مدينة داخل المدينة المنورة، حوت بضائع ونفائس ومعروضات، مما لا يخطر على بال وقد لا يوجد في أماكن أخرى، إضافة إلى دور العلم وطلابها وبيوت العوائل ومحلات التجار والوكالات ومستودعات البضائع، وهو أيضا المكان المفضل للمعتمرين والحجاج وأهالي المدينة طوال حقب تاريخية مديدة.

دكاكين السوق

ويعرض الباحث في كتابه الذي ينتظر صدوره قريبا لعشرات الدكاكين والمقاهي، كما يشير لعدد من المهن بينها: صانعو وبائعو العقل في سوق القماشة، صناعة وبيع الذهب والمجوهرات، القماشون، العطارون والعطرجية، النجارون، بائعو الأسلحة، بائعو الفضيات، وغيرها.