الرأي

إكرام النعمة

أرقام فارس

كثر الحديث هذه الأيام عن هدر الطعام وعدم احترام النعمة مع انتشار العديد من مقاطع «الهياط» والبذخ المخيف وبدأ البعض بإلقاء اللوم على بعض فئات المجتمع دون غيرها ولكن الحقيقة هي أننا جميعا نشترك في هذا الهدر والإسراف وللدقة فإن هذا الموضوع أصبح ظاهرة عالمية للأسف.

إحدى الدراسات البريطانية أشارت إلى أن ثلث المواد الغذائية المصنعة والمنتجة في العالم مصيرها سلة المهملات. توقعت أن هذه الدراسة مبالغ فيها حيث إن العديد من الدراسات تستهدف الإثارة للفت انتباه الناس نحوها، ولكن اطلعت على تقرير رسمي للفاو (منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة) أشار بكل وضوح أن 30% من الإنتاج الغذائي في العالم مهدر وينتهي به المطاف إلى النفايات. نسبة مخيفة فنحن هنا نتكلم عن 1.3 مليار طن من النفايات تقدر قيمتها الاقتصادية بأكثر من 1 تريليون دولار وهو ما يكفي لإطعام 800 مليون شخص حول العالم سنويا.

أما إذا نظرنا للموضوع داخليا فجمعية «إطعام» قدرت كمية الطعام المهدرة في المنطقة الوسطى بحوالي 12 مليون وجبة يوميا وفي المنطقة الشرقية بحوالي 4 ملايين وجبة يوميا. وأشارت إحدى التقارير لصحيفة مكة في هذا الشأن بأن فائض الطعام في مدينة مكة المكرمة كاف لإطعام 17% من أطفال 18 دولة نامية.

الأرقام خطيرة ومرعبة ودوام النعم لا يكون إلا بشكرها وإكرامها وليس بالعبث بها وتجاهل قيمتها في سبيل إظهار الكرم الزائف والهياط الجاهلي، فإحدى الجولات الميدانية لجمعية خيرية أشارت إلى أن فائض الأرز لإحدى المطاعم في مدينة الرياض يبلغ 100 كيلو يوميا وكمية فائض طعام أقل فرح لدينا كاف لإطعام 250 شخصا!

لا نحتاج للنظر لدول مثل العراق وسوريا ومقارنة كيف كانت أحوالهم في الماضي مقارنة باليوم، فآباؤنا وأجدادنا الذين يعيشون معنا اليوم يحكون لنا عن واقع عاشوه كان الوصول للأكل فيه محدودا وكانت المياه فيه شحيحة.

يجب أن نستوعب الأمر وأن نحرص على الطلب بكميات معقولة وأن نحترم فائض الطعام فالجمعيات الخيرية تعنى بالطعام غير الملموس وذلك لدواع صحية أما الطعام الملموس فهو مسؤوليتك أنت. ضروري أيضا أن نتذكر دوما قبل إعداد أو شراء الطعام، حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (طعام الاثنين يكفي الثلاثة وطعام الثلاثة يكفي الأربعة).