الرأي

نبراس.. الحصن الأمين

تفاعل

المخدرات تلك الآفة الخطيرة التي تسللت إلى كل المجتمعات على اختلاف ثقافاتها وطبقاتها الاجتماعية، مخلفة آثارا مدمرة على الصعيد الصحي والعقلي والنفسي والاجتماعي على الفرد والمجتمع، سم قاتل أفقد كل من تجرعه لذة العيش ووحدة الأسرة ونعمة الصحة والسلام الروحي والأمن الفكري، أسر تشردت وشباب أهدرت طاقاتهم وأطفال اغتصبت براءتهم وفتيات أصبحن ضحايا الانحلال والضياع.

إن قضية مكافحة المخدرات أصبحت قضية عالمية تناقشها الحكومات، وشغلت الرأي العام حيث تفنن تجار المخدرات بتسويقها وترويجها بطرق لا تخطر على بال، واختيارهم لضحاياهم بكل غدر وخبث، واقتناص الفرص مهددة أمن أمم وسلامة شعوب، وقد سخرت الدول كافة إمكانياتها المادية والبشرية لمحاربة هذه الآفة واتخاذ كافة الإجراءات الأمنية لمكافحتها.

وقد جاهدت المملكة العربية السعودية بشتى السبل لحماية أبنائها وشبابها من هذه الآفة القاتلة، حيث لا يخفى على الجميع أن بلادنا مستهدفة من أعداء يحاولون تدمير أبنائها واستغلال شبابها في الترويج لها، لأنهم يعلمون جيداً أن ثروات الشعوب تقدر بما تمتلكه من عناصر شابة طموحة قادرة على التغيير والعطاء،، وأن نهضة الأمم تكمن في الفكر البشري الفعال، وأن حجم الخسائر التي تحدثها المخدرات في المجتمع تكاد تكون مساوية لما تحدثه الحروب من دمار! حيث تعتبر سلاحا خفيا يحارب فيه الأعداء أبناء الأمة الإسلامية بالذات مستهدفين دينهم وأوطانهم.

ليأتي «نبراس» ذلك المشروع الوطني للوقاية من المخدرات تحت رعاية واهتمام صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز حفظه الله، ليعطي لهذا المشروع ثقلاً ورعاية خاصة، وهذا البرنامج بمثابة دعوة صادقة لتوحيد الجهود وتسخير الإمكانات البشرية والمادية لحماية أبنائنا من خطر المخدرات واستغلال وسائل الإعلام المختلفة لتعزيز القيم الإيجابية. وجاءت أهداف «نبراس» لترسم ملامح طريق البرنامج وتحدد معالمه المبشرة بالخير بإذن الله، حيث ركزت على دور أفراد الأسرة في المجتمع للتأكيد على الدور الوقائي الذي يعتبر الركيزة الأولى في محاربة المخدرات. وكذلك أكدت على أهمية المشاركة التطوعية لجميع أفراد المجتمع بكافة مؤسساته وتعزيز القيم الاجتماعية والأخلاقية، والتي من شأنها أن تكون الرادع الأول عن تعاطي المخدرات، فعندما يكون هناك وعي اجتماعي وحصانة ذاتية من الفرد فإنه بلا شك سيقل المتعاطون، وبالتالي تنخفض نسبة الجرائم المتعلقة بالمخدرات والتي تشكل نسبة كبيرة من حجم الجرائم المرصودة في المجتمع.

وقد تنوعت برامج «نبراس» لتكون بمثابة «طوق أمني» يحمي المجتمع ويحصنه بأسوار من الأمن والسلام والاهتمام، حيث شملت ثمانية برامج، منها برنامج الأسرة والطفل، برنامج البيئة التعليمية، برنامج نجوم نبراس، برنامج الإعلام والإعلام الجديد..الخ.

المخدرات قد توقدها شعلة سيجارة، والتدخين قد يكون مفتاح طريق لكل انحلال، وغياب الدور الرقابي للأسرة قد يكون بداية الضياع، وفقدان دور المربي الفاضل في المدرسة هو الداعم الأول للمخدرات، وتقصير وسائل الإعلام عن القيام بدورها الحقيقي في التوعية هو أكبر مغذ للمخدرات ومروجيها.

«نبراس» أضاء شعلته الأولى الأمير محمد بن نايف، وجاء دور كل منا ليسهم في نجاح هذا المشروع وتحقيق أهدافه لنحمي طفلاً في مدرسته يتزود بالعلم المفيد، وشابا في جامعته يتلقى كل ما هو جديد، وأبا في عمله يكسب العيش الرغيد، ولنحمي مجتمعا سيزدهر بإذن الله بمستقبل مشرق سعيد.