الرأي

«سيلفي» المواطن العربي!

يصير خير

أشغلتنا دول الديمقراطية - نحن العرب - بمكائدها السياسية ولغتها المواربة التي تبشرنا بالغد الأسعد «ديمقراطيا»، وتمنحنا ذات الوهم بعصور قادمة من الرخاء فيما هي تسعى بجهد حثيث لتشتيتنا حماية لمصالحها التي لا تعتبرها ناضجة ولذيذة الطعم إلا بمرورها على أجسادنا والتضمخ بدمائنا!

المصيبة ليست هنا؛ وإنما حين ينساق أقوام منا لذلك ويسلمون قيادهم لأحلام مخادعة؛ إذ (يقايضون قطرة ماء أوطانهم بأنهار سراب ديمقراطي)!

والدول المبشرة بالديمقراطية لا ترى غضاضة في الاستعانة بدول من شرقنا الأوسطي لتمنحها «حق الخربشة»، وتأدية المهمّة الأصعب عنها! تاركة لها حق حرية اللعب بدعاويها «الثورية» لتتعرى سياسيا على حسابنا نحن العرب، بل ويصل عهرها التخريبي لمقدساتنا كمسلمين!

المواطن العربي ذاته، ونتيجة ازدحام الأحداث المتلاحقة، أصبح «ستالايت» متنقلا! في عقله تعيش وكالات الأنباء ورسائل مواقع الأخبار الكارثية؛ فيما تتحول عيناه لنفس «الشريط العاجل» الذي تبث فيه قنوات الأخبار بلونه الأحمر الدامي أخبار الكوارث العاجلة.

هذا الوضع المركب جعل المواطن العربي يعيش في قلق دائم! أصبح حتى بحال ذهابه لغرفة النوم مجبرا على استرجاع تلك الأخبار وتحليلها، وهو ما يسهم لا في فشل العلاقات بين الزوجين وحسب، بل ينذر بحصول حالات جديدة من الطلاق بأسباب غامضة لا يستطيع تحليلها حتى الساعون لإصلاح ذات البين!

ولذا لا غرابة إن اعترت وجه العربي حالة من الكسل الظاهري صبيحة كل يوم لعدم تمتعه بنوم هانئ؛ لدرجة أنك تلوح له بـ«صباح الخير» فيرفع نظرة منطفئة نحوك ويرد: «كوابيس»!

يذهب للعمل بمزاج سيئ؛ وقبل عودته للبيت يعرج على السوق ليلقى أسعار الخضار واللحمة والفواكه غالية! يلتقط لنفسه «سيلفي» بوسط «حلقة الخضار» ويستعيض عن الشراء بمطالعة صحيفة ما، لا بقصد طلب الثقافة أو بحثا عن الأخبار - المزدحم بها كيانه - بل بحثا عن مقال ما ينتقد غلاء الأسعار الفاحش؛ وهو ما يمنحه إحساسا بأن الدنيا لا تزال بخير؛ بوجود من يشعر بهمومك كإنسان ويقوم بنشرها!