الرأي

أعضاء مجلس الشورى هل يرون ما نراه؟

قبل عشرين عاما كان راتب الموظف الذي يبلغ ثلاثة آلاف ريال يسد احتياجات أسرته من سكن وملبس ومأكل، أما اليوم فإن عشرين ألف ريال ما عادت تفي بالغرض.

ومهما تكن الأسباب فهذا هو الواقع، مما يدفع الموظفين مكرهين للاقتراض من البنوك أو الشركات والمؤسسات المالية التي تضاعف أرباحها مستغلة احتياج الموظف.

وفي كل عام يزيد مبلغ اقتراض المواطنين عن 300 مليار ريال. والنسبة المئوية لعدد المقترضين من الموظفين تصل إلى 90 % . إن هذه الأرقام عالية جدا وتؤكد وجود عجز مالي لدى الموظفين بكل فئاتهم، المتدنية رواتبهم أو العالية.

نعم، نحتاج إلى تكثيف جهود التوعية الإرشادية لطرق الاستهلاك المعيشي، لكن هذا لا يكفي بالتأكيد. لا بد من دخل آخر للموظفين يغنيهم عن الحاجة للاقتراض، ويريحهم من عناء الاستقطاع البنكي الذي ينهش في الرواتب كنهش قطيع الذئاب في ضعاف الخراف.

ولا أدري أي وجهة نظر لدى مجلس الشورى تلك التي توقفه حتى عن دراسة مقترح لتعديل نظام الخدمة المدنية لصالح الموظف، بحيث يسمح له بمزاولة العمل التجاري بجانب وظيفته الحكومية.

حتى متى نتمسك بقوانين وأنظمة تخنق المواطن بداعي الانضباط والمسؤولية؟ ولمَ نكره المواطن على الالتفاف خلف الأنظمة للتحايل عليها ومخالفتها من خلف الستار؟

إن الوظائف الحكومية من أكثر الوظائف قلة في عدد ساعات العمل والانضباط الحضوري والعمل الجاد، مقارنة بالوظائف في القطاع الخاص، ورغم ذلك نرى موظفين في القطاع الخاص يزاولون العمل التجاري بنجاح مع نجاحهم في أداء وظائفهم.

إن دوام المعلمين وأغلب الموظفين ينتهي في الساعة الواحدة إلى الثانية ظهرا كحد أقصى، إلا إذا كان مجلس الشورى لديه نظام يحوي اثنتي عشرة ساعة في اليوم بدلا من أربع وعشرين، فهذا أمر مختلف ونجد لهم العذر أخيرا!

الجميع يعلم بالتحايل على الأنظمة، وهذا يستنزف الموظف ويجعله عرضة للاستغلال. والكثيرون تقف هذه الأنظمة التعجيزية عثرة أمام بناء مستقبلهم.

وأغلب أعضاء مجلس الشورى لديهم وظائف وأعمال أكثر بكثير من مزاولة التجارة، وهم ملتزمون بها، أم إنهم صنف آخر من البشر لا يجوز أن نقيس عليهم؟

وقد سمعنا بالقرار الذي قد يصدر قريبا ويلزم فيه أصحاب المحلات بإغلاقها عند الساعة التاسعة ليلا، ألا يستدعي ذلك إعادة النظر في الموضوع من جديد؟

أنا معلمة وأريد أن أفتتح محلا تجاريا يعينني دخله على قضاء احتياجاتي المالية، فهل هذا يستدعي وقوفي على العمال طيلة الوقت ومشاركتهم في بيع الأطعمة أو البضائع للزبائن؟

إن حفظ حقوق العمل على حساب حقوق الموظف استهتار بشرعية مجلس الشورى الذي أنشئ ليكون عونا للمواطن بناء على ما يشهده الواقع.

أما مجلس الشورى ـ للأسف ـ فهو يُزين به الحائط الذي يحتاج لتجميل، فليس للمنظر سوى الشكل والتأمل، دون أن يشبع جائعا أو يلبس عاريا، وكأن أعضاءه أصابهم الصمم أو العمى، لهذا هم عاجزون عن رؤية أو سماع شيء من الواقع.