الرأي

هل مجتمعاتنا لئيمة كما يقول «الوردي»؟!

يصير خير

في مقالة للرفيق الشمالي «صالح الشيحي» عنوانها «هايط حتى أراك» انتقد الانتقائية بالتركيز على «هياط المساكين» واستهجان ذلك منهم مقابل السكوت عن تبذير الأغنياء؛ وساق ـ حفظه الله - جملة أمثلة من الواقع توضح وجهة نظره؛ وفي ذات السياق قرأت قبل مقالة الشيحي لجاري «الشرقاوي» بالصفحة الأخيرة من هذه الصحيفة «عبدالله المزهر» مقالة تناقش نفس الفكرة وتصب في ذات الاتجاه!

والحقيقة أن هاتين المقالتين قد ذهبتا بي بعيدا؛ لا في موضوع «الهياط» ولكن في الأسباب التي تجعل من «ذنوب» الأثرياء حسنات، فيما ترقى ذنوب البسطاء والفقراء لعظائم الأمور ودعوات الويل والثبور!

وسأبدأ من اللغة ذاتها لنجد أن كلمة «ثري» مليئة بالثراء اللغوي تفخيما! حيث تبدأ بأول حرف عليه ثلاث نقاط وهو حرف «الثاء»! إنك لن تجد حرفا يشترك مع هذا الحرف سوى حرف «الشين»! وعند نطق الكلمة نجد الامتلاء في هذا الحرف العجيب لدرجة أنك لو كنت عارفا بالـ«طيف» لرأيت «السمن والعسل» يندلقان من حواف هذا الحرف المدهش، وربما هذا هو السر في ملامسة لسانك أطراف «ثناياك العليا» عند نطقه!

أما الحرف الأول من كلمة «فقير» وهو حرف «الفاء» فإنك حين تنطقه تشعر للوهلة الأولى وكأنك تتبرأ من الحرف بقذفه للفضاء ليدركه التبخر! حرف الفاء هذا حرف مغلق بإحكام ولن تستطيع الخروج منه، يظل جاثما على صدرك و«فانيلتك الداخلية» ـ كالجاثوم - ذلك أن ليس فيه مخرجا للطوارئ!

خروجا من اللغة ورحابة الغنى وضيق الفقر أنتقل لسؤال: ما الدافع لهذا الهياط؟! وكإجابة لا أتردد في نقل رأي المفكر علي الوردي الذي يقول فيه: (إن مجتمعنا اللئيم يخلق أسباب الفقر والعاهة من جهة، ثم يحتقر المصابين بهما من الجهة الأخرى، وبذا ينمي فيهم عقدا نفسية لا خلاص منها)! فلنسحب ذلك على «الهياط» إذن!

haddadi.m@makkahnp.com