السعودية والمسؤولية التاريخية إزاء العراق
الأربعاء / 17 / ربيع الثاني / 1437 هـ - 21:45 - الأربعاء 27 يناير 2016 21:45
سئل نيلسون مانديلا ذات يوم عن العراق، ولماذا لم يكن هناك مانديلا عراقي كزعيم روحي يجتمع عليه العراقيون بعد صدام، فأجاب «لأن صدام لم يبق مانديلا عراقيا إلا وأعدمه». اتضح ذلك جليا بعد سقوط بغداد، فكل الأشخاص والهيئات الذين اجتمعوا حول بول بريمر وادعوا أنهم معارضة وطنية لم يكونوا في حقيقتهم إلا مجموعة من أصحاب المصالح. ننظر جميعنا إلى أكثر من عقد ونصف من حكم هؤلاء للعراق بعد الاحتلال، والنتيجة كما نراها فساد ودمار وفشل وعودة إلى ما قبل عصر الصناعة.
أمريكا استطاعت احتلال العراق وتدميره، لكنها لم تستطع تأسيس كيان سياسي مستقر بديل للنظام السابق، لذا لجأت لإيران وسمحت لها وللأحزاب الدينية المتطرفة الموالية لها بحكم العراق وتدمير المدن الحاضنة للمقاومة.
تسببت المرجعية بشرخ اجتماعي كبير عندما رحبت بالاحتلال من خلال تأييد العملية السياسية تحت مظلته، وسواء هادنت المرجعية الاحتلال أم لم تفعل، فإن الخطأ والجريمة السياسية الكبرى هما تأييد العملية السياسية تحت ظل الاحتلال. فعندما قاطعت معظم المحافظات السنية العملية السياسية، لم تحرص المرجعية على توحيد وجهة نظر القوى الوطنية العراقية، بل كانت متعطشة للاستفراد بالحكم وتأسيس ولاية فقيه عربية وفق رؤية مذهبية ضيقة.
فشل حكم المرجعية مثلما يرى الجميع، ولولا وقوف الولايات المتحدة خلف العملية السياسية الهشة، لعاد العراق قويا وموحدا.
حقيقة أن النظام السابق لم يكن نظام صدام حسين، بل كان نظاما وطنيا، ولو لم يكن كذلك لما عمل صدام على إنشاء أجهزة خاصة به وأولاها اهتمامه، مثل الحرس الجمهوري وفدائيي صدام وحزب البعث.
يقول ناجي صبري وزير خارجية العراق السابق: عندما كلفني صدام بالوزارة سألته: هل تريدني أن أشكل فريقي من العراق أم من الحزب؟! فأربك هذا السؤال الرئيس وأجاب على الفور: بل من العراق، وشكل ناجي صبري فريقه الذي كانت له جهود ملموسة في إعادة وضع العراق دبلوماسيا، لكنه واجه مقاومة شرسة من أقارب صدام والدوائر الحزبية.
أقول هذا لأن أمريكا والأحزاب الدينية تريد أن تقول لنا إن النظام السابق هو نظام صدام وليس نظام العراق، ولو كان ذلك صحيحا لما كان أكثر من نصف الجيش من المحافظات الجنوبية، ولما كانت 35 شخصية مطلوبة من الـ55 من الطائفة الشيعية.
والآن عرب العراق مقسمون إلى سنة العملية السياسية وسنة مقاومة الاحتلال، وشيعة الاحتلال وشيعة العراق، وللأسف شيعة العراق ليس لهم أحزاب تمثلهم، بعكس شيعة الاحتلال الذين تمثلهم المرجعيات المتعطشة للحكم، كما هو الحال مع سنة المقاومة الذين هم شيع وأحزاب وجماعات.
اليوم مطلوب من السعودية أن تتجاوز إيران في العراق، وتكون وسيطا مباشرا بين الأمريكان وبين العراقيين. العملية السياسية الفاشلة لا تعبر عن العراقيين وآمالهم وتطلعاتهم، ولا بد من عملية سياسية بديلة تجمع كل محافظات العراق وكل العراقيين، وتقصي كل المرجعيات الدينية المتورطة خلال العقد الماضي، سواء كانت سنية أم شيعية.
علينا أن نعترف بأن العراق وفلسطين وسوريا والمنطقة العربية بأكملها لن يحدث فيها تغيير جذري دون موافقة الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى الخارجية السعودية أن تجمع الأمريكان والعراقيين على طاولة واحدة، ليتفقوا على صيغة عمل مشتركة. أمريكا في الغالب لا يهمها إلا مصالحها، وعلى النخب العراقية أن تعي هذا جيدا، وفي المقابل العراقيون يريدون وطنا مستقرا موحدا يجتمع فيه كل العراقيين، دون أن يتدخلوا في شؤون أحد، أو يتدخل أحد في شؤونهم.
أنا على يقين أن إيران ليست سوى ذراع أمريكية في العراق، وتعمل تحت الإرادة الأمريكية، ومتى ما وجدت أمريكا أن عملية سياسية جديدة في العراق لن تهدد مصالحها ستشرع في كنس العملية السياسية الحالية.
fayed.a@makkahnp.com
أمريكا استطاعت احتلال العراق وتدميره، لكنها لم تستطع تأسيس كيان سياسي مستقر بديل للنظام السابق، لذا لجأت لإيران وسمحت لها وللأحزاب الدينية المتطرفة الموالية لها بحكم العراق وتدمير المدن الحاضنة للمقاومة.
تسببت المرجعية بشرخ اجتماعي كبير عندما رحبت بالاحتلال من خلال تأييد العملية السياسية تحت مظلته، وسواء هادنت المرجعية الاحتلال أم لم تفعل، فإن الخطأ والجريمة السياسية الكبرى هما تأييد العملية السياسية تحت ظل الاحتلال. فعندما قاطعت معظم المحافظات السنية العملية السياسية، لم تحرص المرجعية على توحيد وجهة نظر القوى الوطنية العراقية، بل كانت متعطشة للاستفراد بالحكم وتأسيس ولاية فقيه عربية وفق رؤية مذهبية ضيقة.
فشل حكم المرجعية مثلما يرى الجميع، ولولا وقوف الولايات المتحدة خلف العملية السياسية الهشة، لعاد العراق قويا وموحدا.
حقيقة أن النظام السابق لم يكن نظام صدام حسين، بل كان نظاما وطنيا، ولو لم يكن كذلك لما عمل صدام على إنشاء أجهزة خاصة به وأولاها اهتمامه، مثل الحرس الجمهوري وفدائيي صدام وحزب البعث.
يقول ناجي صبري وزير خارجية العراق السابق: عندما كلفني صدام بالوزارة سألته: هل تريدني أن أشكل فريقي من العراق أم من الحزب؟! فأربك هذا السؤال الرئيس وأجاب على الفور: بل من العراق، وشكل ناجي صبري فريقه الذي كانت له جهود ملموسة في إعادة وضع العراق دبلوماسيا، لكنه واجه مقاومة شرسة من أقارب صدام والدوائر الحزبية.
أقول هذا لأن أمريكا والأحزاب الدينية تريد أن تقول لنا إن النظام السابق هو نظام صدام وليس نظام العراق، ولو كان ذلك صحيحا لما كان أكثر من نصف الجيش من المحافظات الجنوبية، ولما كانت 35 شخصية مطلوبة من الـ55 من الطائفة الشيعية.
والآن عرب العراق مقسمون إلى سنة العملية السياسية وسنة مقاومة الاحتلال، وشيعة الاحتلال وشيعة العراق، وللأسف شيعة العراق ليس لهم أحزاب تمثلهم، بعكس شيعة الاحتلال الذين تمثلهم المرجعيات المتعطشة للحكم، كما هو الحال مع سنة المقاومة الذين هم شيع وأحزاب وجماعات.
اليوم مطلوب من السعودية أن تتجاوز إيران في العراق، وتكون وسيطا مباشرا بين الأمريكان وبين العراقيين. العملية السياسية الفاشلة لا تعبر عن العراقيين وآمالهم وتطلعاتهم، ولا بد من عملية سياسية بديلة تجمع كل محافظات العراق وكل العراقيين، وتقصي كل المرجعيات الدينية المتورطة خلال العقد الماضي، سواء كانت سنية أم شيعية.
علينا أن نعترف بأن العراق وفلسطين وسوريا والمنطقة العربية بأكملها لن يحدث فيها تغيير جذري دون موافقة الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى الخارجية السعودية أن تجمع الأمريكان والعراقيين على طاولة واحدة، ليتفقوا على صيغة عمل مشتركة. أمريكا في الغالب لا يهمها إلا مصالحها، وعلى النخب العراقية أن تعي هذا جيدا، وفي المقابل العراقيون يريدون وطنا مستقرا موحدا يجتمع فيه كل العراقيين، دون أن يتدخلوا في شؤون أحد، أو يتدخل أحد في شؤونهم.
أنا على يقين أن إيران ليست سوى ذراع أمريكية في العراق، وتعمل تحت الإرادة الأمريكية، ومتى ما وجدت أمريكا أن عملية سياسية جديدة في العراق لن تهدد مصالحها ستشرع في كنس العملية السياسية الحالية.
fayed.a@makkahnp.com