ولادة بالتقسيط
دبس الرمان
الثلاثاء / 16 / ربيع الثاني / 1437 هـ - 22:00 - الثلاثاء 26 يناير 2016 22:00
كان يا مكان في قديم الزمان وسالف العصر والأوان أي قبل حوالي عشرين عاما، كانت سنة الله في التكاثر تسبب الفرحة والسعادة وتدخل على القلوب السرور والحبور، والأم تفكر في ذاك المخلوق الذي ستعطيه كل حنانها وحبها والأب يفكر بفرحة ماذا سيوفر له وماذا سيعطيه. نعم صدقوا أو لا تصدقوا كان خبر الحمل فرحة ومتاعا دنيويا، ونعمة وافرة يهبها الله لمن يشاء. فتخضع لها الجباه شكرا، وترفع لها الأكف امتنانا وعرفانا.
وفجأة قبل عدة سنوات بدأت بعض المباني الجميلة والضخمة بالظهور ومن ثم يكتب عليها مستشفى. وكم كانت سعادتنا غامرة فبالتأكيد ستكون الرعاية الصحية وجودة العلاج بمثل جودة المباني وفخامة الديكورات. ولكننا للأسف صعقنا بالتعامل التجاري وفداحة الأسعار. والأكثر رعبا هو ذلك التعامل الجشع مع أكثر العمليات الصحية طبيعية وتدفقا وهي عملية الولادة. فقد ازدادت أسعارها وارتفعت كمثل ارتفاع أسعار الأراضي، واستبدل مصطلح الولادة الطبيعية بمصطلح الولادة القيصرية. ومصطلح صحة الأم والطفل بمصطلح مضاعفات ما بعد الولادة والحاضنات الصناعية. وتحول الطبيب الذي كان يوما ملاك الرحمة وصاحب رسالة تخفيف آلام البشرية إلى مفاوض شاطر يحسب لاستدعائه مبلغا، ولجهده للقدوم للمستشفى مبلغا، ولارتداء يديه الكريمتين للقفاز الذهبي مبلغا، ولتواجده وقت الولادة أكبر مبلغ. وكل ذلك منفصل تمام الانفصال عن حسبة المستشفى ذاتها، وكأن عملية الولادة يمكن أن تتم من غير طبيب! ومهام الطبيب يمكن أن تتم بدون مستشفى!
إنني حقا أتساءل، تُرى لماذا لا نجد نماذج مثل هذه المستشفيات في دول العالم الأول. حيث تلد المرأة في مستشفياتهم النظيفة والمهيأة بدون فخامة القصور أو ترف الفنادق، ولكنها تخرج في أفضل صحة حاملة طفلها يرافقها زوجها السعيد بعافية زوجته وجمال طفله، دون أن يحتاج لمراجعة فاتورة المستشفى التي بالإضافة إلى المبلغ الباهظ الذي دفعه، تطالبه بمصاريف لبنود تحتاج معجما لمعرفة ماهيتها والتي إن امتلكت الجرأة لمراجعتها ستجد الكثير منها ملفقا ولا سبب له. إذن أين المشكلة؟ هل المشكلة في جشع التجار الذين يتاجرون بصحة البشر؟ أم المشكلة في المستشفيات العامة التي لا تستقبل كل الناس، والتي يعاني بعضها من سوء المستوى؟ أم المشكلة في الأطباء أنفسهم الذين امتهنوا الطب التجاري وأصبحوا يتقافزون من مستشفى لآخر؟ أم المشكلة في الناس أنفسهم الذين غرتهم الفخامة والمظاهر والأسماء، ورغم كل المآسي وكل التجاوزات ما زالوا يتهافتون على هذه الكيانات التجارية المسماة (مستشفيات).
وفجأة قبل عدة سنوات بدأت بعض المباني الجميلة والضخمة بالظهور ومن ثم يكتب عليها مستشفى. وكم كانت سعادتنا غامرة فبالتأكيد ستكون الرعاية الصحية وجودة العلاج بمثل جودة المباني وفخامة الديكورات. ولكننا للأسف صعقنا بالتعامل التجاري وفداحة الأسعار. والأكثر رعبا هو ذلك التعامل الجشع مع أكثر العمليات الصحية طبيعية وتدفقا وهي عملية الولادة. فقد ازدادت أسعارها وارتفعت كمثل ارتفاع أسعار الأراضي، واستبدل مصطلح الولادة الطبيعية بمصطلح الولادة القيصرية. ومصطلح صحة الأم والطفل بمصطلح مضاعفات ما بعد الولادة والحاضنات الصناعية. وتحول الطبيب الذي كان يوما ملاك الرحمة وصاحب رسالة تخفيف آلام البشرية إلى مفاوض شاطر يحسب لاستدعائه مبلغا، ولجهده للقدوم للمستشفى مبلغا، ولارتداء يديه الكريمتين للقفاز الذهبي مبلغا، ولتواجده وقت الولادة أكبر مبلغ. وكل ذلك منفصل تمام الانفصال عن حسبة المستشفى ذاتها، وكأن عملية الولادة يمكن أن تتم من غير طبيب! ومهام الطبيب يمكن أن تتم بدون مستشفى!
إنني حقا أتساءل، تُرى لماذا لا نجد نماذج مثل هذه المستشفيات في دول العالم الأول. حيث تلد المرأة في مستشفياتهم النظيفة والمهيأة بدون فخامة القصور أو ترف الفنادق، ولكنها تخرج في أفضل صحة حاملة طفلها يرافقها زوجها السعيد بعافية زوجته وجمال طفله، دون أن يحتاج لمراجعة فاتورة المستشفى التي بالإضافة إلى المبلغ الباهظ الذي دفعه، تطالبه بمصاريف لبنود تحتاج معجما لمعرفة ماهيتها والتي إن امتلكت الجرأة لمراجعتها ستجد الكثير منها ملفقا ولا سبب له. إذن أين المشكلة؟ هل المشكلة في جشع التجار الذين يتاجرون بصحة البشر؟ أم المشكلة في المستشفيات العامة التي لا تستقبل كل الناس، والتي يعاني بعضها من سوء المستوى؟ أم المشكلة في الأطباء أنفسهم الذين امتهنوا الطب التجاري وأصبحوا يتقافزون من مستشفى لآخر؟ أم المشكلة في الناس أنفسهم الذين غرتهم الفخامة والمظاهر والأسماء، ورغم كل المآسي وكل التجاوزات ما زالوا يتهافتون على هذه الكيانات التجارية المسماة (مستشفيات).