الرأي

هاجس حصول العرب على جائزة نوبل

وهي بلا شك أكبر وأعظم والأكثر شهرة بين جوائز التحفيز المعرفي التي عرفتها البشرية، رغم ما يقال عن تحيزها، وتسييسها، وما عداهما من الاتهامات، التي نبدع فيها نحن شعوب العالم الثالث، برؤية مخروطية نرى بها ما لدينا، ولا نرى ما يوجد في الآفاق الأخرى.

الإبداع العالمي في وجهة نظري يشابه نشوء جبال الجليد تحت سطح البحر، وعندما تبرز منها قمة، فهذا ما يستحق أن يرى، وأن نعرف بأنه استحق جائزة الصعود فوق السطح، بصرف النظر عن وجود الآلاف من الجبال الضخمة، التي قد لا تملك فرصة للبروز.

والتأثير العام هو المهم، فمن يستحق جائزة نوبل، لا بد أن يكون تأثيره عظيما مرئيا، وألا تتم مقارنته بمن حاولوا، وكانوا مميزين، دون تأثير عظيم لهم في ثقافات الشعوب.

وبمقارنة عربية بسيطة بين تأثير نجيب محفوظ، ويوسف إدريس، كروائيين عربيين نجد أن نجيب قد بلغ تأثيره على وعي معظم الشعوب العربية، وربما بدون أن يدركوا أي معلومات شخصية عنه، فغزا إدراكنا العربي، سواء بكتبه الغزيرة، والقريبة للقلب بلغته البسيطة، وبمدى تأثيره في الفن العربي، بأفلام عديدة ظهرت له، ومسلسلات إذاعية وتلفزيونية، وبالتالي أثر على ثقافة عموم المجتمعات، وكان طاغيا في كل تلك المجالات، بينما كانت أعمال إدريس أقل انتشارا بين العامة، رغم أنها كانت أقرب لعقول وقلوب النخبة المثقفة؛ وبذلك كان لزاما على جائزة نوبل أن تختار الأكثر تأثيرا، وليس الأميز عطاء.

وقس على ذلك أمثلة، كالشاعر الفلسطيني محمود درويش، الذي أثر كثيرا في الخاصة المثقفين، ولكنه ظل عصيا على العامة، وكذلك الكاتبة المفكرة المصرية نوال السعداوي، التي رغم تميز طرحها بقوته، وغرابته على طبيعة الثقافة العربية النسائية، إلا أنه يظل محدود التأثير والانتشار، ولا يصل إلى درجة جائزة نوبل.

كما أن جائزة الفيزياء، التي أعطيت للعالم المصري زويل، تظل شاملة لمنظومته العلمية، التي مكنته من الوصول إلى ما وصل إليه من سبق علمي، كانت الظروف المحيطة به والدعم البحثي، والتعاون العلمي مع عدد من زملائه هي السبب في حصوله على الجائزة، وكما اعترف بنفسه أنه لو بقي في الإسكندرية لما طالها.

أما بالنسبة لفرع الجائزة في السلام، فهي جائزة مسيسة بالكامل، ولا يمكن الاعتداد بها كنتاج حقيقي للجائزة، إذ إن الظروف، والأثر الوقتي، يكونان بلا شك مؤثرين في نيلها.

ونعود لهاجس العرب في الحصول على الجائزة، نظرا لأهميتها، ونظرا لاعتقادنا بأننا نمتلك جبال الجليد الأطول، لعدم عدالتنا في تتبع ومعرفة القمم الأطول عالميا.

ويلوح أيضا لنا المرأة العربية، ونعتقد باستحقاقها، مع عاطفية تميزنا.

نحن كعرب نحتاج الكثير قبل التفكير في بلوغ نوبل، ومنه على سبيل المثال:

1. تغيير أسس ومناهج التعليم، بحيث تختلف الدراسة في المدارس عنها في الجامعات.

2. تهيئة المناخ العام، والأسس العلمية والأدبية والفنية، لتقبل المبدعين.

3. رفع ميزانيات البحث العلمي.

4. رعاية الموهوبين منذ الصغر.

5. رفع مستويات حرية الفرد، في التفكير، والتعبير، والإبداع اليدوي، والعلمي، والفني، والتخيلي.

6. رصد جوائز إبداع محلية، وعدم تسييسها، أو تديينها، أو مذهبتها.

وبعد ذلك فلنطلق طموحنا لنيل نوبل.

shaher.a@makkahnp.com