الرأي

الزوجة الحبيبة

تفاعل

لا يخلو مجتمع من أفكار مغلوطة يتعامل معها أفراده على أنها مسلمات لا يمكن مناقشتها أو التشكيك فيها، ولعل من أشد هذه المغالطات ضررا في مجتمعنا هي مقولة أن الزوجة لا تصلح أن تكون حبيبة، والحبيبة لا يمكن أن تكون زوجة! وعلى الرغم من تفاهة هذه المقولة إلا أنها تلاقي رواجا بين شبابنا وفتياتنا.

الحب له معنيان خاص وعام، فالمعنى الخاص هو أن الحب عاطفة تجذب شخصا نحو شخص من الجنس الآخر، فمصدرها الأول الميل الجنسي. بينما المعنى العام هو أن الحب عاطفة يؤدي تنشيطها إلى نوع من أنواع اللذة، مادية كانت أو معنوية.

وإجمالا الحب هو الميل إلى الشيء السار، والغرض منه إرضاء الحاجات المادية أو الروحية، وهو مترتب على تخيل كمال في الشيء السار أو النافع يفضي إلى انجذاب الإرادة إليه، كمحبة العاشق لمعشوقه، والوالد لولده.

فهل الحب إرادي يمكن التحكم فيه والتحكم في اختيار المحبوب، أم أنه نتيجة لا إرادية لأسباب مختلفة؟

ويكفينا للإجابة على هذا السؤال قوله عليه الصلاة والسلام: «اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك». ففي هذا الحديث دليل على أن الحب لا إرادي ولا يستطيع الإنسان السيطرة عليه، ولكنه ينشأ عن عامل غريزي كحب الوالد لولده، أو كسبي نتيجة لمواقف متراكمة، أو انفعالي مصحوب بالإرادة نتيجة لحدث معين أو إرادي مصحوب بالتصور كتصور كمال ربنا عز وجل. ومما سبق يتضح أنه لا يوجد ما يمنع الزوجة من أن تكون الحبيبة، بل إننا لو قلنا إنه لا يصح أن تكون الحبيبة إلا زوجة لما أخطأنا، حيث إن كل موجبات الحب تتوفر في الزوجة، فالزوجة الصالحة هي خير متاع الدنيا كما ورد عن نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام. فكيف لا يحب الإنسان أفضل ما يملك؟

ثم إن الزوجة إذا كرهت منها خلقا أحببت منها آخر كما أن طول العشرة سبب في الألفة التي تقود للحب، ولو أردنا أن نضرب أمثلة على الزوجة الحبيبة لما استطعنا أن نحصيها كثرة، فلنا في أمهات المؤمنين خير مثال، وفي نساء السلف والخلف ما في شهرة محبة أزواجهن لهن ما يغنينا عن ذكرهن، ولكن يبدو أن عشاق الرذيلة أرادوا إقناع العالم بأن الزوجة لا تصلح أن تكون حبيبة حتى يبيحوا لأنفسهم ممارسة شهواتهم خارج إطار الزوجية مستغلين بعض العادات القبيحة كخوف البعض من التصريح بمحبته لزوجته حتى لا يقال عنه إنه تابع لزوجته وليس له سيطرة عليها وغيرها من العادات المنافية للعقل والدين. فليت شعري كيف ينخدع بأوهامهم عاقل وأي سعادة غامرة أفسدها وحرم نفسه منها.

أخيرا، هنيئا لكل من رزقه الله زوجة صالحة فأحبها وأحبته وكانت له الزوجة الحبيبة ولا عزاء للمحرومين.