اللحظة الحضارية: مواضيع الحوار هنا..وهناك!
السبت / 13 / ربيع الثاني / 1437 هـ - 21:45 - السبت 23 يناير 2016 21:45
(مدخل) يحدث هنا..ويحدث هناك في اللحظة ذاتها..
لنقرأ تداعيات ثلاثة أحداث متباينة تجري داخل وخارج البلاد في الوقت ذاته..
(1) في مسرح عتيق داخل أحد أحياء قرطاج المغربية، كانت آثار التعب اللذيذ تظهر بوضوح على وجوه أعضاء فرقة مسرحية من (الممثلين والممثلات) مع كاتبهم ومخرجهم وبعض المتفرجين (الذين سيكون لهم دور فني في حبكة المسرحية فيما بعد، على عادة التجارب المسرحية التجريبية الحديثة). كانت ثيمة العمل المسرحي حوارية متداخلة بين ثلاث شخصيات نسائية:
كاتبة النص، الممثلة التي تتقمص شخصية المسرحية الفرنسية الشهيرة سارابرنار وهي تمثل دور (كليوباترا)، وأخيرا شخصية كليوباترا (الحقيقية).
كانوا جميعا يناقشون إمكانية ظهور شخصية الكاتبة الفرنسية من أصول مغربية على خشبة المسرح بشخصيتها الحقيقية، لتؤدي فعالية مسرحية (داخل النص)، تتداخل من خلالها الشخصيات والأزمان والحكايات، برعاية صياغة ضوئية موسيقية محترفة، تصدح بذلك الإبهار الزمني المعقد.
في اللحظة ذاتها كانت هناك محاضرة في نادي مكة الأدبي، عن المسرح المحلي وبداياته، وإمكانية نهوضه من جديد. كان الحاضرون يتناقشون حول مشروعية وجود المرأة (من الأساس) في النشاط المسرحي، حتى لقد قال بعضهم إن الأولى بالمرأة التي تريد (المسرح) أن تضع سجادتها على كتفها ومسبحتها بين يديها وتتجه إلى أقرب مسجد!
بين اللحظتين تداعيات هائلة من جحيم المفارقة التي تؤكد على المسافة الهائلة التي تفصلنا عن اللحظة (الحضارية)..
(2) في إحدى صالات الاجتماعات الخاصة بالمؤسسة التعليمية العليا في اليابان، كان المجتمعون يناقشون تقليص زمن الحصص الدراسية لصالح حصص مستجدة، يريدون منها أن تؤدي وظيفتين لا غنى عنهما في أي عملية تعليمية: الأولى/ اكتساب مهارة التفكير الحواري (الصحيح)، والأسس العلمية التي تعد بمثابة المنهج الذي ينطلق منه الطالب لدراسة العلوم والمعارف المختلفة، حتى يتمكن بروح علمية خالصة من (ربط) كل ما يتلقفه من (معلومات) هائلة في نسق علمي واضح السمات والآليات والغايات، ومن (استثمار) كل تلك المعلومات في الواقع المعاش. أما الوظيفة الثانية فهي إعطاء الطالب الوقت الكافي لممارسة الأنشطة المتنوعة بحسب الإمكانات المتوفرة!
وفي العاصمة الحبيبة الرياض كان قادة التعليم يقرون منح 75 ريالا لمعلمي حصص (الانتظار)، بشرط أن «يقدم المعلم مادة تعليمية (برضه!) ترتبط بالمادة الدراسية (خاصة لمعلمي الرياضيات والعلوم الطبيعية واللغة الإنجليزية) طوال زمن حصة الانتظار».
وبالتأكيد، فإن (هاجس) اللحظة التعليمية (هناك) والذي ينفتح على زمن (حقيقي) خالص من غايات التعلم، يختلف عن (هاجس) اللحظة التعليمية (هنا) الذي ينغلق على زمن الهامش و(الانتظار)!
(3) في مقهى عتيد من مقاهي كورنيش النيل، كان ثمة لقاء أسبوعي جديد لجماعة من الروائيين، كانوا يتناقشون حول الشغل الفني المضني الذي عمل عليه الروائي الكبير صنع الله إبراهيم في روايته (بيروت.. بيروت)! وكيف يمكن تجاوز تلك الحوارية الكولاجية في الصياغة السردية، لتشمل تلك الحوارية عناصر الرواية كلها، بما فيها (شخصيات) العمل، والتي لم يكن يهتم بتفعيلها وإظهار كفاءتها السردية صنع الله إبراهيم، لتتسق مع تعددية الصياغة الكلية لرواياته عامة، مستحضرين الروائي الروسي العظيم دستوفسكي، والذي كان يجعل من كل شخصية داخل رواياته شخصيتين متناقضتين.. وهكذا كانت تحاك تقنيات الرواية وهموم كتابتها المتطلعة لإنتاجات ذات قيمة..
وفي اللحظة ذاتها، كان روائيون محليون يجتمعون على عادتهم في إحدى مقاهي (جدة) الفاخرة على الكورنيش الشمالي، (يتحاورون) عن الذين تناولوا أعمالهم من النقاد في الصحافة المحلية، وعن دور النشر سريعة الانتشار، والعائد التوزيعي من نشر النسخ الأولى من الروايات، كما كانوا يتحاورون عن أغلفة رواياتهم الجديدة، وكيف ستكون في قادم الأعمال..
ولن يغلب أي قارئ اكتشاف حجم المفارقة الموجعة بين (جلستي) القاهرة وجدة الروائيتين!
(4) «بالنقائض تعرف الأشياء والحقائق الموجعة»!
لنقرأ تداعيات ثلاثة أحداث متباينة تجري داخل وخارج البلاد في الوقت ذاته..
(1) في مسرح عتيق داخل أحد أحياء قرطاج المغربية، كانت آثار التعب اللذيذ تظهر بوضوح على وجوه أعضاء فرقة مسرحية من (الممثلين والممثلات) مع كاتبهم ومخرجهم وبعض المتفرجين (الذين سيكون لهم دور فني في حبكة المسرحية فيما بعد، على عادة التجارب المسرحية التجريبية الحديثة). كانت ثيمة العمل المسرحي حوارية متداخلة بين ثلاث شخصيات نسائية:
كاتبة النص، الممثلة التي تتقمص شخصية المسرحية الفرنسية الشهيرة سارابرنار وهي تمثل دور (كليوباترا)، وأخيرا شخصية كليوباترا (الحقيقية).
كانوا جميعا يناقشون إمكانية ظهور شخصية الكاتبة الفرنسية من أصول مغربية على خشبة المسرح بشخصيتها الحقيقية، لتؤدي فعالية مسرحية (داخل النص)، تتداخل من خلالها الشخصيات والأزمان والحكايات، برعاية صياغة ضوئية موسيقية محترفة، تصدح بذلك الإبهار الزمني المعقد.
في اللحظة ذاتها كانت هناك محاضرة في نادي مكة الأدبي، عن المسرح المحلي وبداياته، وإمكانية نهوضه من جديد. كان الحاضرون يتناقشون حول مشروعية وجود المرأة (من الأساس) في النشاط المسرحي، حتى لقد قال بعضهم إن الأولى بالمرأة التي تريد (المسرح) أن تضع سجادتها على كتفها ومسبحتها بين يديها وتتجه إلى أقرب مسجد!
بين اللحظتين تداعيات هائلة من جحيم المفارقة التي تؤكد على المسافة الهائلة التي تفصلنا عن اللحظة (الحضارية)..
(2) في إحدى صالات الاجتماعات الخاصة بالمؤسسة التعليمية العليا في اليابان، كان المجتمعون يناقشون تقليص زمن الحصص الدراسية لصالح حصص مستجدة، يريدون منها أن تؤدي وظيفتين لا غنى عنهما في أي عملية تعليمية: الأولى/ اكتساب مهارة التفكير الحواري (الصحيح)، والأسس العلمية التي تعد بمثابة المنهج الذي ينطلق منه الطالب لدراسة العلوم والمعارف المختلفة، حتى يتمكن بروح علمية خالصة من (ربط) كل ما يتلقفه من (معلومات) هائلة في نسق علمي واضح السمات والآليات والغايات، ومن (استثمار) كل تلك المعلومات في الواقع المعاش. أما الوظيفة الثانية فهي إعطاء الطالب الوقت الكافي لممارسة الأنشطة المتنوعة بحسب الإمكانات المتوفرة!
وفي العاصمة الحبيبة الرياض كان قادة التعليم يقرون منح 75 ريالا لمعلمي حصص (الانتظار)، بشرط أن «يقدم المعلم مادة تعليمية (برضه!) ترتبط بالمادة الدراسية (خاصة لمعلمي الرياضيات والعلوم الطبيعية واللغة الإنجليزية) طوال زمن حصة الانتظار».
وبالتأكيد، فإن (هاجس) اللحظة التعليمية (هناك) والذي ينفتح على زمن (حقيقي) خالص من غايات التعلم، يختلف عن (هاجس) اللحظة التعليمية (هنا) الذي ينغلق على زمن الهامش و(الانتظار)!
(3) في مقهى عتيد من مقاهي كورنيش النيل، كان ثمة لقاء أسبوعي جديد لجماعة من الروائيين، كانوا يتناقشون حول الشغل الفني المضني الذي عمل عليه الروائي الكبير صنع الله إبراهيم في روايته (بيروت.. بيروت)! وكيف يمكن تجاوز تلك الحوارية الكولاجية في الصياغة السردية، لتشمل تلك الحوارية عناصر الرواية كلها، بما فيها (شخصيات) العمل، والتي لم يكن يهتم بتفعيلها وإظهار كفاءتها السردية صنع الله إبراهيم، لتتسق مع تعددية الصياغة الكلية لرواياته عامة، مستحضرين الروائي الروسي العظيم دستوفسكي، والذي كان يجعل من كل شخصية داخل رواياته شخصيتين متناقضتين.. وهكذا كانت تحاك تقنيات الرواية وهموم كتابتها المتطلعة لإنتاجات ذات قيمة..
وفي اللحظة ذاتها، كان روائيون محليون يجتمعون على عادتهم في إحدى مقاهي (جدة) الفاخرة على الكورنيش الشمالي، (يتحاورون) عن الذين تناولوا أعمالهم من النقاد في الصحافة المحلية، وعن دور النشر سريعة الانتشار، والعائد التوزيعي من نشر النسخ الأولى من الروايات، كما كانوا يتحاورون عن أغلفة رواياتهم الجديدة، وكيف ستكون في قادم الأعمال..
ولن يغلب أي قارئ اكتشاف حجم المفارقة الموجعة بين (جلستي) القاهرة وجدة الروائيتين!
(4) «بالنقائض تعرف الأشياء والحقائق الموجعة»!