لا عزاء في الموت
تفاعل
السبت / 13 / ربيع الثاني / 1437 هـ - 00:00 - السبت 23 يناير 2016 00:00
إنني أتساءل ما جدوى «العزاء» وقد أصبح أمرا روتينيا فارغا من أي معنى، أصبح طقس «العزاء» طقسا ظاهريا، صوريا.. لا أكثر.
ترى البعض في المقبرة وفي يديه سيجارة! أو هاتف يرد عليه أثناء دفن الميت. لا أخفي أنني أشعر بالادعاء والتصنع وأنا أتبادل أحاديث العزاء التقليدية، إذ أتساءل - دوما- ما المعنى من كل ذلك؟ وماذا أضافت لي فكرة الموت، سواء أكانت إضافة روحية أو أخلاقية أو معرفية أو حتى سلوكية؟ أعتقد أن تجمعات «العزاء» أصبحت تجمعات بائدة لتبادل الثرثرة الفارغة وتفقد آخر إشعارات مواقع التواصل الاجتماعي، وفرصة لاجتماعات بعد طول انقطاع.
ما جدوى فكرة الموت إن لم تضف إلى رصيد البشرية بعدا جديدا فاعلا تتقدم فيه الحياة إلى الأمام للمزيد من الانفعال والتفاعل والإنتاج الوجودي؟ ما جدوى فكرة الموت إن لم تضف لنا أبعادا جديدة نتقرب بها إلى الإله ونزداد معرفة وخشية له؟
تصالحي مع فكرة الموت كانت بعد وفاة عمتي هاجر - أمي التي لم تلدني- إذ عشت تجربة قاسية بفقدها.. وهذا ما ألهمني للتأمل في فكرة الموت الأبدية، حينها شعرت بالسلام والمحبة لما يسمى بـ»الموت» والعجيب في تلك التجربة..أنني ألهمت قراءة رواية -أظنها الجريمة والعقاب أو الرمز المفقود- يقول في أحد أحرف الرواية «الموت جائزة وليس عقابا!» والعارفون يرونه «أشرف الخلوات» مع المحبوب جلا جلاله وجماله.
إن البشرية اليوم بحاجة لاكتشاف أبعاد جديدة لفكرة الموت، إذ لم يعد الموت أمرا مخيفا ومفجعا كما كان.. بل أصبح أمرا معتادا، وطقسا روتينيا مملا!
إن لم يعد الموت أمرا مفجعا ومخيفا فليكن الآن أمرا باعثا على إعادة اكتشاف الحياة من جديد. إذ إنه «وجه الحياة الثاني».
إننا بحاجة لرؤية جديدة للموت تمكننا من عيش حياة فاعلة ومنتجة روحيا واجتماعيا وحضاريا، ليظل حضور من ماتوا عنا حضورا ساميا يمكننا من تخليد أرواحهم بداخلنا، ونستلهم من أرواحهم طاقة الحياة الشجاعة.
ماذا لو حوّلنا أرواح من ماتوا عنا ذكرى خالدة نتذاكر فيها مآثرهم ومواقفهم معنا - بل ونمثلها- إذ نهتف ونقول: «فلان كان هنا، انظروا بديع ما صنع».. ماذا لو حوّلنا أرواح من ماتوا أفراحا نرثي بها من ماتوا وهم على قيد الحياة؟!
لماذا يصاحب الموت -دوما- الحزن؟ لماذا لا يصاحبه الفرح؟ هل لأنه يذكرنا بمصيرنا المجهول؟.. إنني إن أتيحت لي الفرصة - يوما- سأغني للموت وأعزف له موسيقاي، وأنشد له: بك أحيا حقا يا من يحفزني دوما ويدفعني لأجعل الحياة أجمل مما وجدتها.
ففي الحديث «اذكروا محاسن موتاكم ...».. «أنتم شهداء الله في الأرض». فالموت احتفاء، وصدقوا لما قالوا «فلان توفي.. أخذ الله أمانته».. ورحم الله الإمام الشافعي لما قال: «قـد مات قــوم وما ماتت مكــارمهم وعاش قـوم وهـم في الناس أموات».
ولا أقول هنا أن نهجر البكاء والحزن على فقد من نحب.. فهو أمر فطري مركب في طبيعة الإنسان..ولكن لنجعل من هذا الحزن -إن بقي من حزن!- جمالا واحتفاء.. لنجعل من فكرة الموت.. محبة ورحمة وسلاما وطاقة تقودنا لمزيد من أن «نحيا حقا».. وأعظم الله أجركم على إماتتكم الروتين البالي، وإحيائكم للمعاني وأرواحها!
أيها الموت اقبل صداقتي ومحبتي.
ولي أمل أن يقال يوما لأحدهم: مات وودعوه بابتسامة!
ترى البعض في المقبرة وفي يديه سيجارة! أو هاتف يرد عليه أثناء دفن الميت. لا أخفي أنني أشعر بالادعاء والتصنع وأنا أتبادل أحاديث العزاء التقليدية، إذ أتساءل - دوما- ما المعنى من كل ذلك؟ وماذا أضافت لي فكرة الموت، سواء أكانت إضافة روحية أو أخلاقية أو معرفية أو حتى سلوكية؟ أعتقد أن تجمعات «العزاء» أصبحت تجمعات بائدة لتبادل الثرثرة الفارغة وتفقد آخر إشعارات مواقع التواصل الاجتماعي، وفرصة لاجتماعات بعد طول انقطاع.
ما جدوى فكرة الموت إن لم تضف إلى رصيد البشرية بعدا جديدا فاعلا تتقدم فيه الحياة إلى الأمام للمزيد من الانفعال والتفاعل والإنتاج الوجودي؟ ما جدوى فكرة الموت إن لم تضف لنا أبعادا جديدة نتقرب بها إلى الإله ونزداد معرفة وخشية له؟
تصالحي مع فكرة الموت كانت بعد وفاة عمتي هاجر - أمي التي لم تلدني- إذ عشت تجربة قاسية بفقدها.. وهذا ما ألهمني للتأمل في فكرة الموت الأبدية، حينها شعرت بالسلام والمحبة لما يسمى بـ»الموت» والعجيب في تلك التجربة..أنني ألهمت قراءة رواية -أظنها الجريمة والعقاب أو الرمز المفقود- يقول في أحد أحرف الرواية «الموت جائزة وليس عقابا!» والعارفون يرونه «أشرف الخلوات» مع المحبوب جلا جلاله وجماله.
إن البشرية اليوم بحاجة لاكتشاف أبعاد جديدة لفكرة الموت، إذ لم يعد الموت أمرا مخيفا ومفجعا كما كان.. بل أصبح أمرا معتادا، وطقسا روتينيا مملا!
إن لم يعد الموت أمرا مفجعا ومخيفا فليكن الآن أمرا باعثا على إعادة اكتشاف الحياة من جديد. إذ إنه «وجه الحياة الثاني».
إننا بحاجة لرؤية جديدة للموت تمكننا من عيش حياة فاعلة ومنتجة روحيا واجتماعيا وحضاريا، ليظل حضور من ماتوا عنا حضورا ساميا يمكننا من تخليد أرواحهم بداخلنا، ونستلهم من أرواحهم طاقة الحياة الشجاعة.
ماذا لو حوّلنا أرواح من ماتوا عنا ذكرى خالدة نتذاكر فيها مآثرهم ومواقفهم معنا - بل ونمثلها- إذ نهتف ونقول: «فلان كان هنا، انظروا بديع ما صنع».. ماذا لو حوّلنا أرواح من ماتوا أفراحا نرثي بها من ماتوا وهم على قيد الحياة؟!
لماذا يصاحب الموت -دوما- الحزن؟ لماذا لا يصاحبه الفرح؟ هل لأنه يذكرنا بمصيرنا المجهول؟.. إنني إن أتيحت لي الفرصة - يوما- سأغني للموت وأعزف له موسيقاي، وأنشد له: بك أحيا حقا يا من يحفزني دوما ويدفعني لأجعل الحياة أجمل مما وجدتها.
ففي الحديث «اذكروا محاسن موتاكم ...».. «أنتم شهداء الله في الأرض». فالموت احتفاء، وصدقوا لما قالوا «فلان توفي.. أخذ الله أمانته».. ورحم الله الإمام الشافعي لما قال: «قـد مات قــوم وما ماتت مكــارمهم وعاش قـوم وهـم في الناس أموات».
ولا أقول هنا أن نهجر البكاء والحزن على فقد من نحب.. فهو أمر فطري مركب في طبيعة الإنسان..ولكن لنجعل من هذا الحزن -إن بقي من حزن!- جمالا واحتفاء.. لنجعل من فكرة الموت.. محبة ورحمة وسلاما وطاقة تقودنا لمزيد من أن «نحيا حقا».. وأعظم الله أجركم على إماتتكم الروتين البالي، وإحيائكم للمعاني وأرواحها!
أيها الموت اقبل صداقتي ومحبتي.
ولي أمل أن يقال يوما لأحدهم: مات وودعوه بابتسامة!