الإعلام الرسمي: هل تحب وطنك؟!
الثلاثاء / 9 / ربيع الثاني / 1437 هـ - 19:45 - الثلاثاء 19 يناير 2016 19:45
لا أظن أحدا يختلف حول مقولة «الإعلام رسالة» إلا الإعلام نفسه.. ولا أصعب من شرح هذه الجملة إلا أن تنتقد الإعلام من خلال الإعلام نفسه!
***
أفرك كفيّ، أبحث عن رئة إضافية، وعن لغة مائية، وعن الكثير من المبررات التي سأقنع نفسي بأنها تبدو مرضية، كل ذلك لأستوعب المشهد التالي:
المذيع الشاب الأنيق يظهر على شاشة التلفزيون في سوق كبير -على ما يبدو- يفاجئ المتسوقين بسؤالهم عن مشاعرهم بمناسبة وطنية، السؤال أشبه بأن تلتقي بأطفال وتسألهم: هل تحب والدك؟
ما مشاعرك بهذه المناسبة؟ يبدو المذيع مبتهجا بارتباك الأجوبة التي لا تختلف من شخص لآخر، وكل الإجابات لا تقول شيئا، ليس لصعوبة السؤال، إنما لبلاهته!
يعود (الهواء) للاستوديو لتصاب -كمشاهد- بضيق التنفس من جديد، يعود نفس السؤال لمثقف كبير: ما مشاعرك بهذه المناسبة؟ يجيب المثقف نفس إجابات المواطنين في الشارع، الفرق أنه يقول (اللا شيء) بثقة، ودون تلعثم، لأنه تعود أن يقول هذا الكلام بكل مناسبة!
لم ينته المشهد، لكنني أشعر أنني بحاجة للكثير من علامات الاستفهام، والتنصيص، والتعجب، وأن أبتكر علامات جديدة تعني «اللا شيء»، لكن مع ذلك سأحاول أن أبدو رزينا، رغم أنني أخشى أن أتصنع الرزانة وأنجح!، نعم شعور مخيف أن تختفي نبرتي مما أكتب، مثلما أشعر بالخيبة لو قال الرقيب: اكتب ما شئت فأنت حر، يا الله! معنى ذلك أن فكرة المقال ستنتهي بدءا من السطر الثاني، وقتها سأفقد متعة الثرثرة وأشك بعروبتي!
السؤال: ما الرسالة التي يريد هذا البرنامج إيصالها لي كمشاهد؟
ربما يفاجأ القائمون على هذا البرنامج أن هنالك مشاهدا (لا يفهم) سيسأل هذه السؤال الأناني!
- صوت متعال: هذا عمل وطني جبّار.. نحن قدمنا هذا العمل لخدمة الوطن..
***
مشهد متخيل:
في الهزيع الأنصع من الشفافية والوضوح، يجلس على ناصية الشارع مجموعة شباب ينفثون أمنياتهم وتطلعاتهم وآمالهم، وبلغة الشارع التي لا تتأنق بالـ(كيف، وريثما) تعلو أصواتهم تارة، وتخفت تارة، يراجعون قصاصات تحتوي على تصريحات مسؤولين ذيلت بعبارات من شكل وشاكلة «قريبا»، وقد مضت عليها سنوات، تخرج نبراتهم حارقة وهم يستجوبون مسؤولا غائبا، يركل أحدهم علبة فارغة -كانت «طفاية» سجائر قبل لحظات قبل أن تعود لسيرتها الأولى- وينفث معها آهة تتدحرج معها بعصبية جملة: (والله ياخي وطننا يستاهل يكون أكثر من كذا بكثيير..) .. دون أن يشعروا كان شيخٌ معتق بالتسامح والحكمة يستمع لهم ويبتسم، ويدعو لهم بالتوفيق!
***
لا تتوقع مني إجابة عما تعتقد أنه سؤال!
fheed.a@makkahnp.com
***
أفرك كفيّ، أبحث عن رئة إضافية، وعن لغة مائية، وعن الكثير من المبررات التي سأقنع نفسي بأنها تبدو مرضية، كل ذلك لأستوعب المشهد التالي:
المذيع الشاب الأنيق يظهر على شاشة التلفزيون في سوق كبير -على ما يبدو- يفاجئ المتسوقين بسؤالهم عن مشاعرهم بمناسبة وطنية، السؤال أشبه بأن تلتقي بأطفال وتسألهم: هل تحب والدك؟
ما مشاعرك بهذه المناسبة؟ يبدو المذيع مبتهجا بارتباك الأجوبة التي لا تختلف من شخص لآخر، وكل الإجابات لا تقول شيئا، ليس لصعوبة السؤال، إنما لبلاهته!
يعود (الهواء) للاستوديو لتصاب -كمشاهد- بضيق التنفس من جديد، يعود نفس السؤال لمثقف كبير: ما مشاعرك بهذه المناسبة؟ يجيب المثقف نفس إجابات المواطنين في الشارع، الفرق أنه يقول (اللا شيء) بثقة، ودون تلعثم، لأنه تعود أن يقول هذا الكلام بكل مناسبة!
لم ينته المشهد، لكنني أشعر أنني بحاجة للكثير من علامات الاستفهام، والتنصيص، والتعجب، وأن أبتكر علامات جديدة تعني «اللا شيء»، لكن مع ذلك سأحاول أن أبدو رزينا، رغم أنني أخشى أن أتصنع الرزانة وأنجح!، نعم شعور مخيف أن تختفي نبرتي مما أكتب، مثلما أشعر بالخيبة لو قال الرقيب: اكتب ما شئت فأنت حر، يا الله! معنى ذلك أن فكرة المقال ستنتهي بدءا من السطر الثاني، وقتها سأفقد متعة الثرثرة وأشك بعروبتي!
السؤال: ما الرسالة التي يريد هذا البرنامج إيصالها لي كمشاهد؟
ربما يفاجأ القائمون على هذا البرنامج أن هنالك مشاهدا (لا يفهم) سيسأل هذه السؤال الأناني!
- صوت متعال: هذا عمل وطني جبّار.. نحن قدمنا هذا العمل لخدمة الوطن..
***
مشهد متخيل:
في الهزيع الأنصع من الشفافية والوضوح، يجلس على ناصية الشارع مجموعة شباب ينفثون أمنياتهم وتطلعاتهم وآمالهم، وبلغة الشارع التي لا تتأنق بالـ(كيف، وريثما) تعلو أصواتهم تارة، وتخفت تارة، يراجعون قصاصات تحتوي على تصريحات مسؤولين ذيلت بعبارات من شكل وشاكلة «قريبا»، وقد مضت عليها سنوات، تخرج نبراتهم حارقة وهم يستجوبون مسؤولا غائبا، يركل أحدهم علبة فارغة -كانت «طفاية» سجائر قبل لحظات قبل أن تعود لسيرتها الأولى- وينفث معها آهة تتدحرج معها بعصبية جملة: (والله ياخي وطننا يستاهل يكون أكثر من كذا بكثيير..) .. دون أن يشعروا كان شيخٌ معتق بالتسامح والحكمة يستمع لهم ويبتسم، ويدعو لهم بالتوفيق!
***
لا تتوقع مني إجابة عما تعتقد أنه سؤال!
fheed.a@makkahnp.com