الرأي

تضحك على مين؟

عندما كتبت الأسبوع الماضي مقالا تحدثت فيه عن نقاط ذكرها الأستاذ الفنان الذي أحترم فكره جدا، محمد صبحي، كنت واثقة من أن ذلك الذي احتواه المقال هو ما لا يخفى على أحد في وقتنا الحالي. إذن لماذا أكتب ما يعرفه الجميع؟

نكتب أحيانا لأننا نرى أن هذا الذي يعرفه الجميع لم يعد في الحسبان، أو أنه أصبح منسيا ويأتي وقت نحتاج أن نتذكره، تماما كما يذكرنا باراك أوباما بين الحين والآخر بأن الولايات المتحدة أعظم قوة في العالم، وكما يذكرنا ما يحدث بدولنا كل يوم أننا لقمة تسيل لعاب أعظم قوة في العالم ومن شابهها.

لن يقوم هو أو آخرون من دول بجواره بحمايتنا أو تقديم مساعدة بدون أن يكون في أيدينا ما يريده ويريده بقوة. لم نعد نصدق أنهم لا يفعلون ما يقولون ويقولون ما لا يفعلون. عندما تحدث في معارك انتخابه للمرة الأولى وعد بأن يغلق معتقل جوانتانامو. ينهي الآن فترة حكمه الثانية ولم يف بوعده. ماذا فعلت أعظم قوة في العالم لجوعى مضايا؟ لشباب العراق الذين لا يجدون عملا ولا هوية؟ لمشردي شامنا الأبي؟ لتعديات إيران؟ لجنون داعش؟ داعش التي زرعها جورج دبليو بوش بتصرفاته الرعناء في العراق؛ لتجد بيئة خصبة كي تنمو وتتفرع لتصل حيث تريد في سوريا وسواها، ثم مضى ولم ينظف ما خلفه وراءه من همجيات وصلافة أعظم قوة في العالم. أعظم قوة هي تلك التي تحسن العمل الذي تقوم به ولا تقتل رؤساء ثم تترك بلادهم تعيث في فوضى وانقسامات لا تنتهي.

ولكنها مشكلتنا نحن، نحسن الظن، دائما نتوقع خيرا ممن قد لا يضمر لنا خيرا، نفرح مثلا إذا ما أطلقت ناسا اسم الحمود على كوكب ما، شكرا يا ناسا! شكرا يا عبقرينا الحمود! ولكن هل ستعود إلينا؟ هل سترفض الجنسية الأمريكية مثلا إذا ما عرضت عليك؟ أعلم أن هناك من يقول إن بيئة العمل للعلماء هناك أفضل، ولكني سأقول إن علماء عربا أفذاذا عملوا في بلادهم ولأجل بلادهم وأوجدوا البيئة التي تناسبهم، وتحملوا وأبدعوا وأثمروا ولم ينخدعوا ببريق أن ما يفعلونه هو للإنسانية جمعاء، وأن بلدا غير بلدك تستطيع أن تخدمه وتخدم الإنسانية أكثر.

لا أدري لماذا أكتب «بتحامل»، ولكني منزعجة جدا ممن يظن أننا بلا عقول وأنه ليس فينا خير أجناد الأرض، وأننا بلا جذور وتجمعنا من أشتات كما هو الحال مع سوانا، وأن ما يحدث الآن هو ما تريده أعظم قوة في العالم فقط.

آن لنا أن نلتف حول حكامنا وديننا وأخلاقنا الأصيلة وأن لا تخدعنا فكرة ربيع أو شتاء يفتتون به أمة، ولا نسمح بتدخل من لا يفي بوعوده وأن نثق أن القوة هي هنا في صدورنا طالما تحمل الحق، وإن تخاذلنا خذلنا كل ذلك وأكثر.