معرفة

10 شروط تحقق الجمالية في الترجمة إلى العربية

حدد المترجم والباحث محمد أنيس مورو شروطا عدة لجماليات الترجمة إلى العربية، وذلك في دراسة قدمها لمؤسسة الفكر العربي بعنوان 'الترجمة بين جمال الأسلوب ورشاقة اللفظ'، وحصلت 'مكة' على نسخة منها. وهنا 10 منها:

1 - التنميق بالألفاظ القرآنية

تعد القدرة على استثمار الألفاظ القرآنية مؤشرا على ثراء الزاد اللغوي أو فقره، ولمَا كانت العبارات القرآنية ذات أثر ساحر في نفس القارئ، فإن الكثير من المترجمين يميلون إلى استعمال تلك الألفاظ تنميقا لترجماتهم، وإظهارا لبراعتهم.

2 - تفادي الأساليب الهادمة

كثرة استعمال مفردة معينة يبتذلها، ويكرهها القارئ، كما يجدر إبداع نصوص بعيدة عن بعض العبارات الشائعة في الصحافة، من قبيل 'بشكل جيد'، و'بصفة حسنة'، و'بصورة سيئة'، ونحو ذلك، فهي عبارات تعكس خمولا فكريا، وإعراضا عن الاجتهاد والتنقيب عما تكتنزه العربية من مكافِئات لفظية وأسلوبية.

3 - الاستعمال الصادم للمفردة

استعمال الألفاظ والتعابير والأساليب التي تحدث صدمة إيجابية في نفس القارئ، مثل العبارات الاصطلاحية والمأثورات من الألفاظ القرآنية والتراثية والشعر العربي الجاهلي. مثل: 'بدا شعرها كالعهن المنفوش' أو 'لمعت كبارق ثغرها'.

4 - استخدام المكافئات الثقافية

تعد القدرة على الانسلاخ من قيود النص المنطلق مظهرا من مظاهر البراعة لدى المترجم الحاذق، وعلى المترجم ألا يقع في فخ النقل الحرفي للعبارات في اللغات الأخرى، مثل: 'a heart-warming story '، التي تشير بوضوح إلى ارتباط الشعور بالسعادة عند البريطانيين بالدفء.

وذلك أن العربي قاطن البيئة الصحراوية القاحلة لا يمكن أن يربط الشعور بالسعادة عنده بالدفء، بل بنقيضه، أي البرد، ولذلك ابتدع العرب عبارة اصطلاحية تراعي ثقافتهم للتعبير عن ذلك وهي 'يثْلِج الصدر'.

5 - استخدام المتلازمات اللفظية

يعَد استخدام المتلازمات اللفظية من بين الوسائل التي تسهم في إعطاء النص المترجَم إيقاعا متميزا يخرِجه من الرتابة، ويضفي عليه السلاسة، على أن تكرر اقتران كلمتين أو أكثر من خلال شيوع الاستخدام، بحيث تميل تلك الكلمات إلى تشكيل وحدة مميزة، مثل: 'على قدم وساق'، أو 'عن بكرة أبيهم' أو 'خاوية على عروشها'.

6 - تفادي كثرة الألفاظ الدخيلة

لأنها تفسد التناسق الصوتي والانتظام الصرفي للرصيد المعجمي، باعتبارهما خصيصتين مميزتين للعربية، ولكن ينبغي التنبيه مع ذلك إلى أن الكثيرين يحسبون أنهم يحسنون صنعا بالتمادي في التنميق وبالمبالغة في حشو السطور بالبذخ اللفظي، الأمر الذي يشعر القارئ بأن الترجمة متكلَفة وفاقدة التلقائية.

7 - تفجير الأحاسيس

الجمالية تبقى مسألة ذوقية ووجدانية يستشعرها الفرد القارئ في النص، ولكنه لا يستطيع أن يرسم معالمها رسما دقيقا، إلا إذا فجر أحاسيسه. لذا على المترجم الفطن أن يحرك الكلمات جزئيا من وظيفتها في نقل المعنى، لتغدو خادمة لنفسها، لتتحول الكلمات من مجرد ناقل للأفكار إلى مفجر للأحاسيس.

8 - التوشيح بالمصطلحات

هي عبارات جاهزة، لا يؤدي فهم دلالة عناصرها منفردة إلى فهم دلالتها، بل يجب أن يكون المتكلم عارفا بمعناها مسبقا، أو أن يراجع القواميس ليفهمها. وكما المتلازمات اللفظية، تكتسي العبارات الاصطلاحية أهمية بالغة في إضفاء الجمالية على النصوص بفضل الإيقاع المخصوص الذي تحدثه، فتسهم في متانة النص وحسن تقبل القارئ له.

9 - توظيف البدائل الرشيقة

من خلال الحفاظ على الانتظام الداخلي للغة، باستعمال اصطلاحات عربية أو معربة بدلا من الاصطلاحات الدخيلة، فإن احتواء نص ما على الكثير من الألفاظ الدخيلة، يفضي إلى نشوء نشاز صوتي وصرفي، وإلى شق تناسق الرصيد المعجمي. ومن البدائل الأنيقة: مصطلح 'تِقانة' المرادف ﻠِ 'تكنولوجيا' ، وكذلك استعمال الصفة 'شَروب' البديل الأنيق للصفة 'صالح للشراب'، وصَهير بدل 'قابل للانصهار'، وانضغاطي بدل 'قابل للضغط'.

10 - الترصيع بالبدائل التراثية

الجنوح إلى اصطناع كل وسيلة لمباغتة المتلقي بالجديد، وكأن المبدأ القائل إن 'لكل جديد روعة'، ينسحب على اللغة نفسها. ولنلاحظ في المثال التالي، كيف يستعيض الكاتب عن لفظ شائع بلفظ تراثي نادر الاستعمال: 'ولم يعْنَ القدماء بالمعاجم العربية المختصة العناية التي هي بها جديرة، فبقيت في البحث اللغوي العربي بابا غفْلا ومبحثا بكرا'.