العالم

عبقرية الرياض تؤسس لتحالف عسكري إسلامي لمحاربة الإرهاب

كعادتها، فاجأت السعودية العالم بخطوة غير مسبوقة، قادت من خلالها جهودا حثيثة أفضت لتشكيل تحالف عسكري إسلامي لمحاربة الإرهاب، وفقا لما أعلن عنه ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان في مؤتمر صحفي عقده فجر أمس في مطار قاعدة الملك سلمان الجوية بالرياض.

التحالف العسكري الإسلامي والمؤلف من 34 دولة بقيادة السعودية، هو الأول من نوعه من حيث عدد الدول المشاركة فيه، حيث يتجاوز عدد دوله نصف الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، ويأتي من أبرزها تركيا ومصر وباكستان والأردن وجميع الدول الخليجية ما عدا سلطنة عمان. كما يضم دولا أعضاء عانت فعليا من ويلات الإرهاب على مدار عقود مضت ولا تزال كـ(مالي، وتشاد، والصومال، وليبيا) وغيرها، فيما يغيب عنه حتى الآن كل من العراق وإيران.

ومن المقرر أن تحسم 10 دول إسلامية أخرى موقفها من الانضمام إلى التحالف العسكري الخاص بمحاربة الإرهاب خلال الأسابيع المقبلة، ومنها إندونيسيا.

وفي رده على سؤال لـ»مكة» علق الأمير محمد بن سلمان على موقف الدول المؤيدة للتحالف، ولكنها لا تزال خارجه، بالقول «هذه الدول ليست خارج التحالف ولكن لديها إجراءات يجب أن تتخذها، ولحرصنا على إنجاز التحالف في أسرع وقت تم الإعلان عن 34 دولة الآن».

وطبقا للبيان المشترك الخاص بالإعلان عن التحالف العسكري الإسلامي لمواجهة الإرهاب، فلقد نص على أن يتم إنشاء غرفة عمليات في العاصمة الرياض، لتنسيق ودعم الجهود لمحاربة الإرهاب في جميع دول العالم الإسلامي.

وشدد ولي ولي العهد على أن التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب لن يركز على تنظيم داعش فقط، ولكنه سيتعامل مع جميع المنظمات الإرهابية التي تعبث بأمن واستقرار العالم الإسلامي أيا كانت تصنيفاتها سنية أو شيعية، مؤكدا بأن التعامل مع التنظيمات الإرهابية سيتم بعد التنسيق مع الشرعية في الدول المعنية.

وأضاف «اليوم الدول الإسلامية تحارب الإرهاب منفردة، كل بلد على حدة، بينما المنظمات الإرهابية تعمل تحت قيادة واحدة، تنسيق الجهود مهم جدا، ومن خلال غرفة العمليات المشتركة ستتطور أساليب محاربة الإرهاب في جميع أنحاء العالم الإسلامي».

وأشار الأمير محمد بن سلمان إلى أن معاناة بعض الدول الإسلامية من الإرهاب، كالتي تعانيه سوريا والعراق من تنظيم داعش، أو التي تعانيه كل من سيناء واليمن وليبيا ومالي ونيجريا وباكستان، تتطلب جهودا كبيرة لمحاربته.

وعما إذا كان التحالف سيلزم الدول الأعضاء بقرارات ملزمة لحجم المشاركة وكيفيتها، نفى الأمير محمد بن سلمان هذا الأمر. وقال «لا نستطيع إصدار مواقف ملزمة، لكن كل دولة ستشارك حسب قدراتها».

وترك وزير الدفاع السعودي الباب مواربا أمام أي تعاون مستقبلي محتمل بين التحالف العسكري الإسلامي والكيانات الأخرى في الحرب على الإرهاب. وقال «بلا شك سيكون هناك تنسيق دولي مع المنظمات الدولية والدول الكبرى لهذا العمل»، معربا عن ثقته وتوقعه بأن يحظى التحالف الإسلامي الجديد بكل الدعم من المنظمات الدولية.

ولم يشأ ولي ولي العهد الخوض في المسائل المتعلقة بالكيفية التي سيتم فيها التدخل العسكري لمواجهة الإرهاب في الدول المتضررة منه. ورد على سؤال بخصوص احتمالية نشر قوات على الأرض في إطار هذا التحالف، بالقول «الحديث عن التدخل العسكري مبكر، لكن بعد التنسيق مع دول التحالف سوف نعلن عن ذلك».

ولن يقتصر دور التحالف العسكري الإسلامي في محاربة الإرهاب بالطرق الأمنية؛ فبحسب الأمير محمد بن سلمان فإنه سيكون «هناك تطوير لجهود محاربة الإرهاب فكريا وإعلاميا، بالإضافة إلى الجهد الأمني الرائع القائم حاليا».

بيان تشكيل التحالف



انطلاقا من التوجيه الرباني الكريم (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) ومن تعاليم الشريعة الإسلامية السمحاء وأحكامها التي تحرّم الإرهاب بجميع صوره وأشكاله لكونه جريمة نكراء وظلم تأباه جميع الأديان السماوية والفطرة الإنسانية.

وحيث إن الإرهاب وجرائمه الوحشية من إفساد في الأرض وإهلاك للحرث والنسل المحرم شرعا يشكل انتهاكا خطيرا لكرامة الإنسان وحقوقه، ولا سيما الحق في الحياة والحق في الأمن ويعرض مصالح الدول المجتمعات للخطر ويهدد استقرارها ولا يمكن تبرير أعمال الإفساد والإرهاب بحال من الأحوال، ومن ثم فينبغي محاربتها بكافة الوسائل والتعاضد في القضاء عليها لأن ذلك من التعاون على البر والتقوى وتأكيدا على مبادئ وأهداف ميثاق منظمة التعاون الإسلامي التي تدعو الدول الأعضاء إلى التعاون لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره وترفض كل مبرر أو عذر للإرهاب.

وتحقيقا للتكامل ورص الصفوف وتوحيد الجهود لمكافحة الإرهاب الذي يهتك حرمة النفس المعصومة ويهدد الأمن والسلام الإقليمي والدولي، ويشكل خطرا على المصالح الحيوية للأمة ويخل بنظام التعايش فيها، والتزاما بالأحكام الواردة في ميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والمواثيق الدولية الأخرى الرامية إلى القضاء على الإرهاب، وتأكيدا على حق الدول في الدفاع عن النفس وفقا لمقاصد ومبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وانطلاقا من أحكام اتفاقية منظمة التعاون الإسلامي لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره والقضاء على أهدافه ومسبباته، وأداء لواجب حماية الأمة من شرور كل الجماعات والتنظيمات الإرهابية المسلحة أيا كان مذهبها وتسميتها والتي تعيث في الأرض قتلا وفسادا، وتهدف إلى ترويع الآمنين، فقد قررت الدول الواردة أسماؤها في هذا البيان تشكيل تحالف عسكري لمحاربة الإرهاب بقيادة السعودية وأن يتم في مدينة الرياض تأسيس مركز عمليات مشتركة لتنسيق ودعم العمليات العسكرية لمحاربة الإرهاب ولتطوير البرامج والآليات اللازمة لدعم تلك الجهود.

كما سيتم وضع الترتيبات المناسبة للتنسيق مع الدول الصديقة والمحبة للسلام والجهات الدولية في سبيل خدمة المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب وحفظ السلم والأمن الدوليين.

والدول المشاركة في التحالف إلى جانب السعودية هي: الأردن، الإمارات العربية المتحدة، باكستان، البحرين، بنجلاديش، بنين، تركيا، تشاد، توجو، تونس، جيبوتي، السنغال، السودان، سيراليون، الصومال، الجابون، غينيا، فلسطين، القمر الاتحادية، قطر، ساحل العاج، الكويت، لبنان، ليبيا، المالديف، مالي، ماليزيا، مصر، المغرب، موريتانيا، النيجر، نيجيريا، واليمن.

كما أن هناك أكثر من عشر دول إسلامية أخرى أبدت تأييدها لهذا التحالف وستتخذ الإجراءات اللازمة في هذا الشأن ومنها إندونيسيا.