هناك مثل بالعامية لا أحفظه كاملا ولكن فحواه أنهم عندما سألوا الأعمى عن عينه مم تشكو؟ أو من مزيد من العلل يلم بها فقال لهم إنها في كل الأحوال عين لا يستفيد منها وإن مزيدا من الخراب لن يجعل الوضع أكثر سوءا مما هو عليه.

وهذا هو حال الخطوط السعودية التي تعلن أنها من بداية 2016 لن تطبق تخفيض التذاكر للطلبة.

ما هي الخدمات التي تجعلك كخطوط مخضرمة مختلفة عن أية خطوط «مشي الحال» في أي مكان في العالم؟ ما الذي يميزك؟ ماذا حدث من جديد حتى يفكر المواطن أو المقيم في دفع مزيد من المال للخطوط السعودية بدلا من شركة أخرى؟ لسنوات طويلة استفردت هذه الشركة بالسوق وتحكمت وأمرت ونهت ولم يكن هناك منافس.

وحتى بعد وجود شركة «ناس» لا أشعر بأنها شركة منافسة قوية فهي تحذو حذو الخطوط السعودية في استغلال الأوضاع لمصلحتها ضد مصلحة الراكب وكلا الشركتين لا تحترم المواعيد بشكل دائم ولا تقوم بتعريف الراكب بأن له حقوقا كثيرة تكفلها له معاهدات دولية من تعويض مجز إذا ما تأخرت الرحلات أو ألغيت وغير ذلك. وكل ما يحدث هو مزيد من استغلاله والتضييق عليه و(إن كان عاجبك) و(إذا كان مو عاجبك، إشرب من موية البحر)، وهذا مثل حجازي جميل يعني أنك لن تستطيع فعل شيء وأن الخيارات أمامك ضيقة وأنك ستختار في النهاية ما هو متوفر فقط.

كثير من الرحلات الداخلية ألغيت ولم تعد متوفرة ولتذهب إلى بلدة داخل وطنك فعليك استخدام السيارة أو الباص. لا بأس بذلك ولكن لماذا لا تكون هناك رحلات صغيرة في طائرات صغيرة تحمل عشرين راكبا مثلا إذا لم يكن هناك عدد كاف من الركاب؟ وهذا يحدث في دول كثيرة حول العالم وباستمرار.. خدمة لهذا الذي يحترمونه جدا: المواطن.

أشعر بغيرة شديدة عندما أرى أسطولا رائعا كأسطول الشركات الإماراتية يتصدر الشركات في العالم وبجدارة. أين نحن؟ ولماذا ليس نحن؟ ماذا ينقصنا؟

ألا تشعر أحيانا أنك تريد ترديد ما شدا به طلال: في سلم الطايرة بكيت غصبا بكيت؟ لا حزنا على فراق من تحب ولكن حزنا على ما تفعله بك الخطوط السعودية «أحيانا وأحيانا فقط»؟!

كم أتمنى أن يصبح كل ما بهذا الوطن أجمل وأعلى وأرقى مما هو في أي وطن على وجه الأرض، ولكن يبدو أنه طالما هناك من يفكر بنفسه فقط ولا يرى أين يعيش ومن هو حوله و(أحب لأخيك ما تحب لنفسك)، فلن تتحقق هذه الأمنية.

mona.s@makkahnp.com