عندما تحدث محمد بن سلمان

إذا كنت مثل ملايين السعوديين، يملؤك الفضول لمعرفة ملامح المستقبل للدولة السعودية الحالية، هذه أهم ثلاث نقاط ذكرها توماس فريدمان في لقائه الطويل - الساخن - مع أمير الشباب محمد بن سلمان الأسبوع الماضي، وهي تلخص لك ملامح القيادة الجديدة وأين يتجه قارب الإصلاح الحالي بشكل غير مسبوق في الوضوح

إذا كنت مثل ملايين السعوديين، يملؤك الفضول لمعرفة ملامح المستقبل للدولة السعودية الحالية، هذه أهم ثلاث نقاط ذكرها توماس فريدمان في لقائه الطويل - الساخن - مع أمير الشباب محمد بن سلمان الأسبوع الماضي، وهي تلخص لك ملامح القيادة الجديدة وأين يتجه قارب الإصلاح الحالي بشكل غير مسبوق في الوضوح. مهم أن تعرف أن مثلث التغيير السعودي يرتكز على ثلاثة أضلاع، أولها، وحسب كلمات رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، أن يتحول أداء الحكومة الحالي ليكون أداء يتسم بشفافية عالية بين المواطن والحكومة، حيث معايير ثابتة لقياس الأداء بشكل شهري وهو ما يعرف بالكي بي آي، وتتحول متابعة تلك العمليات للأونلاين، حيث يتم ترتيب الوزارات حسب أدائها، فيكون هناك من يحقق درجات عالية وهناك من يتخلف. تماما لو أن لديك طالبا تقيّم أداءه في الامتحان الشهري وتمنحه الدرجة التي يستحق، ثم تكافئ المبدع وتطلب من المقصر أن يحسن مستواه قبل نهاية العام حتى لا ينتهي به الحال إلى الرسوب، والرسوب في لغة حكومة الشباب هو قرار (تمت إقالته بناء على أدائه)! والملاحظ الفطن سيدرك أن عبارات (إلى إشعار آخر) شبه اختفت، وأصبحنا نشاهد قرارات مرتبطة بتاريخ، فرض رسوم الأراضي لمجلس الشورى مذيل بشهر لإنجاز الملف، والموافقة في مجلس الوزراء لم تستغرق سوى يومين! وعند إحالة القانون للجنة الجديدة، ربطت بـ180 يوما لإنهائه، وهذه لغة جديدة في الأداء الحكومي، سيكون لها تبعات إيجابية كثيرة لاحقا. الضلع الثاني لمثلث التغيير - الذي تحدث عنه الأمير - هو تقليل الاعتماد على النفط، وهذه نقطة محورية، ورائع أن تكون القيادة العليا تدرك خطورة المرحلة، وتحديات المستقبل، وأن الرهان الأحادي على النفط هو رهان خاسر بكل المقاييس، وقصص الإخفاقات حولنا كثيرة، لدول اعتمدت على مورد طبيعي، نفد بعد زمن، أو مع التطور العالمي، أصبح الاقتصاد الجديد - زمن الطاقة المتجددة - لا يحتاجه!وثالثا، كما أشار الأمير بنص العبارة (نحن في دولة 70 % من سكانها هم من فئة الشباب)، ليس هذا فحسب، بل أردف قائلا (وجهة نظرهم ورؤيتهم للأمور تختلف كليا عن 30 % الباقية!)، و(ستعمل الحكومة الحالية لتوفير مستقبل تستحقه هذه الأجيال) و(الحكومة التي لا تكون جزءا من شعبها وأهلها ولا تمثلهم، حكومة لن تستطيع البقاء في عصر الربيع العربي)، إذن..نحن أمام قيادة تتحدث بهذه الشفافية والوضوح عن قضايا كانت بالماضي تأتي عبر تسريبات تويتر والأبواب الخلفية لويكيليكس! نحن في عصر يجعل الشباب السعودي يتفاءل بالمستقبل والقادم بحول الله أجمل، حتى إن صحفي النيويورك تايمز، والذي اشتعل الشيب في رأسه، توماس فريدمان، أصبح محتارا بما شاهده في عصر سلمان الحزم! وقال مقولته الشهيرة: (هل هذا سراب؟ أم واقع ما أراه من تغيير في السعودية؟ الحقيقة أني لا أعلم، ولكنه أمر يستحق التأمل والمشاهدة). ختاما، من الصعب الحكم بفشل أو نجاح القرارات الحالية حتى تعطى الزمن الكافي لإصدار حكم كبير بهذا القدر، ولكن الملامح العامة تقول: إنها أمور تبشر بخير، وزير يقال من منصبه - بعد ساعات - من تعيينه لأنه لم يستقبل مواطنا بشكل يليق، وآخر صاحب معالي يقال لأنه ضرب بيده صحفيا! ولم يشفع له خبرته الطويلة وقربه الشخصي من متخذ القرار عن (الحزم) في القيادة، حيث يصدر قرار إقالته بعدها بساعتين! هذه أمور لم تحدث من قبل، وهي رسائل واضحة ترسلها الحكومة لكل من يسبق اسمه كلمة (معالي)، أن العمل والإنجاز هما الحبل الوحيد الذي يربطنا بك! كن منجزا وإلا فلا مكان لك في سفينة ملك العزم!

m.hathut@makkahnp.com