تجربتي مع المرض وتشخيصه المتأخر
في أواخر رحلتي الأخيرة إلى تركيا رفقة الوالدة - الله يحفظها - هاجمتني نوبات من الصداع بعد انقطاع لعدة سنوات، واستمرت بعد عودتي إلى مكة شرفها الله، وتزايدت حدتها وعدد مرات تكرارها في اليوم الواحد للحد الذي دفعني لمطالبة الأهل بنقلي إلى المستشفى وتنويمي بإعطائي أدوية منومة لأن شدة النوبات كانت غير محتملة.
الاحد / 17 / صفر / 1437 هـ - 14:45 - الاحد 29 نوفمبر 2015 14:45
في أواخر رحلتي الأخيرة إلى تركيا رفقة الوالدة - الله يحفظها - هاجمتني نوبات من الصداع بعد انقطاع لعدة سنوات، واستمرت بعد عودتي إلى مكة شرفها الله، وتزايدت حدتها وعدد مرات تكرارها في اليوم الواحد للحد الذي دفعني لمطالبة الأهل بنقلي إلى المستشفى وتنويمي بإعطائي أدوية منومة لأن شدة النوبات كانت غير محتملة. وبالفعل تم نقلي مرة إلى مستشفى جدة الدولي ومرة للمستشفى الجامعي.. وفي مستشفى جدة الدولي راجعت طبيبا مختصا في عيادات الصداع والألم هو الدكتور زياد الشامي بناء على توصية إحدى مريضاته وهي ابنة أخي التي تعاني من الشقيقة، فسألني عن حالتي فلخصت له خلال دقائق حكايتي مع المرض منذ بداياته.. فتأمل ونظر ثم طلب كتيبا فيه تعريف بأنواع الصداع ووضع دائرة على أحد أنواع الصداع النصفي وقال لي يبدو أن هذا هو تشخيص مرضك.. وهو الصداع العنقودي.. فقرأت وصفه فوجدته منطبقا على حالتي بشكل كبير.. وكان وصفه كما يلي: هو أقل أنواع الصداع شيوعا ولكنه أكثر حدة، ويمكن وصف الألم بأنه ثاقب أو حارق نابض أو مستمر. ويكون الألم شديدا لدرجة أن معظم الذين يعانون منه لا يستطيعون الجلوس بهدوء، وغالبا ما تسرع وتيرة الألم خلال الهجوم. وقد يختفي الصداع تماما لأشهر وسنوات إلى أن يتكرر لاحقا. بعد قراءة الوصف انتابتني مشاعر متباينة: الفرح بصحة التشخيص.. والدهشة من أن الأطباء ظلوا لمدة أربعين سنة يشخصون مرضي بشكل خاطئ.. الارتياح لوجود ما يوضح سبب ردود فعلي أثناء هجوم نوبات الصداع لبعض من حولي لما كنت ألحظه من استغرابهم وشكوكهم بأنني أبالغ باعتبار أن كثيرا من الناس حولهم مصابون بداء الشقيقة، ولم يصل بهم الأمر إلى تمني الموت.. والحزن بسبب أنه ليس هناك علاج ناجع وواحد للصداع العنقودي سوى لطف الله سبحانه وتعالى، ويخضع المريض لتجربة أكثر من سيناريو علاجي لمواجهة نوبات الصداع، ولذلك في أول دخولي للمستشفى تم إعطائي جملة من الأدوية دفعة واحدة وكانت عبارة عن ست حقن، اثنان منها في الرأس مباشرة.. السيناريو الأول لم ينجح.. السيناريو الثاني نجح بفضل الله وكان يتضمن جرعات عالية نسبيا من الكورتيزون وتخفيضها بشكل تدريجي خلال ثلاثة أسابيع، ودواء للأعصاب يسمى الديباكين وكذلك الإميجران وهو دواء مشهور لمرضى الشقيقة، وهذا الأخير تم إيقافه بعد يومين لأنه سبب لي بعض الإضرابات والتحفيز للصداع.. واستمررت على الكورتيزون والديباكين للفترات التي حددها الطبيب وكلاهما كان يستوجب التخفيض التدريجي قبل الإيقاف.. ومن فضل الله أن النوبات توقفت بمجرد بدء أخذ الأدوية عدا بعض الإشارات البسيطة والمتباينة خلال فترة العلاج.. وأحمد الله أن مضت هذه الهجمة القاسية بفضله وكرمه وتحننه علي سبحانه وتعالى وأسأله أن لا يعيدها إلي مرة أخرى وأن لا يبتلي بها أي إنسان.. ولا يفوتني أن أذكر وأشكر بعد شكر الله الوالدة حفظها التي شملتني بحبها وعطفها وبركات دعائها ورقيتها طوال تجربتي الصعبة مع المرض فجزاها الله عني خير ما جزى والدة عن ولدها.. ومن بعدها زوجتي وأم أولادي التي شملتني برعايتها وحنيتها طوال حياتي معها، والتي كانت تقوم بكل ما يخفف من آلام الصداع أثناء نوباته دون كلل ومهما تكررت وفي أي وقت من ليل أو نهار، فنعم المرأة الصالحة هي، وجزاها الله عني خير ما يجزي زوجة عن زوجها.. والشكر موصول والدعاء مبذول للوالد ـ رحمه الله ـ ولأشقائي وشقيقاتي وأولادي وبناتي.. وكذلك للطبيب المعالج الدكتور زياد الشامي على صحة تشخيصه وعنايته أثناء مراجعاتي له واتصالاتي معه حتى أثناء سفره وأيضا الصديق الدكتور وليد فتيحي الذي تابع حالتي برغم مشاغله وسفره خارج المملكة..