موضوعات الخاصة

تقرير دولي: إيران الأكثر قمعا بالعالم

السجن 30 عاما و111 جلدة لناشط حاول توثيق انتهاكات طهران عبر قناة تليجرام منظمة فريدم هاوس تصنف طهران على أنها دولة «غير حرة» السلطات عطلت خدمة الانترنت بعد لحظات من اندلاع المظاهرات

صنف تقرير حرية الانترنت السنوي لـفريدم هاوس، إيران على أنها دولة «غير حرة»، وقال إنها من أكثر دول العالم قيودا منذ إطلاق المشروع للمرة الأولى في عام 2009، وانحصر تقييمها في القمع الشديد الذي يؤثر على الوصول الأساسي والمحتوى عبر الانترنت وحقوق المستخدمين.

وذكرت منظمة نت بلوكس التي تراقب حرية الانترنت في مختلف دول العالم، أن انقطاع الانترنت الذي شهدته إيران خلال الاحتجاجات التي اندلعت الشهر الماضي بعد رفع أسعار البنزين، كان أخطر انقطاع تتبعه نت بلوكس في أي بلد من حيث قدرتها التقنية واتساع نطاقها، وبدأت استعادة الوصول إلى الانترنت لاختيار كيانات بعد أسبوع، بحسب منظمة فريدم هاوس.

قمع وسوء معاملة

في محاولة للحد من المظاهرات وقمع المعلومات حول العنف وسوء المعاملة على أيدي قوات الأمن، بدأت السلطات في تعطيل خدمة الانترنت الثابتة والمتنقلة في مدن مثل طهران وشيراز. وسرعان ما انتشر الإغلاق في جميع أنحاء البلاد وأصبح أسوأ اضطراب على الانترنت في تاريخ البلاد، مما أثر على ما يصل إلى 95% من المستخدمين.

ورغم أن إغلاق الانترنت في الفترة الماضية لم يسبق له مثيل، إلا أنه لم يكن مفاجئا نظرا للقيود الأخرى التي فرضتها السلطات الإيرانية في السنوات الأخيرة، والتي جعلت البلد بشكل جماعي أقرب إلى نموذج الصين المتمثل في سيطرة الدولة الشاملة على الانترنت.

بدائل محلية

وتضغط إيران بالمثل على استبدال المنصات الدولية ببدائل محلية، فعلى سبيل المثال، بعد حظر تليجرام في عام 2018، قدمت الحكومة الدعم المالي والتقني لتطبيقات المراسلة المحلية مثل Soroush وBale.

وكان الإيرانيون بطيئين في تبني مثل هذه البرامج بسبب المخاوف من الرقابة والمراقبة، لكن هذا يمكن أن يتغير إذا استمر النظام في خطط لتوظيفهم لتقديم الخدمات الحكومية والمصرفية. وكانت هناك خطوة أخرى نحو استخدام الخدمات المحلية في شهر أكتوبر، عندما وجهت السلطات الإيرانية لمقدمي الخدمات بحظر متجر تطبيقات قوقل على الفور.

الجدار الفاصل

من بين أكثر الظواهر إثارة للقلق في السنوات الأخيرة تطوير شبكة المعلومات الوطنية الإيرانية (SHOMA)، وهي شبكة داخلية مغلقة بشكل فعال توفر الخدمات المحلية والمحتوى في محاولة لتفادي الحاجة إلى الوصول إلى الانترنت العالمي.

وفي الوقت الذي عززت فيه السلطات تكاليف الشبكة المنخفضة والسرعات العالية، فإن SHOMA تمكن النظام أيضا من استبعاد المحتوى غير الخاضع للرقابة واستقصاء أفضل للنشطاء والصحفيين وغيرهم من المستخدمين، علاوة على ذلك، عندما ترى الدولة أنه من الضروري فصل الإيرانيين تماما عن الانترنت العالمي، فيمكنها القيام بذلك بأقل اضطراب في الاقتصاد والعمليات الحكومية.

تحتفظ الدولة الصينية بالمثل بالسيطرة على البوابات الدولية، وهي قادرة على استخدام حجب فني متطور ضد المواقع والخدمات الأجنبية، بما في ذلك فيس بوك وتويتر. وقد عزز هذا نمو وشعبية التطبيقات المحلية مثل منصة التواصل الاجتماعي WeChat ومنصة المدونات الصغيرة Weibo، ويخضع كلاهما للرقابة الشديدة، ويسهل استخدام WeChat بشكل خاص المراقبة، حيث إن السلطات قادرة على الوصول إلى اتصالات مستخدميها وبياناتهم الشخصية.

تعزيز الرقابة

في مواجهة الجهود المتزايدة للحد من وصولهم إلى الانترنت العالمي ومراقبة أنشطتهم على الانترنت، تحول الإيرانيون إلى شبكات خاصة افتراضية (VPN) كوسيلة آمنة للوصول إلى المعلومات غير الخاضعة للرقابة عبر الانترنت، على الرغم من أن استخدام الشبكات الافتراضية الخاصة ليس قانونيا من الناحية الفنية، لكن مقدمي الخدمة المرتبطين بالنظام حاولوا تقييدهم، بما في ذلك عن طريق تقديم حوافز مالية، كما أن قمع استخدام VPN منتشر في الصين، إلى حد كبير من خلال الحجب المتطور.

وخلال الإغلاق الأخير للانترنت، سارع النظام الإيراني بجهوده للحد من استخدام الشبكات الخاصة الافتراضية وأدوات الوكيل الأخرى. تم حظر عناوين بروتوكول الانترنت (IP) المرتبطة بالتحايل ، وتم الضغط على مراكز البيانات لتجنب تشغيل البرامج. ويستعد المجلس الأعلى للفضاء الالكتروني، الذي ينشئ معظم سياسات الانترنت في إيران، لتنفيذ لوائح VPN الجديدة. وبموجب القواعد، سيتمكن الأفراد المحددون من شراء الشبكات الخاصة الافتراضية، لكن الامتياز سيأتي بمراقبة حكومية.

حتى إذا تمت استعادة الاتصال بالانترنت بشكل كامل في أعقاب الإغلاق، فإن التطوير المستمر لشوما وترويج المنصات المحلية وأنظمة الشبكات الافتراضية الخاصة الجديدة سوف تزيد من تقييد حرية الانترنت في إيران وتعميق عزلة الإيرانيين عن بقية العالم.

ملاحقة الناشطين

مع زيادة السلطات لقدرات المراقبة، واصلت فرض عقوبات قاسية على الناشطين وغيرهم ممن يعبرون عن المعارضة على الانترنت.

في يونيو، على سبيل المثال، تلقى المحامي أميرسالار داودي عقوبة بالسجن لمدة 30 عاما، بالإضافة إلى 111 جلدة، بسبب أفعال منها إنشاء قناة تليجرام لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان. وعلى الرغم من أنه سيتم تخفيض عقوبة السجن إلى 15 عاما بموجب قانون العقوبات الإيراني، إلا أن الحكم لا يزال يمثل انتهاكا فظيعا لمعايير حقوق الإنسان الدولية.

لا تظهر المؤسسة الأمنية غير المنتخبة في إيران أي علامات على تخفيف قمعها للحريات الأساسية، وفي مواجهة هذا العناد، ينبغي لصانعي السياسات المعتدلين والإصلاحيين في الفروع الحكومية المنتخبة فعل ما في وسعهم لتعزيز التشريعات والممارسات التي تتوافق مع القانون والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، ويجب على أي شركات تكنولوجيا دولية لا تزال تعمل في البلاد تقييم مدى تأثير منتجاتها وأنشطتها التجارية على حقوق المستخدم.

وعلى المانحين الدوليين ومنظمات المجتمع المدني دعم المجموعات المحلية التي تسعى إلى رفع مستوى الوعي بمراقبة الدولة ومراقبتها، وبدون هذه الإجراءات وغيرها، ستستمر حرية الانترنت في إيران في التدهور، ما يؤدي إلى تراجع فرص الشعب الإيراني في الحرية والازدهار.