موضوعات الخاصة

الحرس الثوري يرتكب مجزرة في الأحواز

نيويورك تايمز: الحرس الثوري قتل 100 مدني أعزل في مدينة ماهشهر خريج عاطل: ضربوهم في الصدر.. وأعز أصدقائي وابن عمي بين القتلى السلطات الإيرانية اعترفت بالقتل والقمع ووصفت المحتجين بـ«البلطجية» أحداث الغضب كشفت عن سخط عميق للإيرانيين تجاه أصحاب العمائم نظام الملالي يعيش حالة رعب بعد الدعوات الواسعة لرحيل المرشد

اعترفت السلطات الإيرانية أخيرا بأنها قتلت المتظاهرين في الشوارع. وقالت وسائل إعلام رسمية قبل أيام إن مسؤولي الأمن في البلاد استخدموا القوة المميتة ضد المحتجين الذين وصفتهم بـ»البلطجية ومثيري الشغب»، بعد اندلاع احتجاجات ردا على قرار الحكومة برفع أسعار البنزين.

وأعلنت وزارة الداخلية أن الاحتجاجات اجتاحت أكثر من 100 بلدة ومدينة في 29 محافظة من إجمالي 31 محافظة إيرانية، وتمخضت عن إحراق 731 بنكا و70 محطة بنزين و140 موقعا حكوميا خلال المظاهرات، وحجب الانترنت في شتى أنحاء البلاد حتى لا تغطى التظاهرات، مما جعل التوثيق من الخارج صعبا.

مجازر وصور حزينة

ورغم غياب الانترنت نجح ناشطون ومنظمات دولية وصحفيون محليون في تجميع صورة مروعة لما جرى من عنف غير مسبوق بمباركة من أجهزة الدولة ضد متظاهرين عزل، ربما أدى إلى مقتل أكثر من 450 شخصا في الأيام الأربعة الأولى للاحتجاجات التي اندلعت في 15 من الشهر الماضي.

وبناء على تقارير فيديو ولقطات مصورة عبارة عن آلاف المقاطع المصورة باستخدام الهواتف النقالة والتي أرسلت إلى خارج إيران بنجاح، قدرت إحصائية منظمة العفو الدولية حصيلة قتلى الاحتجاجات بما لا يقل عن 208 أشخاص، مرجحة ارتفاع العدد الإجمالي. وعلى الرغم من أن العاصمة طهران لم تتأثر بالاضطرابات، فإن المشاهد الأكثر إثارة جاءت من البلدات الأكثر فقرا والضواحي التي تسكن فيها الطبقة العمالية في أماكن أخرى من البلاد.

قتل العزل

وألقت مقالة بصحيفة نيويورك تايمز للمراسلين فرناز فاسيهي وريك جلادستون نظرة على مجزرة مروعة في مدينة ماهشهر معشور جنوب غرب البلاد، وهي مدينة أحوازية عربية، حيث قتل عناصر من الحرس الثوري الإيراني ما بين أربعين إلى مئة متظاهر من المدنيين العزل.

ونقلت التايمز عن خريج جامعة عاطل يبلغ من العمر 24 عاما، شارك في الاحتجاجات التي أغلقت طرقا في ماهشهر قوله إن أعز أصدقائه وابن عمه كانا من بين القتلى، وأضاف أنه «جرى إطلاق النار على الشابين في منطقة الصدر، وأعيدت جثتاهما إلى أسرتيهما بعد خمسة أيام، فقط بعد توقيع ذويهم على أوراق بعدم إقامة جنازات أو مراسم تأبين لهما وعدم إجراء مقابلات مع وسائل الإعلام».

تزايد السخط كشفت أحداث الغضب الشعبي عن سخط عميق بين الإيرانيين العاديين ضد المرشد الأعلى علي خامنئي وأصحاب العمائم في طهران.

وفي الوقت الذي أشاد فيه مسؤولو إدارة ترمب، ومن بينهم وزير الخارجية مايك بومبيو، بالانتفاضة التي حدثت نتيجة استراتيجية الضغوط القصوى التي تنتهجها الإدارة الأمريكية والتي قلصت عائدات النفط التي يحتاجها النظام بشدة للمساعدة في دعم قطاعات الاقتصاد المتدهور في البلاد، إلا أن الإيرانيين العاديين تأثروا بشدة من العقوبات الأمريكية التي تسببت في رفع أسعار الغذاء وهددت حصولهم على الأدوية الأساسية.

ويشير التقرير إلى أن التيار المحافظ، الذي هو على خلاف مع إدارة الرئيس حسن روحاني، سعى للابتعاد عن السخط الشعبي، ونأى بنفسه عن قرار الحكومة بخفض الدعم، لكنه فوجئ أيضا بالنطاق الواسع لحركة الاحتجاجات.

رحيل المرشد

وتزامن غضب المحتجين حيال الاقتصاد الإيراني مع الإحباط الشعبي الكبير تجاه سوء الإدارة وفساد النخب السياسية، مما أطلق دعوات في بعض الأماكن للمطالبة برحيل المرشد الأعلى للبلاد علي خامنئي. وكشفت الحصيلة المذهلة للقتلى خلال أيام قليلة من الاضطرابات جليا أن خامنئي وحلفاءه ينتابهم الرعب، فقبل عقد قتل 72 شخصا خلال أشهر من الاحتجاجات في أعقاب انتخابات كان ينظر إليها على نطاق واسع باعتبارها مزورة، أما هذه المرة ومع سقوط مئات القتلى في غضون بضعة أيام بدا أن هناك شيئا أكثر قوة يحدث، فالاحتجاجات الأخيرة تختلف عن احتجاجات عام 2009 عندما نزل الإيرانيون إلى الشوارع بعد أن أعلن مرشحا الرئاسة الإصلاحيان مير حسين موسوي ومهدي كروبي عن تزوير الانتخابات.

الانقلاب القديم

أوضح روح الله فقيهي الذي عمل مع منافذ إعلامية إيرانية في مقال له بموقع المونيتور أن «الاحتجاجات الأخيرة مختلفة عن احتجاجات عام 2009، عندما خرج الناس إلى الشوارع بعد إعلان المرشحين الرئاسيين الإصلاحيين مير حسين موسوي ومهدي كروبي عن تزوير الأصوات»، وأضاف «احتجاجات 2009 كان لديها قادة وأهداف سياسية، لكن أحداث 2019 ليس لديها قائد أو هدف محدد، بل هي تعبير عن غضب وألم متأصلين».

وأصدر موسوي، الذي لا يزال رهن الإقامة الجبرية، تحذيرا للنظام في مطلع الأسبوع، مشبها القمع في الشهر الماضي بالمجزرة التي اندلعت في عام 1978، والتي سبقت سقوط الشاه الإيراني وصعود الجمهورية الإيرانية، حيث قال «قتلة عام 1978 كانوا يمثلون نظاما غير ديني، ومطلقو النار في نوفمبر 2019 يمثلون الحكومة الدينية». وأضاف «هناك كان الشاه هو القائد العام، واليوم هنا ولي فقيه يتمتع بصلاحية مطلقة».

زعماء العصابات

ويشير محللون آخرون إلى أن وجود تشابه أكثر وضوحا ربما يعود إلى فترة أقدم، فقد أشار فالي نصر الأستاذ بمدرسة جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة إلى الاحتجاجات الكبيرة التي اندلعت عام 1963 ردا على خطط إصلاحات أعلنها الشاه أطلق عليها «الثورة البيضاء».

وكتب المؤرخ عباس أمانات في مقالته التي نشرت عام 2017 حول تاريخ إيران الحديث «حوكم زعماء العصابات المسؤولون عن انتفاضة طهران وشنقوا، وأزيلت جميع العلامات المادية التي تشير للدمار في طهران بسرعة، ومع ذلك ظلت الجروح النفسية التي سببها التمرد دون علاج».

وقال نصر لصحيفة واشنطن بوست إن اللحظة كانت بمثابة نقطة تحول بالنسبة لإيران، والتي «وحدت المعارضة ضد الملكية ووضعت إيران في طريقها إلى ثورة 1979»، وقال: درس 1963 هو أنه لا يمكننا دائما توقع أن يؤدي هذا النوع من الدماء إلى حريق أكبر على الفور، لكنه قد يظهر في النهاية في السياسة على الطريق.

حصاد مظاهرات الغضب الإيراني:


  • 29 محافظة شهدت المظاهرات من إجمالي 31


  • 100 مدينة وبلدة اجتاحها الغضب الشعبي


  • 450 قتيلا بين المتظاهرين


  • 731 بنكا تم إحراقها


  • 70 محطة بنزين تم تدميرها


  • 140 موقعا حكوميا أحرقت