الرأي

حقوق الطفل في المملكة العربية السعودية

غزل اليزيدي
اليوم العالمي للطفل مناسبة عالمية تحدث في العشرين من نوفمبر كل عام. يهدف الاحتفال بهذا اليوم للدلالة على الأهمية التي يجب أن يحظى بها جميع الأطفال حول العالم من اهتمام ورعاية، إضافة لزيادة التوعية وتسليط الضوء على القضايا التي يعاني منها الأطفال عالميا، وحث شرائح المجتمع على التفكير في سبل أفضل لتوفير بيئة مثلى للأطفال.

بدأ الاهتمام بقضايا الأطفال يظهر على الساحة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، حيث تفاقمت مشاكل الأطفال في أوروبا واستدعى الأمر التدخل السريع. لذا، كان من أولويات الأمم المتحدة بعد تأسيسها إنشاء وكالة اليونسيف التابعة لها. كانت مهمتها الأساسية تختص بوقف تدهور الوضع الصحي والتعليمي للأطفال، والاهتمام بقضاياهم وتوفير ما يلزمهم.

سبب اختيار هذا التاريخ يرجع لذكرى العشرين من نوفمبر عام 1959 عندما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلان حقوق الطفل وتم وضع الأسس الأولية للاتفاقية، وذكرى اعتمادها النهائي أيضا في العشرين من نوفمبر لعام 1989. بدأ الاحتفال سنويا باليوم العالمي للطفل عام 1990، يصادف الاحتفال هذه السنة الذكرى الثلاثين لاعتماد اتفاقية حقوق الطفل، ثلاثون عاما كانت علامة فارقة في تسليط الضوء على القضايا العالمية التي تواجه الأطفال، وإحداث تغير كبير في سن المفاهيم والحقوق الأساسية لهم.

اتفاقية حقوق الطفل هي ميثاق دولي يوضح الحقوق والواجبات الأساسية التي يجب توفيرها للأطفال حول العالم، وهذا يشمل الحقوق المدنية والتعليمية والاجتماعية والصحية وغيرها من الحقوق الأساسية، تشرف على تنفيذ ومتابعة هذه الحقوق ونتائجها لجان مختصة في الأمم المتحدة لمراقبة وضع الأطفال في الدول الأعضاء في الاتفاقية.

يشار إلى أن جميع الدول صادقت على اتفاقية حقوق الطفل التي اعتمدتها الأمم المتحدة باستثناء الولايات المتحدة التي وقعت على الاتفاقية ولكن لم تصادق على بنودها، مما يعني أنها غير ملزمة بتنفيذها.

تنص اتفاقية حقوق الطفل على أنه يصنف كطفل كل إنسان دون الثمانية عشر عاما. تشمل الاتفاقية 54 مادة، إضافة إلى بروتوكولين اختياريين، حيث تتضمن البنود جميع الحقوق الأساسية التي تكفل بيئة آمنة وصحية لتنشئة الأطفال بطريقة تضمن لهم أبسط الحقوق فيما يتعلق بالتعليم والرعاية الصحية والاجتماعية، كالحماية من العنف الأسري والاعتداء الجسدي ومنع عمالة الأطفال. أما البروتوكولان الاختياريان فيشملان عدم إشراك الأطفال في الحروب، وتجريم بيعهم أو استغلالهم في كل ما يصنف بغير أخلاقي. توقيع الدول على الاتفاقية والتصديق على بنودها يجعلها ملزمة قانونيا أمام شعوبها والمجتمع الدولي بحماية حقوق الطفل فيها بالشكل الذي تمت المصادقة عليه.

على الصعيد الدولي، صادقت السعودية على اتفاقية الأمم المتحدة للطفل عام 1995، ودخلت حيز التنفيذ عام 1996، مع التحفظ على بعض البنود، منها ما يتعارض مع الشريعة الإسلامية ومنها ما يتعارض مع قوانينها. فعلى سبيل المثال تم التحفظ على المادة 14، حيث تنص على أن «تحترم الدول الأطراف حق الطفل في حرية الفكر والوجدان والدين». تم التحفظ أيضا على المادة 21 التي تختص بموضوع التبني، وذلك لما للتبني كما ينص عليه البند من تعارض مع الشريعة الإسلامية، التي عارضت التبني بالشكل المنصوص عليه، وسمحت بأوجه أخرى لرعاية اليتيم كالكفالة الاجتماعية.

من المهم الإشارة إلى انضمام السعودية للاتفاقيات الدولية والبروتوكولات الاختيارية، لتثبت للعالم اهتمامها الداخلي بأهم القضايا في المحافل الدولية، ودحض أي أفكار خاطئة عنها وعن مجتمعها، من جانب آخر فإنه من المهم التنوية على حق الدول في التحفظ على البنود التي تتعارض مع قوانينها، فاتفاقية فينا لقانون المعاهدات كفلت للدول هذا الحق. تمت المصادقة أيضا على عدد من الاتفاقيات العربية والإسلامية، منها «عهد حقوق الطفل في الإسلام» الذي اعتمدته منظمة التعاون الإسلامي عام 2005.

وعلى الصعيد الداخلي، فإن السياسات الداخلية السعودية شملت حقوق الطفل بما يضمن له الرعاية التعليمية والصحية والاجتماعية وغيرها، جميعها محددة بجداول زمنية لمراقبة النتائج والنهوض بها. على سبيل المثال فإن نظام الحماية من العنف والإيذاء في المملكة يهتم بمتابعة قضايا كحالات العنف الجسدي والإهمال الأسري الذي يتعرض له الأطفال، ويشمل التدخل جميع أفراد الأسرة التي تعرض فيها الطفل للضرر، وتتخذ الجهات المعنية جميع الإجراءات الواجب اتخاذها ومتابعتها بما يحقق أفضل سبل الرعاية للطفل واستقراره، إضافة لهذا، فإن جزءا كبيرا من دور المؤسسات يتمثل في التثقيف ونشر الوعي نحو المشاكل التي قد يتعرض لها الأطفال وسبل الحد منها.

برنامج الأمان الأسري أيضا لا يقل أهمية كونه إحدى المؤسسات المعنية بحماية الأطفال من العنف، ومن مشاريعه «خط مساندة الطفل» الذي يختص بتلقي بلاغات العنف التي يتعرض لها الأطفال، واتخاذ الإجراءات اللازمة. ويذكر أن الجهود السعودية الداخلية لحماية حقوق الأطفال لا تقتصر على المواطنين، حيث تشمل أيضا الأطفال السوريين واليمنيين، وذلك بتوفير الخدمات التعليمية والرعاية الصحية بالمجان لهم داخل المملكة.

ختاما، الجهود السعودية لحماية حقوق الطفل لا تقتصر على حدودها الجغرافية فحسب، بل تمتد خارجها أيضا. وكمثال على هذا فإن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية يعمل على إعادة تأهيل الأطفال الذين تم تجنيدهم من قبل الميليشيات في اليمن، أو ممن تأثروا بالحرب، ويتم دمجهم في المدارس التي تخلفوا عنها، إضافة إلى توفير الرعاية الصحية كالتطعيمات الأساسية، والتعاون المستمر مع المنظمات الدولية للقضاء على الكوليرا.

ويشمل الدعم السعودي لحقوق الطفل دوليا أطفال فلسطين أيضا، وذلك من خلال الدعم المالي السخي والمتواصل للأونروا، والذي يجري استغلاله في تحسين المراكز الصحية والمؤسسات التعليمية والمرافق الرياضية التابعة للمدارس، ليتمكن الأطفال الفلسطينيون من الحصول على أبسط الحقوق التي يجب أن يحظوا بها.