نيران سحر أيقظت الأمل لدى الإيرانيين
حادثة مشجعة الاستقلال حفزت الكثيرين من النشطاء لمواجهة النظام القمعي والمضي نحو الحرية
الأربعاء / 9 / ربيع الأول / 1441 هـ - 19:15 - الأربعاء 6 نوفمبر 2019 19:15
أشعلت مشجعة كرة القدم الإيرانية سحر خضيري (29 عاما) النار في نفسها أمام محكمة في طهران خلال عرض درامي للتحدي ضد سلطات النظام، أوائل سبتمبر الماضي، ولم تمر سوى أيام قبل فتح الملاعب أمام الإيرانيات بقرار من الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا».
اعتقلت الشابة التي أسموها «الفتاة الزرقاء» قبل ذلك لتحديها حظرا رسميا على حضور الإناث في الأحداث الرياضية العامة، وهو انتهاك تركها تواجه 6 أشهر خلف القضبان. ماتت سحر متأثرة بحروقها بعد الحادثة بأقل من أسبوع، لكن احتجاجها الصارخ نجح في بث حياة جديدة في الهياج السياسي الذي طغى على إيران منذ عام ونصف تقريبا.
وشهدت طهران أطول فترة من الاضطرابات المستمرة منذ أربعة عقود من الحكم الديني، بداية من شهر ديسمبر 2017 ، عبر مسيرات متواصلة وإضرابات عمالية وغيرها من أشكال الاحتجاج.
نظم الإيرانيون في جميع أنحاء البلاد مظاهرات قوية للتعبير عن وضعهم الاجتماعي المؤلم، والتدهور الاقتصادي والفساد الصارخ الذي أصبح سمة الحياة تحت حكم آيات الله. واستمرت هذه الاحتجاجات رغم تكثيف ضغط النظام.
وبالنسبة لنشطاء آخرين مثل مريم ميمارساديغي، فإن هذه المرونة هي علامة تبعث على الأمل في أن التغيير الحقيقي والهادف ممكن في إيران بعد 40 عاما من الحكم الوحشي، بحسب مجلة ناشيونال إنترست.
المحرمات في طهران
تقول ناشيونال إنترست إن الهدف هو نفسه الذي تسعى إليه الناشطة في مجال حقوق الإنسان الإيرانية الأمريكية ميمارساديغي، البالغة من العمر 47 عاما، حيث طرحت مبادرتها الحالية، وهي إنشاء موقع «تافانا» عام 2010 بتمويل من مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل بوزارة الخارجية الأمريكية.
مهمة موقع تافانا تتمثل في بناء الكفاءات داخل المجتمع الإيراني من خلال التثقيف المدني والحوار العام حول مواضيع مثل حقوق المرأة والإصلاح الإسلامي والقيم الديمقراطية، وهي قضايا لا تزال من المحرمات داخل إيران، عبر الفصول الافتراضية والشبكات الاجتماعية ومجموعة واسعة من الموارد التعليمية المفتوحة من خلال الكتب الالكترونية والكتب الصوتية وتقارير عن تنمية المجتمع المدني ودراسات لقضايا عن حالات النضال غير العنيف من أجل الانتقال الديمقراطي في بلدان أخرى.
وتساعد مبادرة مماثلة لموقع تافانا، والتي تسمى موقع «تافانا تيك» الإيرانيين في اكتساب التكنولوجيا والمعرفة التكنولوجية حتى يتمكنوا من استخدام الانترنت بحرية وأمان لكسب حريتهم. ويعمل «مشروع التسامح» الخاص به على تعزيز فهم أوسع بين الإيرانيين والجماهير العربية للحرية الدينية والتعددية.
القوة الناعمة
يبدو الأمر، وفقا للمجلة، يشبه «القوة الناعمة» التي حشدتها الولايات المتحدة وحلفاؤها ضد الاتحاد السوفيتي في ذروة الحرب الباردة. ووفقا لما قالته ميمارساديغي فإن الجمهور الإيراني اليوم يشبه كثيرا الجمهور الأسير الذي أصابه الوهن خلف الستار الحديدي، فالشعب يدرك تماما عيوب النظام الحالي ويلتهب غضبا بسبب تجاوزاته الوقحة بشكل متزايد، وقد أصابه اليأس بالنسبة لإمكانية تحقيق أي نوع من الإصلاح الهادف للنظام الحالي، لكنه أيضا محبط بسبب قلة الاهتمام من العالم الخارجي وتجاوز النظام الحاكم بالممارسات القمعية المتزايدة.
تعتقد ميمارساديغي وزملاؤها أن التاريخ يمكن أن يساعد في توفير المعلومات والتمكين، ومن بين أكثر مبادرات تافانا نجاحا والأكثر أهمية نشر الأعمال المترجمة للمفكرين الليبراليين، بدءا من أبيجيل آدمز ومونتيسكيو، إلى المنشقين مثل فاتسلاف هافيل وأندريه ساخاروف.
ومن خلال تبادل الدروس المستفادة من صراعات كل منهما يحاول موقع تافانا إثبات أن التجربة الإيرانية ليست فريدة من نوعها، وأن المنشقين الآخرين نجحوا في مواجهة احتمالات مستحيلة على ما يبدو، وأن الناشطين السياسيين في إيران قد يكونون قادرين على فعل الشيء نفسه.
الحماس الثوري
لا ترى ناشيونال إنترست أن الحماس الثوري وحده كاف. وبالنسبة لميمارساديغي فإنها ترى أن العنصر الحاسم لأي تغيير محتمل للنظام في إيران سيكون مظهر المجتمع الذي ينبثق بعد ذلك. ولاحظت أن الديمقراطية أمر غير محتوم، ولا بد من القيام بتحقيق التقدم لضمان أن المجتمع الإيراني متسامح ومنفتح ومتعدد. وهكذا فإن ميمارساديغي وموقع تافانا لا يخططان ليوم الثورة بالطريقة التي يبدو بها الكثير من المعارضين للنظام الإيراني. بدلا عن ذلك يركز عملهما على اللعبة الطويلة المتمثلة في تهيئة الظروف اللازمة للانتقال الديمقراطي في نهاية المطاف في إيران.
مهمة صعبة
يبدو البحث عن الديمقراطية مهمة صعبة بالتأكيد، فعندما اختار الرئيس باراك أوباما الذي كان يتطلع إلى نوع من التوافق مع الجمهورية الإيرانية، أن يزدري الثورة الخضراء عندما ظهرت في إيران في صيف عام 2009 جعلت هذه الحالة الإيرانيين متوجسين من إلقاء ثقلهم الكامل وراء الاحتجاجات الداخلية، وجعلتهم متشائمين بخصوص تلقي دعم أمريكي متوقع إذا فعلوا ذلك.
وظلت هذه المخاوف قائمة أثناء عهد دونالد ترمب، حيث تقول ميمارساديغي: إن سياسة الرئيس الأمريكي الحالي تجاه إيران هي فقط في منتصف الطريق المؤيد للحرية.
في الواقع، كما لاحظ الكثيرون الآن، كانت قضايا حقوق الإنسان والديمقراطية والحرية مفقودة بشكل واضح عن النقاط الاثنتي عشرة التي ذكرها وزير الخارجية مايك بومبيو في شهر مايو 2018 كشرط أساسي لتطبيع العلاقات بين واشنطن وطهران.
ويعكس هذا الفقدان حقيقة أن الإدارة الحالية، على عكس إدارة الرئيس الجمهوري الأخير جورج دبليو بوش، تبدو متناقضة بشدة حول أي شيء يشبه أجندة الحرية.
يتردد البيت الأبيض في عهد ترمب في تقديم المساعدة لتحقيق الديمقراطية بشكل لا لبس فيه للقوات في الخارج، أو للتأكيد حقا على المأزق الذي يعانيه السكان الأسرى في أماكن مثل فنزويلا وكوبا وروسيا.
فساد رجال الدين
وترى مجلة ناشيونال إنترست أن إيران ليست استثناء، ففي حين أن إدارة ترمب أعربت علنا عن دعمها للاحتجاجات الحالية التي تحدث داخل إيران، فإنها على الأقل لم تفعل الكثير لمساعدة الإيرانيين بشكل ملموس حتى الآن، وهو ما تعده ميمارساديغي خطأ فادحا. فعدم التدخل يعد تدخلا. وبعبارة أخرى فإن ظهور الازدواجية الأمريكية تجاه محنة الشعب الإيراني يعطي سندا للقوات داخل الجمهورية الإيرانية وخارجها على السواء، والتي تفضل أن يسود الوضع الراهن.
ومع ذلك تظل ميمارساديغي متفائلة في أن حالة الضغط القصوى ستتطور في النهاية لتشمل حملة حقيقية لتعزيز الديمقراطية داخل إيران، وتقول إنه عندما يحدث ذلك، ستحتاج واشنطن إلى التركيز بشكل أكبر، وضرورة القيام بمزيد من التقارير حول الفساد المستشري لنخبة رجال الدين في إيران.
ماذا يحتاج الشعب الإيراني؟
اعتقلت الشابة التي أسموها «الفتاة الزرقاء» قبل ذلك لتحديها حظرا رسميا على حضور الإناث في الأحداث الرياضية العامة، وهو انتهاك تركها تواجه 6 أشهر خلف القضبان. ماتت سحر متأثرة بحروقها بعد الحادثة بأقل من أسبوع، لكن احتجاجها الصارخ نجح في بث حياة جديدة في الهياج السياسي الذي طغى على إيران منذ عام ونصف تقريبا.
وشهدت طهران أطول فترة من الاضطرابات المستمرة منذ أربعة عقود من الحكم الديني، بداية من شهر ديسمبر 2017 ، عبر مسيرات متواصلة وإضرابات عمالية وغيرها من أشكال الاحتجاج.
نظم الإيرانيون في جميع أنحاء البلاد مظاهرات قوية للتعبير عن وضعهم الاجتماعي المؤلم، والتدهور الاقتصادي والفساد الصارخ الذي أصبح سمة الحياة تحت حكم آيات الله. واستمرت هذه الاحتجاجات رغم تكثيف ضغط النظام.
وبالنسبة لنشطاء آخرين مثل مريم ميمارساديغي، فإن هذه المرونة هي علامة تبعث على الأمل في أن التغيير الحقيقي والهادف ممكن في إيران بعد 40 عاما من الحكم الوحشي، بحسب مجلة ناشيونال إنترست.
المحرمات في طهران
تقول ناشيونال إنترست إن الهدف هو نفسه الذي تسعى إليه الناشطة في مجال حقوق الإنسان الإيرانية الأمريكية ميمارساديغي، البالغة من العمر 47 عاما، حيث طرحت مبادرتها الحالية، وهي إنشاء موقع «تافانا» عام 2010 بتمويل من مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل بوزارة الخارجية الأمريكية.
مهمة موقع تافانا تتمثل في بناء الكفاءات داخل المجتمع الإيراني من خلال التثقيف المدني والحوار العام حول مواضيع مثل حقوق المرأة والإصلاح الإسلامي والقيم الديمقراطية، وهي قضايا لا تزال من المحرمات داخل إيران، عبر الفصول الافتراضية والشبكات الاجتماعية ومجموعة واسعة من الموارد التعليمية المفتوحة من خلال الكتب الالكترونية والكتب الصوتية وتقارير عن تنمية المجتمع المدني ودراسات لقضايا عن حالات النضال غير العنيف من أجل الانتقال الديمقراطي في بلدان أخرى.
وتساعد مبادرة مماثلة لموقع تافانا، والتي تسمى موقع «تافانا تيك» الإيرانيين في اكتساب التكنولوجيا والمعرفة التكنولوجية حتى يتمكنوا من استخدام الانترنت بحرية وأمان لكسب حريتهم. ويعمل «مشروع التسامح» الخاص به على تعزيز فهم أوسع بين الإيرانيين والجماهير العربية للحرية الدينية والتعددية.
القوة الناعمة
يبدو الأمر، وفقا للمجلة، يشبه «القوة الناعمة» التي حشدتها الولايات المتحدة وحلفاؤها ضد الاتحاد السوفيتي في ذروة الحرب الباردة. ووفقا لما قالته ميمارساديغي فإن الجمهور الإيراني اليوم يشبه كثيرا الجمهور الأسير الذي أصابه الوهن خلف الستار الحديدي، فالشعب يدرك تماما عيوب النظام الحالي ويلتهب غضبا بسبب تجاوزاته الوقحة بشكل متزايد، وقد أصابه اليأس بالنسبة لإمكانية تحقيق أي نوع من الإصلاح الهادف للنظام الحالي، لكنه أيضا محبط بسبب قلة الاهتمام من العالم الخارجي وتجاوز النظام الحاكم بالممارسات القمعية المتزايدة.
تعتقد ميمارساديغي وزملاؤها أن التاريخ يمكن أن يساعد في توفير المعلومات والتمكين، ومن بين أكثر مبادرات تافانا نجاحا والأكثر أهمية نشر الأعمال المترجمة للمفكرين الليبراليين، بدءا من أبيجيل آدمز ومونتيسكيو، إلى المنشقين مثل فاتسلاف هافيل وأندريه ساخاروف.
ومن خلال تبادل الدروس المستفادة من صراعات كل منهما يحاول موقع تافانا إثبات أن التجربة الإيرانية ليست فريدة من نوعها، وأن المنشقين الآخرين نجحوا في مواجهة احتمالات مستحيلة على ما يبدو، وأن الناشطين السياسيين في إيران قد يكونون قادرين على فعل الشيء نفسه.
الحماس الثوري
لا ترى ناشيونال إنترست أن الحماس الثوري وحده كاف. وبالنسبة لميمارساديغي فإنها ترى أن العنصر الحاسم لأي تغيير محتمل للنظام في إيران سيكون مظهر المجتمع الذي ينبثق بعد ذلك. ولاحظت أن الديمقراطية أمر غير محتوم، ولا بد من القيام بتحقيق التقدم لضمان أن المجتمع الإيراني متسامح ومنفتح ومتعدد. وهكذا فإن ميمارساديغي وموقع تافانا لا يخططان ليوم الثورة بالطريقة التي يبدو بها الكثير من المعارضين للنظام الإيراني. بدلا عن ذلك يركز عملهما على اللعبة الطويلة المتمثلة في تهيئة الظروف اللازمة للانتقال الديمقراطي في نهاية المطاف في إيران.
مهمة صعبة
يبدو البحث عن الديمقراطية مهمة صعبة بالتأكيد، فعندما اختار الرئيس باراك أوباما الذي كان يتطلع إلى نوع من التوافق مع الجمهورية الإيرانية، أن يزدري الثورة الخضراء عندما ظهرت في إيران في صيف عام 2009 جعلت هذه الحالة الإيرانيين متوجسين من إلقاء ثقلهم الكامل وراء الاحتجاجات الداخلية، وجعلتهم متشائمين بخصوص تلقي دعم أمريكي متوقع إذا فعلوا ذلك.
وظلت هذه المخاوف قائمة أثناء عهد دونالد ترمب، حيث تقول ميمارساديغي: إن سياسة الرئيس الأمريكي الحالي تجاه إيران هي فقط في منتصف الطريق المؤيد للحرية.
في الواقع، كما لاحظ الكثيرون الآن، كانت قضايا حقوق الإنسان والديمقراطية والحرية مفقودة بشكل واضح عن النقاط الاثنتي عشرة التي ذكرها وزير الخارجية مايك بومبيو في شهر مايو 2018 كشرط أساسي لتطبيع العلاقات بين واشنطن وطهران.
ويعكس هذا الفقدان حقيقة أن الإدارة الحالية، على عكس إدارة الرئيس الجمهوري الأخير جورج دبليو بوش، تبدو متناقضة بشدة حول أي شيء يشبه أجندة الحرية.
يتردد البيت الأبيض في عهد ترمب في تقديم المساعدة لتحقيق الديمقراطية بشكل لا لبس فيه للقوات في الخارج، أو للتأكيد حقا على المأزق الذي يعانيه السكان الأسرى في أماكن مثل فنزويلا وكوبا وروسيا.
فساد رجال الدين
وترى مجلة ناشيونال إنترست أن إيران ليست استثناء، ففي حين أن إدارة ترمب أعربت علنا عن دعمها للاحتجاجات الحالية التي تحدث داخل إيران، فإنها على الأقل لم تفعل الكثير لمساعدة الإيرانيين بشكل ملموس حتى الآن، وهو ما تعده ميمارساديغي خطأ فادحا. فعدم التدخل يعد تدخلا. وبعبارة أخرى فإن ظهور الازدواجية الأمريكية تجاه محنة الشعب الإيراني يعطي سندا للقوات داخل الجمهورية الإيرانية وخارجها على السواء، والتي تفضل أن يسود الوضع الراهن.
ومع ذلك تظل ميمارساديغي متفائلة في أن حالة الضغط القصوى ستتطور في النهاية لتشمل حملة حقيقية لتعزيز الديمقراطية داخل إيران، وتقول إنه عندما يحدث ذلك، ستحتاج واشنطن إلى التركيز بشكل أكبر، وضرورة القيام بمزيد من التقارير حول الفساد المستشري لنخبة رجال الدين في إيران.
ماذا يحتاج الشعب الإيراني؟
- مواجهة تضليل النظام الإيراني وتفعيل قنوات المحاكاة التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها للصحفيين والأكاديميين وخبراء الفكر.
- رفع مكانة قادة ونشطاء المعارضة الإيرانيين في الدبلوماسية الأمريكية والخطاب العام، وتوفير موارد مالية مهمة، مثلما فعلت أمريكا من قبل لحركة التضامن البولندية، لتمكين المتظاهرين ومنظمي العمل على وجه الخصوص من مواصلة نشاطهم واستمرار إطعام أسرهم.
- تعميق العلاقات مع الشعب الإيراني عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والعمل مع مزودي شبكة الانترنت وشركات التواصل الاجتماعي للتأكد من أن قنوات الاتصال هذه تظل متاحة على الرغم من الضغوط التي يفرضها النظام.
- تحفيز المنظمات المدنية الأمريكية، مثل نقابات المعلمين، على الاعتراف بضرورة التضامن مع نظيراتها في إيران.
- حسم ميزان القوى في الشارع الإيراني بعيدا عن آية الله في إيران وتجاه الشعب الإيراني، رغم احتمالية حدوث عواقب وخيمة.