الرأي

الإدارة المركزية للمخاطر في برنامج التحول الوطني

جبريل العريشي
برنامج التحول الوطني هو أحد البرامج التنفيذية التي تم إطلاقها لضمان تحقيق رؤية المملكة العربية السعودية 2030. وهو يستهدف تحقيق الأولويات الوطنية ويتضمن مبادرات نوعية - لها خطط تفصيلية ومؤشرات واضحة لقياس الأداء - تغطي كل قطاعات الدولة.

وتتعرض المؤسسات الحكومية، عند تنفيذها لدورها في هذا البرنامج، لمواجهة أمور غير معتادة يطلق عليها المخاطر، والتي تمثل الأضرار المحتملة التي يمكن أن تحدث أثناء تنفيذ ما تقوم به من مبادرات، والتي - إذا وقعت - تؤثر سلبا على نتائجها. ومن هنا نشأت الحاجة إلى تطبيق مفهوم إدارة المخاطر عند تنفيذ مبادرات برنامج التحول الوطني، والذي يتضمن الربط بين احتمال وقوع الأحداث العارضة المرتبطة بمجموعة متنوعة من المخاطر وبين الآثار المترتبة على حدوثها، وتحديد الوسائل المناسبة للتحكم فيها بصورة استباقية.

وتستلزم الإدارة الناجحة للمخاطر أن يتم إجراء عملية تقييم لها من حيث حجم الخسائر التي قد تنجم عنها، ثم تحديد احتمال حدوث كل واحد منها وأثره على المؤسسة في حالة وقوعه.

وفي هذا الإطار

ينبغي أن تتكامل إدارة المخاطر مع ثقافة المؤسسة الحكومية التي تنفذ مبادرات البرنامج، ومع السياسة التي تضعها الإدارة العليا فيها، كما يجب أن تترجم استراتيجية إدارة المخاطر إلى أهداف عملية وخطط تنفيذية، وأن يتم تحديد المسؤوليات لكل مدير أو موظف مسؤول عن إدارة المخاطر كجزء من وصفه الوظيفي.

ويرى عدد من الخبراء أن وجود هيئة مركزية لإدارة المخاطر على مستوى الدولة قد يكون ذا أثر كبير في نجاح إجراءات إدارة المخاطر في برنامج التحول الوطني على مستوى مؤسساتها، خاصة تلك التي تتعلق بالمبادرات التي تعتمد على غيرها من المبادرات في قطاعات أخرى، حيث يمكن حينئذ - من منظور فوقي - دراسة ومتابعة الخطط التفصيلية لتنفيذ برامج التحول الوطني التي تقوم بها مؤسسات الدولة، وكذلك مراقبة ومتابعة وسائل التحكم فيما قد تتعرض له من مخاطر.

كما يمكن من المنظور نفسه، أن تقوم الهيئة بمتابعة وتقييم مستوى تنفيذ المبادرات من خلال لوحات عرض مؤشرات الأداء، وبمقارنة النتائج بالخطط الموضوعة مقدما لرصد الفجوات بينهما، والمخاطر التي تستجد بسببها، ثم بالتدخل بالتوصية والتوجيه لاتخاذ الإجراءات التصحيحية بشكل مبكر قبل تفاقم آثار تلك الفجوات.

وفي هذا السياق، فإنه عند اتخاذ قرارات من قبل أي مؤسسة بتغيير المخطط الزمني لتنفيذ المبادرات، أو بزيادة وتيرة العمل، أو بالتخفيف من حدة بعض المخاطر، أو باتخاذ أي قرارات رئيسية أخرى أثناء التنفيذ مغايرة لخطط التحكم في المخاطر، فإنه يجري إخطار الهيئة لكي تقيم وتقر هذه التغييرات باعتبار أن لديها الرؤية الشاملة لبرنامج التحول الوطني.

وتعد إتاحة الوصول المباشر إلى قواعد بيانات المؤسسات للاطلاع على بياناتها بواسطة منسوبي هيئة إدارة المخاطر أداة رئيسة من أدواتها في الرقابة والمتابعة، حيث إن ذلك من شأنه أن يضطر هذه المؤسسات إلى رفع جودة ما لديها من البيانات، ويقضي في الوقت نفسه على مشاكل نقل البيانات والتقارير منها إلى الهيئة.

jarishee@yahoo.com