العالم

حرب بلا دماء لردع طهران

هولتكويست: لاحظنا قراصنة إيرانيين يتأهبون لشن هجمات الكترونية على المنطقة وليامز: أسلحتنا لا تتسبب في سفك الدماء ولا تضع الناس في خطر فورين بوليسي ترسم خارطة طريق لشن هجوم الكتروني ردا على الاستفزازات

برزت الهجمات السيبرانية الالكترونية كإحدى الوسائل التي يمكن أن تستخدمها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها ردا على الاستفزازات الإيرانية الأخيرة، وانتقاما من الهجمات التي تورط فيها نظام الملالي، وكأحد الحلول البديلة لاستخدام الحرب التقليدية التي قد تساهم في تدمير المنطقة وزرع مزيد من العدوانية وسفك الدماء.

ويرسم تقرير لمجلة فورين بوليسي الأمريكية المتخصصة، خريطة طريق لـ «حرب بلا دماء» عبر الأسلحة الرقمية لضرب وردع طهران ونظام الملالي واستعراض القوة، بدلا من شن هجوم صاروخي وطائرات بدون طيار قد تساهم في المزيد من الدمار، ورد الفعل المضاد.

الرد المزدوج

تشير التقارير إلى أن الولايات المتحدة واقتصادها الرقمي الضخم قد يتعرض للهجوم، مع قيامها بجعل الأسلحة الالكترونية جزءا أكبر من ترسانتها العسكرية، حيث أصبحت هذه الهجمات سمة روتينية للطرق التي تتفاعل بها البلدان مع بعضها البعض في الفضاء الالكتروني، وهذا ما أثار قلق حتى قدامى المحاربين في وحدات القرصنة الأمريكية.

وقال مؤسس شركة للأمن السيبراني والخبير المخضرم في النخبة التابعة للأمن القومي الأمريكي جيك وليامز «تطبيع الهجمات المدمرة هو ما يهمني».

ضرب الأهداف

إيران ليست الجبهة الأمريكية الوحيدة في الفضاء الالكتروني، فقد قامت كل من روسيا والصين وكوريا الشمالية باستثمارات كبيرة في قدراتها على الاختراق.

تدخلت روسيا في الانتخابات الأمريكية، وتم اتهام المتسللين الصينيين بانتشار سرقة الملكية الفكرية، وخاصة من شركات التكنولوجيا الأمريكية، ووثق الباحثون كيف استخدمت بكين جيشها الرقمي المتطور لاستطلاع الأقليات والمعارضين، في غضون ذلك، نفذت كوريا الشمالية سلسلة من عمليات السطو الرقمية الجريئة لتوليد أموال للنظام الذي يعاني من ضائقة مالية.

أصبح النشاط العسكري والاستخباراتي عبر الانترنت حقيقة من حقائق الحياة المعاصرة، لكن الولايات المتحدة وبعد سنوات من الحذر النسبي في استخدامها للأسلحة الرقمية وحتى عندما تحث بقية العالم على ممارسة قدر أكبر من ضبط النفس أصبحت أكثر عدوانية أخيرا، فقد فوضت إدارة ترمب إلى وكالة الأمن القومي وقيادة سايبر الأمريكية، وهي الوحدة العسكرية المكلفة بتنفيذ عمليات هجومية عبر الانترنت، وسلطة أكبر لضرب الأهداف وإجراء الاستطلاع.

مواجهات غير دموية

ضربات الطائرات بدون طيار، أصبحت جزءا لا يتجزأ من ترسانة الولايات المتحدة قبل ما يزيد قليلا عن عقد من الزمان، حيث تقدم الأسلحة الالكترونية على ما يبدو وسيلة مواجهات غير دموية لاستهداف الأعداء مع خطر أن تصبح تراجعا تلقائيا، ليس فقط للولايات المتحدة، ولكن لأي شخص آخر كذلك.

وقال سيرجيو كالتاجيرون، نائب رئيس الاستخبارات في شركة دراغوس للأمن السيبراني الصناعي «إنه جزء متزايد من الترسانة التي تستخدمها الدول ضد بعضها البعض»، مضيفا «المشكلة على المدى الطويل هي أن الولايات المتحدة تستخدم الانترنت باستمرار، مما يعطي فكرة أنه يمكن استخدامه في أي وقت.»

فتح صندوق بانادورا

الاستخدام المتزايد للأسلحة السيبرانية له مجموعة من العواقب غير المتوقعة. يشبه فتح صندوق بانادورا، حيث يمكن أن تكون عواقب اقتحام نظام كمبيوتر أو إطلاق هجوم الكتروني غير قابلة للتنبؤ إلى حد كبير.

عندما أطلقت المخابرات الروسية العنان للفدية NotPetya في أوكرانيا في عام 2017، على سبيل المثال، ربما لم تتوقع أنها ستغلق في نهاية المطاف شركة الشحن العملاقة الدانمركية مايرسك وحتى المستشفيات البريطانية.

والولايات المتحدة ليست غريبة على العواقب غير المتوقعة للأسلحة الرقمية، حيث تم اكتشاف هجومها الالكتروني الهام على البنية التحتية لإيران فقط في 2010 بعد انتشار البرمجيات الخبيثة Stuxnet إلى أنظمة الكمبيوتر الأخرى التي لم تكن تهدف إلى استهدافها.

سلاح رقمي مدمر

في الواقع، كان Stuxnet سلاحا رائدا في تاريخ الحرب الالكترونية، حيث يوضح إمكانات الأسلحة الرقمية لمهاجمة الأهداف الرئيسة سرا، واستخدام الأسلحة السيبرانية لإحداث دمار مادي في العالم الواقعي.

لكن استخدام الولايات المتحدة للأسلحة الالكترونية كان بشكل عام أكثر تقييدا من خصومها، وعلى عكس روسيا، على سبيل المثال، امتنعت الولايات المتحدة عن استخدام الأسلحة الالكترونية لاستهداف البنية التحتية المدنية، على الأقل بقدر ما هو معروف للجمهور.

استخدام الأسلحة الرقمية في الصراع المستمر بين إيران والولايات المتحدة له مزايا واضحة، القرصنة لديها احتمال أقل بكثير من سفك الدماء من العمل العسكري، حيث قال وليامز مدير القراصنة السابق لوكالة الأمن القومي «إننا لا نضع الناس في خطر».

قراصنة إيران

هذه الحقيقة زادت من جاذبية الأسلحة الالكترونية إلى ترمب والذي يتردد في إلحاق خسائر، حيث ألغى في آخر لحظة ضربة عسكرية انتقامية ضد إيران بعد إسقاط طائرة أمريكية بدون طيار في يونيو. وبدلا من ذلك، شن ترمب هجمات الكترونية ضد أنظمة الكمبيوتر الإيرانية التي استخدمت في تنظيم الاستيلاء على الناقلات، ويدرس ترمب مرة أخرى استخدام الأسلحة الالكترونية ردا على الهجمات التي شنتها طهران على منشآت النفط في المنطقة.

لكن في كل هجوم الكتروني تطلقه الولايات المتحدة ، يجب عليها أيضا اتخاذ خيارات صعبة بشأن القيمة الاستخباراتية لمثل هذه الخطوة، فعلى عكس العمل العسكري التقليدي، يمكن أن تتسبب الهجمات الالكترونية في أضرار جانبية بعيدة عن ساحة المعركة، ويخشى خبراء أمن الكمبيوتر الأمريكيون أن يكون عملاؤهم هدفا للانتقام الإيراني المحتمل.

وقال هولتكويست إن شركته الأمنية لاحظت قراصنة إيرانيين يبحثون في أنظمة البنية التحتية الحيوية في السعودية في الأسابيع الأخيرة، بما في ذلك عن طريق إرسال رسائل بريد الكتروني تصيد الاحتيال، وهي محاولات لخداع المستخدمين لإتاحة الوصول إلى أجهزة الكمبيوتر لموظفي الشركة، وقد يكون النشاط الذي لاحظته FireEye مؤشرا على الاستعداد لشن هجوم.