الرأي

خماسية غسيل الدماغ!

صلاح صالح معمار
قبل أيام كنت أقرأ كتابا ممتعا وعميقا بعنوان غسيل الدماغ (Brainwashing) علم التحكم في التفكير، للرائعة Kathleen Taylor، والذي وصفت فيه غسيل الدماغ بأنه طريقة يقصد بها تحويل الفرد عن اتجاهاته وقيمه وأنماطه السلوكية وقناعاته، وتبنيه قيما أخرى جديدة تُفرض عليه من قبل جهة ما أو شخص ما. ولعل أشهر من استخدمه الصينيون الشيوعيون عام 1950، عندما كانوا يطبقون برنامجا يسمى الإصلاح الفكري الشيوعي الصيني، لاعتقادهم أن الأفراد الذين لم يتعلموا في مجتمع شيوعي يجب إعادة تعليمهم قبل أن يأخذوا مكانهم في المجتمع.

كما تعتبر الحرب الكورية من أشهر الحروب التي استعملت فيها عملية غسيل الدماغ حين وقع كثير من الجنود الأمريكيين في أسر الشيوعين الصينيين، والذين اعترفوا بأنهم اعتنقوا الشيوعية. وقد تم تفسير تلك الاعترافات بأنها كانت نتيجة وقوعهم تحت تأثير عمليات لغسل أدمغتهم. وتقول دائرة المعارف الأمريكية إنه تم استخدام فنيات لتدمير أي فكر معاد للشيوعية واستبداله بالإيمان المطلق بالفكر الشيوعي. وهذه الفنيات وجدتها في أكثر من مرجع لا تخرج على خمسة أمور، ويمكن استخدامها في إصلاح فكر أو تدمير فكر!

العزل الفردي:

الخطوة الأولى لغسيل الدماغ القسري تكون من خلال عزل الشخص عن العالم الخارجي عزلا تاما، بعيدا عن معارفه وعن مصادر المعلومات وصور الحياة العادية، وإيهامه بأن محبيه وأصدقاءه تخلوا عنه حتى يشعر أنه أصبح وحيدا في عالمه، ولا يوجد بجواره من يستطيع أن يعاونه في محنته، إلى أن يصل إلى حالة عالية من اليأس والضعف.

الضغط الجسدي:

بمرحلة العزل تجري عملية ممارسة الضغط الجسدي على الشخص المراد غسل دماغه، وذلك من خلال حرمانه من الطعام والنوم حتى يصاب بدرجة من الإعياء والانهيار الجسدي الذي يؤثر على عقله، فيصبح أكثر استعدادا للتنازل عن معتقداته وقيمه، حيث يعطى للمعزول ما يكفيه من طعام يبقيه على قيد الحياة، وليس بالكمية التي يتطلبها الجسم لجعل ذهنه يؤدي وظائفه بدرجة كافية، وكذلك ساعات الراحة والنوم تقل بشكل كبير جدا للوصول إلى حالة عدم الصفاء الذهني، وذلك من خلال بيئة النوم فيها شبه مستحيل، حيث يوقظ الفرد في ساعة غير عادية أو يجبر على الاستيقاظ كلما نام.

الضغط النفسي:

يجري استخدام أساليب تعذيب جسدية ونفسية متنوعة وبطيئة، إما بشكل مباشر للمعزول أو غير مباشرة من خلال تعذيب من هم حوله من المعزولين! ومن الأساليب العنيفة التي استخدمت في الحرب العالمية الثانية وضع الفرد في غرفة على شكل إناء كبير ثم يربط داخل الإناء بحيث لا يستطيع التحرك، ويصب الماء بعد ذلك ببطيء داخل الإناء حتى يصل مستوى الماء إلى طرف أنفه، مما يجعله يصارع بشدة لإبقاء رأسه خارج مستوى الماء.

الإذلال والخضوع:

تعتمد هذه الوسيلة على اتباع المعزول لنظم تستوجب عليه الخضوع التام والإذلال في أي نشاط يرغب به كتناول الطعام أو النوم أو الاغتسال! كما يمنع من القيام بأي عمل دون الحصول على إذن مع انحناء رأسه وعينيه، إضافة إلى المضايقة والإيذاء المستمر لإشعاره بالذل والضعف والهوان.

الدروس الجماعية: وهذه هي المحطة الأخيرة التي يصلها المعزول، يصلها وهو منهك جسديا ونفسيا وذهنيا! وفي هذه المرحلة يتم تقديم قراءات ومحاضرات تتبعها أسئلة ليثبت كل فرد استيعابه لما يُقَدم، على أن يتبع هذا بمناقشات يُطلب فيها من كل فرد كيف يمكنه أن يطبقها، حتى يعيد الشخص تقييم ماضيه من وجهة النظر الجديدة، ثم يعترف بجرم فكره السابق.

S_Meemar@