تواصل المعلمة خطوة أولى لإرشاد الأسر
الاثنين / 8 / صفر / 1441 هـ - 12:45 - الاثنين 7 أكتوبر 2019 12:45
حينما أخرب في الصف، وأتعمد الإزعاج، وأضايق هذا وذاك؛ أنا فقط أريد أن أقول لك معلمتي «إني بحاجة إلى مساعدتك»، وربما أمي كذلك بحاجة لتواصلك معها (موعية، ومثقفة) لكيفية التعامل معي!
كثيرا ما تشعر معلمة رياض الأطفال أنها بحاجة منذ بداية العام للقاء بوالدة طفل من أطفال فصلها في أقرب وقت ممكن، وتلح الحاجة كلما شعرت بالتحدي المرهق الذي شكله وجود هذا الطفل، وما إن تحن فرصة التواصل مع الأم حتى تجمع لها المعلمة - دون قصد - مجموعة من الملاحظات السلبية، قد تتلطف المعلمة أثناء تقديمها للأم، وقد تختار الوقت المناسب محاولة تخفيف وطأها عليها، إلا أنها ولسوء الحظ ليست هذه الطريقة الصحيحة، ولا هي واحدة من خطوات التواصل الصحيح مع الأم، حتى وإن قدمت مصحوبة بهدية أو باقة من الورود! كون أول تواصل يتمثل في ملاحظات أو ملاحظة واحدة سلبية فحسب يجعل الأم تأخذ موقفا صادما من المعلمة.
وكثيرا ما نواجه نحن المعلمين إنكارا من بعض أولياء الأمور، أو هجوما كنوع من الدفاع عن فلذات أكبادهم، كأن يقول أحد الوالدين «مدرستكم المسؤولة عن ذلك - أصلا المعلم مقصر في كذا وكذا..»، خاصة إن لاحظ المعلم أن الطفل غير عادي، وأراد هو وإدارة المدرسة فتح هذا الموضوع مع ولي الأمر لإحالة الطفل إلى جهة تشخيصية، فالأمر هنا يحتاج إلى دراسة أعمق لطريقة التواصل، ولسنا بصددها الآن فهذه المقالة ستتناول طريقة التواصل مع ولي أمر الطفل العادي الذي يشكل تحديا للمعلم.
أثناء دراستي مقرر الإرشاد النفسي للأطفال وأسرهم شعرت بضرورة تقديم خلاصة هذا المقرر في مقالات علمية أو لقاءات تربوية لمعلمات رياض الأطفال والصفوف الأولية أو المعلمات بصفة عامة.
إن هدف أول تواصل مع أولياء الأمور عموما يصنع الفرق، فإما أن نجد ولي أمر متعاونا ومساندا للمدرسة في دورها التربوي، وإما ولي أمر ناقما على المدرسة لا يكل عن رفع الشكاوى عليها.
فالإرشاد النفسي فن، ومن أمهر فنونه التواصل مع أولياء أمور التلاميذ، إذ يجب أن يمر التواصل بمراحل متسلسلة، وسأضرب المثال هنا لمعلمة الروضة، كونها أكثر المعلمين حاجة إلى التواصل مع أولياء أمور أطفال هذه المرحلة الحساسة.
طفل يشكل تحديا.. كيف أتواصل مع والدته؟
1 أول تواصل مع الأم يجب أن يكون بلا مناسبة، رسالة تعارف فقط «السلام عليكم ورحمة الله.. طاب مساؤك والدة محمد، وددت تعريفك برقمي، ويسعدني تواصلك معي.. أتمنى أن تكوني دائما بخير».
2 ثاني رسالة يجب أن تكون ملاحظة إيجابية (نقبي عنها من تحت الأرض) مثلا «لاحظت محمدا يحضر طعاما صحيا، شكرا لاهتمامك» أو «محمد أكثر الأطفال ارتداء لمريول المدرسة، شكرا لحرصك» أو «محمد حضر مبكرا» أو «محمد طفل فكاهي، أشعر بالسعادة حينما أراه.. إلخ» أي ملاحظة إيجابية.
3 عند نقل السلوك المشكل انقليه بطريقة إيجابية، مثلا «محمد من الأطفال الذين لهم قبول لدى أصحابهم، لاحظت أنهم يحبونه رغم أنه ضرب فلانا اليوم، وضايق فلانا بسكب عصيره أثناء تناول الوجبة، لكن أعجبني تصرفه حينما اعتذر من زملائه.. آمل ألا تؤنبيه، فربما لا يتكرر هذا السلوك منه»، إن لم يعتذر استبدليها بـ «أحسست بتقديره لشعور زملائه حينما أوضحت له تأثير تصرفه عليهم».
مثال آخر «محمد من الأطفال الذين يبدون تعاونا في الصف، لكنه يخرب أحيانا بعض الوسائل (الأدوات، الممتلكات..)، وقد حدثته بدوري عن الضرر الذي يلحق بالآخرين حين يفعل ذلك، ولاحظت استيعابه لهذا، حفظه الله!».
وقد تظهر المعلمة من خلال التواصل بعض استراتيجيات إدارة سلوك الأطفال، كأن تقول «تعمدت تجاهل هذا السلوك من الطفل كي لا يتكرر». غالبا الأم في هذه المرحلة تكون قد لاحظت تصرفات طفلها، وأنها بحاجة إلى إرشاد المعلمة لها لتوجيه سلوك الطفل المشكل، سواء في البيت أو المدرسة، وقد تطلب المساعدة، وقد لا يحدث ذلك من بعض الأمهات.
4 عند تكرار السلوك المشكل تشرك المعلمة الأم بالخطة الإرشادية، وتوضح أن نجاح هذه الخطة يتوقف على تعاونها كأم مع المعلمة أو المدرسة. مثال «مرحبا أم محمد.. كيف حالك وحال صغيري، أتمنى أنه ووالدته بأحسن حال.. أحتاج تواصلك معي لمساعدتي في تشجيع محمد على سلوكياته الإيجابية؛ للتغلب على بعض السلوك المشكل، ولاكتشاف أفضل ما لديه من قدرات ومواهب وميول.. جعله الله قرة عين لك!».
التواصل في هذه الخطوات يكون إما خطيا في سجل التواصل، وإما عبر الجوال، أما في المرحلة الأخيرة فنحن بحاجة إلى زيارة الأم للروضة، وتكون المعلمة في هذه الأثناء قد دونت عن الطفل ملاحظات منتظمة بطريقة علمية موضوعية، ولذا من المهم جدا تدرب المعلمة على طريقة الملاحظة كأداة لدراسة السلوك، فتدون بانتظام من غير انتقاء لمواقف الطفل، لتكشف الظروف والأسباب التي أدت إلى السلوك المشكل من غير أحكام أو تحيز أو ذاتية.
فأغلب الملاحظات المكتوبة التي أطلع عليها تكون كلها تدوينا للسلوك السلبي ظنا من المعلمة أنها تدون السلوك الذي بحاجة للعلاج فقط.
إن في رحلة بحثنا هذه عن إيجابيات الطفل فوائد كثيرة، وليست بروتوكولا للتواصل مع الأم فحسب، إنما لتدريب الأم أيضا للبحث والنظر في السلوك الإيجابي للطفل كخطوة أولى للعلاج.
وكثيرا ما تكتشف معلمة رياض الأطفال أن السبب وراء سلوك طفلها المشكل هو الطرق الخاطئة التي تتم معاملة الطفل بها في المنزل.
أخيرا، دور المعلمة في إرشاد الأم يبدأ بطريقة التواصل معها ولا ينتهي بها، فمعلمة رياض الأطفال قادرة بحق على إرشاد الأطفال وأسرهم للوصول بالأطفال إلى أفضل ما وهبهم الله من قدرات.
وسيكون لنا وقفات أخرى - بإذن الله - بهذا الشأن.
@hana_albalawi2
كثيرا ما تشعر معلمة رياض الأطفال أنها بحاجة منذ بداية العام للقاء بوالدة طفل من أطفال فصلها في أقرب وقت ممكن، وتلح الحاجة كلما شعرت بالتحدي المرهق الذي شكله وجود هذا الطفل، وما إن تحن فرصة التواصل مع الأم حتى تجمع لها المعلمة - دون قصد - مجموعة من الملاحظات السلبية، قد تتلطف المعلمة أثناء تقديمها للأم، وقد تختار الوقت المناسب محاولة تخفيف وطأها عليها، إلا أنها ولسوء الحظ ليست هذه الطريقة الصحيحة، ولا هي واحدة من خطوات التواصل الصحيح مع الأم، حتى وإن قدمت مصحوبة بهدية أو باقة من الورود! كون أول تواصل يتمثل في ملاحظات أو ملاحظة واحدة سلبية فحسب يجعل الأم تأخذ موقفا صادما من المعلمة.
وكثيرا ما نواجه نحن المعلمين إنكارا من بعض أولياء الأمور، أو هجوما كنوع من الدفاع عن فلذات أكبادهم، كأن يقول أحد الوالدين «مدرستكم المسؤولة عن ذلك - أصلا المعلم مقصر في كذا وكذا..»، خاصة إن لاحظ المعلم أن الطفل غير عادي، وأراد هو وإدارة المدرسة فتح هذا الموضوع مع ولي الأمر لإحالة الطفل إلى جهة تشخيصية، فالأمر هنا يحتاج إلى دراسة أعمق لطريقة التواصل، ولسنا بصددها الآن فهذه المقالة ستتناول طريقة التواصل مع ولي أمر الطفل العادي الذي يشكل تحديا للمعلم.
أثناء دراستي مقرر الإرشاد النفسي للأطفال وأسرهم شعرت بضرورة تقديم خلاصة هذا المقرر في مقالات علمية أو لقاءات تربوية لمعلمات رياض الأطفال والصفوف الأولية أو المعلمات بصفة عامة.
إن هدف أول تواصل مع أولياء الأمور عموما يصنع الفرق، فإما أن نجد ولي أمر متعاونا ومساندا للمدرسة في دورها التربوي، وإما ولي أمر ناقما على المدرسة لا يكل عن رفع الشكاوى عليها.
فالإرشاد النفسي فن، ومن أمهر فنونه التواصل مع أولياء أمور التلاميذ، إذ يجب أن يمر التواصل بمراحل متسلسلة، وسأضرب المثال هنا لمعلمة الروضة، كونها أكثر المعلمين حاجة إلى التواصل مع أولياء أمور أطفال هذه المرحلة الحساسة.
طفل يشكل تحديا.. كيف أتواصل مع والدته؟
1 أول تواصل مع الأم يجب أن يكون بلا مناسبة، رسالة تعارف فقط «السلام عليكم ورحمة الله.. طاب مساؤك والدة محمد، وددت تعريفك برقمي، ويسعدني تواصلك معي.. أتمنى أن تكوني دائما بخير».
2 ثاني رسالة يجب أن تكون ملاحظة إيجابية (نقبي عنها من تحت الأرض) مثلا «لاحظت محمدا يحضر طعاما صحيا، شكرا لاهتمامك» أو «محمد أكثر الأطفال ارتداء لمريول المدرسة، شكرا لحرصك» أو «محمد حضر مبكرا» أو «محمد طفل فكاهي، أشعر بالسعادة حينما أراه.. إلخ» أي ملاحظة إيجابية.
3 عند نقل السلوك المشكل انقليه بطريقة إيجابية، مثلا «محمد من الأطفال الذين لهم قبول لدى أصحابهم، لاحظت أنهم يحبونه رغم أنه ضرب فلانا اليوم، وضايق فلانا بسكب عصيره أثناء تناول الوجبة، لكن أعجبني تصرفه حينما اعتذر من زملائه.. آمل ألا تؤنبيه، فربما لا يتكرر هذا السلوك منه»، إن لم يعتذر استبدليها بـ «أحسست بتقديره لشعور زملائه حينما أوضحت له تأثير تصرفه عليهم».
مثال آخر «محمد من الأطفال الذين يبدون تعاونا في الصف، لكنه يخرب أحيانا بعض الوسائل (الأدوات، الممتلكات..)، وقد حدثته بدوري عن الضرر الذي يلحق بالآخرين حين يفعل ذلك، ولاحظت استيعابه لهذا، حفظه الله!».
وقد تظهر المعلمة من خلال التواصل بعض استراتيجيات إدارة سلوك الأطفال، كأن تقول «تعمدت تجاهل هذا السلوك من الطفل كي لا يتكرر». غالبا الأم في هذه المرحلة تكون قد لاحظت تصرفات طفلها، وأنها بحاجة إلى إرشاد المعلمة لها لتوجيه سلوك الطفل المشكل، سواء في البيت أو المدرسة، وقد تطلب المساعدة، وقد لا يحدث ذلك من بعض الأمهات.
4 عند تكرار السلوك المشكل تشرك المعلمة الأم بالخطة الإرشادية، وتوضح أن نجاح هذه الخطة يتوقف على تعاونها كأم مع المعلمة أو المدرسة. مثال «مرحبا أم محمد.. كيف حالك وحال صغيري، أتمنى أنه ووالدته بأحسن حال.. أحتاج تواصلك معي لمساعدتي في تشجيع محمد على سلوكياته الإيجابية؛ للتغلب على بعض السلوك المشكل، ولاكتشاف أفضل ما لديه من قدرات ومواهب وميول.. جعله الله قرة عين لك!».
التواصل في هذه الخطوات يكون إما خطيا في سجل التواصل، وإما عبر الجوال، أما في المرحلة الأخيرة فنحن بحاجة إلى زيارة الأم للروضة، وتكون المعلمة في هذه الأثناء قد دونت عن الطفل ملاحظات منتظمة بطريقة علمية موضوعية، ولذا من المهم جدا تدرب المعلمة على طريقة الملاحظة كأداة لدراسة السلوك، فتدون بانتظام من غير انتقاء لمواقف الطفل، لتكشف الظروف والأسباب التي أدت إلى السلوك المشكل من غير أحكام أو تحيز أو ذاتية.
فأغلب الملاحظات المكتوبة التي أطلع عليها تكون كلها تدوينا للسلوك السلبي ظنا من المعلمة أنها تدون السلوك الذي بحاجة للعلاج فقط.
إن في رحلة بحثنا هذه عن إيجابيات الطفل فوائد كثيرة، وليست بروتوكولا للتواصل مع الأم فحسب، إنما لتدريب الأم أيضا للبحث والنظر في السلوك الإيجابي للطفل كخطوة أولى للعلاج.
وكثيرا ما تكتشف معلمة رياض الأطفال أن السبب وراء سلوك طفلها المشكل هو الطرق الخاطئة التي تتم معاملة الطفل بها في المنزل.
أخيرا، دور المعلمة في إرشاد الأم يبدأ بطريقة التواصل معها ولا ينتهي بها، فمعلمة رياض الأطفال قادرة بحق على إرشاد الأطفال وأسرهم للوصول بالأطفال إلى أفضل ما وهبهم الله من قدرات.
وسيكون لنا وقفات أخرى - بإذن الله - بهذا الشأن.
@hana_albalawi2