الرأي

كاميرا وزبون.. هذا كل ما تحتاجه!

سنابل موقوتة

عبدالله المزهر
أحاول غالبا تجنب مشاهدة الأعمال التلفزيونية الخليجية عموما والسعودية على وجه أخص. والأعمال الدرامية ربما تكون المنتج الوطني الوحيد الذي يحق للإنسان السوي العاقل أن يتعالى عليه ويحاول أن يثبت جاهدا أنه لا علاقة له به ولا يمثله. ولكن قدر الله وما شاء فعل، ولا راد لقضاء الله العلي القدير، فقد كتب علي أن أشاهد بضعة مقاطع لمسلسل سعودي يقال إنه كان سيعرض في رمضان، ولكن الله أنجى الصائمين منه.

والحقيقة أيها الناس أن أبطال هذا العمل لا يربطهم بالفن رابط ولا تصلهم به صلة، اللهم إلا أن أحدهم لديه كاميرا غالية الثمن يصور بها مع أصدقائه، ولديه زبون «دفيع جاد» يشتري منه كل ما يصوره.

لا شيء أكثر من هذا، لأنه من الصعب أن نتحدث عن إخراج ونصوص أو أي أمر له علاقة بالعمل الفني. وكثيرون ممن ينتقد هذه الأعمال يتجنون كثيرا على المسرح المدرسي والتمثيليات القصيرة التي تقدمها المدارس في حصص التوعية حين يقارنون بين الأمرين، أو يقولون إن هذه تشبه تلك، فالبون شاسع بينهما، وفي فقرات الطابور الصباحي وفقرات التوعية المدرسية أشياء أكثر أبداعا وأقرب للفن مما يقدم على شاشات التلفزيون الأغلى.

ربما يوجد رابط بعيد بين الأعمال المدرسية والأعمال الفنية، وهو أن غالبية هذه المسلسلات تشبه الأعمال التي تطلبها المدارس من الطلاب، لا شك أنك تتذكر المدرس وهو يطلب منك أن تحضر عملا لكي يعلقه في الفصل، وتذهب إلى أي قرطاسية وتطلب من العامل البنغالي الشقيق أن يقوم بذلك حتى تحصل أنت على درجات المشاركة. أظن أنه يتم التعامل مع الممثلين بطريقة لا تختلف كثيرا، تتصل القناة على الممثل وتقول له «جب عمل» ويذهب لأحد الدكاكين ويشتري منها نصا ومصورا ويبيع العمل على القناة، وبدلا من أن يكتب عمل الطلاب فلان وفلان، يكتب بطولة الممثل فلان وشريكيه.

المباشرة هي أبرز عيوب الدراما وهي أكثر شيء يتكرر في الأعمال السعودية، والمباشرة في الفن تفسده، وحين تشاهد ما يسمى بالعمل الفني السعودي فإنك تشعر أن نص المسلسل مفرغ من خطبة جمعة أو من نشرة توعوية. فشل ذريع مريع في إيصال أي رسالة عبر أي طريق آخر غير طريق المباشرة الفجة.

وعلى أي حال..

ليس مطلوبا من الفن أن يوصل أي رسالة سوى رسالة واحدة فقط، وهي أن يقتنع المشاهد في أي مكان في العالم أنه يشاهد عملا فنيا حقيقيا، أن يشاهد شيئا يلامس روحه ويتقبله عقله. هذه رسالة الفن الحقيقية، ليست مهمة الفنون أن تقنع المتلقي بشرب الحليب ولا العناية بصحة أسنانه ولا أن يحب الوطن والمسؤولين ويكره التفحيط. وهذا التصور للعمل الفني لا يبدو أنه متاح للأعمال السعودية حتى في أحلام اليقظة.

agrni@