الرأي

مارس وطنيتك على فراشك!

سنابل موقوتة

عبدالله المزهر
سأعترف لكم أيها الناس أن أكثر عمل مارسته في اليوم الوطني هو النوم، والأمر ليس كما يبدو للوهلة الأولى، فهذه طريقتي في التعبير عن سعادتي وفرحي وابتهاجي، حين أكون سعيدا فإني آكل أو أنام، وهذه ليست المشكلة. المشكلة أن هذه الطريقة أيضا هي التي أعبر بها عن حزني وغضبي واستيائي.

وكون هذه طريقتي فإن هذا لا يعني بالضرورة أنها الطريقة التي أريد للآخرين أن يتبعوها في التعبير عن مشاعرهم الفياضة حزنا وفرحا. بل إن من ضمن هواياتي الغريبة تأمل الآخرين أثناء انفعالاتهم العاطفية.

لا مشكلة لدي في الابتهاج والغناء والرقص وحفظ كلمات الشيلات القبيحة والأغنيات الجميلة. هذا حق لكل من أراد أن يمارسه ويبدع فيه. كل ما في الأمر أني أعتقد أنها أفعال جميلة لكنها ليست بالضرورة تعبيرا حقيقيا عن حب الوطن، فهناك أفعال يمكن ممارستها على مدار العام تفيض وطنية وحبا لهذه الأرض ولإنسانها ولكافة الكائنات الحية التي تعيش عليها.

ولنقل على سبيل المثال إن قيام شركة أو مؤسسة بعمل فيديو قصير فيه رسالة وطنية وأغنية ملهمة عمل فني جميل، لكن قيام هذه الشركة أو المؤسسة بدورها المجتمعي واحترام مجتمعها وعملائها وعدم ابتزازهم طوال العام هو عمل أكثر وطنية من أي شيء آخر.

ومن الجميل أن تنتج وزارة أو جهة حكومية أغنية وطنية تلامس شغاف القلوب، هذا أمر لا أنكره، لكن هذه الجهة لو قدمت في اليوم الوطني سردا لإنجازاتها الحقيقية التي لامست حاجة الناس، وشرحت لنا معاشر المواطنين المبتهجين أين كانت قبل عام وأين وصلت الآن وأين ستكون في العام القادم، فإن هذا سيكون عملا وطنيا صرفا خالصا أكثر صدقا من جميع الكلمات التي سيكتبها الشعراء الذين تعاقدت معهم لكتابة كلمات وطنية عذبة.

أما أنت وأنا وبقية الناس من العامة والدهماء، فإن رفعنا للعلم وترديد الأغنيات عمل لا ضير فيه وابتهاج مشروع، لكن حرصنا على الممتلكات العامة وعلى نظافة شوارعنا واحترام الآخرين والأنظمة المرورية في الشوارع والطرقات سيكون عملا مفيدا للوطن والمواطنين والحياة ولحبالنا الصوتية.

إخلاصك في عملك، وحرصك على الإنجاز ونزاهتك ونظافة يدك أكثر فائدة للوطن ولك من جميع الأغنيات والقصائد التي حفظتها والتي تفيض حبا وهياما في الوطن.

تخيل أن حفاظك على حياة شجرة أو أثر أو طائر (مواطن أو مهاجر) يعد عملا وطنيا نبيلا يشكرك الوطن والحجر والشجر عليه.

وعلى أي حال..

إن كنت عاجزا عن القيام بأي من هذه الأعمال فإن وسيلتي في التعبير عن مشاعري تصلح لك وتفيدك وتفيد الناس، اذهب إلى فراشك ونم نوما عميقا أكثر وقت ممكن، فإن نومك وكف أذاك عن الوطن والمواطنين عمل جليل ووطني لا يقل أهمية عن أغنية «وطني الحبيب» الخالدة.

agrni@