89 عاما.. شاهد على تطور الموانئ السعودية
السبت / 22 / محرم / 1441 هـ - 14:45 - السبت 21 سبتمبر 2019 14:45
حظيت الموانئ البحرية في المملكة بدعم سخي منذ تأسيسها وتوحيدها على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - رحمه الله - الذي أولى اهتماماً خاصاً بهذا المرفق الحيوي المهم وسار من بعده ملوك بلادنا حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- وذلك إدراكاً بالدور المحوري الذي تؤديه الموانئ عبر الإسهام في دعم عجلة النمو الاقتصادي وتنمية الصادرات والواردات الوطنية وإيرادات الدولة غير النفطية، وكذلك دورها الاستثنائي في تطوير أعمال التجارة الإقليمية والدولية، التي تعتمد عليها المملكة لإنجاز خططها التنموية المتعاقبة كونها العامل الرئيس في العملية التبادلية التجارية والصناعية بين المملكة ودول العالم.
ومن أجل ذلك، فقد قدمت القيادة الرشيدة مختلف وسائل الدعم والمساندة لتطوير وتعزيز دور الموانئ السعودية، بما يُسهم في رفع مكانتها الإقليمية والدولية، ومواكبتها لصناعة النقل البحري العالمي.
وقد افتتح الملك عبد العزيز - رحمه الله- ميناء رأس تنورة في عام 1939م ليكون أول منشأة سعودية متخصصة لتصدير النفط الذي أصبح فيما بعد من أكبر الموانئ البترولية في العالم، حيث يستقبل أكثر من 2200 سفينة بالسنة ويصدر أكثر من 20% من مبيعات النفط بالعالم.
وفي عام 1961م تم افتتاح ميناء الملك عبدالعزيز الذي يقع على الساحل الخليج العربي بالمنطقة الشرقية للمملكة، ويعد البوابة الرئيسية لدخول البضائع من أنحاء العالم إلى جميع مدن ومحافظات المنطقة الشرقية الوسطى، وبدأ تشغيله من خلال رصيفين عائمين معلقين داخل البحر ربطت باليابسة بخط سكة الحديد بطول 13 كم وذلك لاستقبال البضائع المتزايدة، حتى اكتملت مرافقه حالياً ليصل إلى 43 رصيفاً مكتمل الخدمات والتجهيزات.
وأنشأت المملكة منظومة موانئ تجارية وصناعية على الساحلين الشرقي والغربي، يأتي على رأسها ميناء جدة الإسلامي بوصفه جوهرة الموانئ السعودية الذي تم إنشاؤه تاريخياً في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان -رضي الله عنه - سنة 26 هـجرية الموافق 646م، وفي العصر الحديث أولى مؤسس هذه البلاد الملك عبدالعزيز - رحمه الله - اهتمامه بهذا الميناء حتى أكمل أبناءه الملوك البررة من بعده مسيرة التطوير، حيث قام الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- ببناء رصيفين لاستقبال السفن.
وقد أطلق الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- اسم ميناء جدة الإسلامي عليه في عام 1972م وبعدها تطور الميناء خلال السنوات المتلاحقة حتى أصبح أكبر موانئ المملكة بأرصفته الـ 62 ومحطاته الـ 3 لمناولة الحاويات ومحطات البضائع العامة والركاب والمواشي والحبوب السائبة، وطاقته الاستيعابية البالغة أكثر من 130 مليون طن و 7.5 ملايين حاوية سنوياً؛ مما جعله مركزاً مهماً لمناولة الحاويات عالمياً على البحر الأحمر الذي تمر عبره 13.5% من التجارة البحرية الدولية الذي من المتوقع أن يمر عبره طريق الحرير البحري مما سيجعله منصة عالمية لتصدير الصناعات السعودية وممراً ومقراً للتجارة البحرية العالمية.
واستمراراً للجهود التي بذلتها بلادنا لتطوير وتعزيز خدمات الموانئ السعودية، فقد تم إنشاء المؤسسة العامة للموانئ عام 1976م لتؤسس منظومة عمل متخصصة تشيّد وتدير الموانئ السعودية بكفاءة عالية، التي تمكنت خلال أعوام قليلة من تحويل الموانئ السعودية إلى رافد اقتصادي مهم، وأصبح للموانئ بتنوع تخصصاتها دور استثنائي في تطوير أعمال التجارة البحرية الإقليمية والدولية ونقل الركاب، خصوصاً زائري البقاع المقدسة من الحجاج والمعتمرين .
ونظراً لأهمية الموانئ التجارية بالمملكة على ساحل البحر الأحمر، فقد تم في عام 1976م افتتاح ميناء جازان الذي يعُد ثالث موانئ المملكة من حيث السعة على ساحل البحر الأحمر، كما يعد البوابة الرئيسية لواردات الجزء الجنوبي الغربي من المملكة، ويقع ميناء جازان في أقصى الجنوب الغربي للمملكة وقد شهد عدة مراحل تطويرية شملت الأرصفة والتجهيزات والخدمات المساندة.
ويبلغ عدد الأرصفة التجارية بميناء جازان حالياً 12 رصيفاً بطول إجمالي 2172 متراً منها عشرة أرصفة لمناولة البضائع العامة ورصيفان لترصيف سفن الحاويات ويصل عمق المياه عند تلك الأرصفة إلى 12م وتتراوح أطوالها بين 123م / 216م وتستقبل أكبر السفن التجارية حمولة وطولاً.
وانطلاقاً من تأسيس المملكة في تطوير الموانئ نحو إيجاد موانئ مساندة لميناء جدة الإسلامي، فقد بدأ العمل في إرساء قواعد ميناء ينبع التجاري عام 1961م مثل إقامة مبنى للحجاج، ومبنى لإدارة الميناء، وإنشاء مستودع للشحن والتفريغ، وإنشاء مخازن مفتوحة، وفي عام 1979م فقد شهدت المرحلة الأخرى للتطور حيث زادت أعداد الأرصفة إلى 9 أرصفة وأصبحت طاقة الميناء الاستيعابية تقدر بأكثر من 2,7 مليون طن سنوياً.
تلى ذلك إنشاء ميناء الجبيل التجاري واكتمال مرافقه في عام 1980م، الذي يقع على ساحل الخليج العربي في الجهة الشرقية من المملكة ويبعد 80 كم شمال مدينة الدمام ويحتل بمساحة تقدر 50 كيلومتراً مربعاً، كما يتمتع الميناء بمكانة تاريخية كأحد أقدم الموانئ وأهمها على الساحل الشرقي ويمثل أحد المشاريع العملاقة كميناء متطور لديه قدرة لمناولة أكثر من (7.000.000) ملايين طن من مختلف البضائع سنوياً.
ويُشكل ميناء الجبيل التجاري رافداً اقتصادياً نشطاً لدوره البارز في تسهيل عمليات الاستيراد والتصدير في المنطقة الشرقية من المملكة ومساندة ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام في دعم الحركة التجارية وذلك لقربه من مراكز الإنتاج، مما يُسهم في تخفيض تكلفة المواد الواردة والصادرة؛ بما يعزز من قدرة المملكة على المنافسة بالأسواق العالمية.
واستكمالاً لمسيرة الإهتمام والدعم بالموانئ التي تبنتها المملكة وقيادتها، فقد جاء تدشين ميناء الملك فهد الصناعي بالجبيل في عام 1982م وذلك بعد تحول المملكة من دولة مصدرة للمواد الخام فقط إلى منتجة لصناعة الغاز والبترول والذي تم إنشاؤه لخدمة مدينة الجبيل الصناعية وصمم لإستيراد المواد الخام التي تتطلبها الصناعات المحلية وتصدير المنتجات الصناعية مثل البتروكيماويات ومنتجات النفط المكررة والأسمدة الكيماوية والكبريت.
وتشمل خدمات ميناء الملك فهد الصناعي بالجبيل في مناولة العديد من أنواع البضائع وبخاصة على الأرصفة المخصصة للشركات التي ترتبط بعقود تأجير طويلة المدى كالمواد الصلبة السائبة التي تصدر بصورة رئيسية على شكل شحنات سائبة، كما يتوفر بالميناء مرافق خاصة بتصدير الأسمدة المكيسة، استيراد خام الحديد (كتل أو حبات صغيرة) من على رصيف مخصص لذلك ومن ثم تنقل إلى مصنع الحديد والصلب عن طريق سير ناقل والمواد السائلة السائبة.
هذا وتوالى الاهتمام بالموانئ السعودية عند إنشاء ميناء الملك فهد الصناعي بينبع واكتمال مرافقه في عام 1982م، الذي يُعَد أحد أهم الموانئ في المملكة بصفة عامة والموانئ الصناعية بصفة خاصة، نظراً لاعتباره الأكبر في تحميل الزيت الخام والمنتجات المكررة والبتروكيماويات على ساحل البحر الأحمر، والذي يتوسط الخط التجاري مابين أمريكا وأوروبا من خلال قناة السويس والشرق الأقصى عبر باب المندب.
وتم بناء ميناء الملك فهد الصناعي بينبع خصيصاً لخدمة المجمعات الصناعية وتلبية متطلباتها، بالإضافة إلى تصدير البترول الخام ومشتقاته المكررة، وكذلك البتروكيماويات السائلة والصلبة إلى الأسواق العالمية، كما تستورد عن طريقه احتياجات المجمع الصناعي من معدات وآليات ومكونات المصانع، بالإضافة إلى المواد الخام لمصانع المواد الغذائية والزيوت النباتية لتشغيلها، وتصل قدرة المينــاء إلى مناولـة (210) ملايين طن في العام.
ولما كان لنقل الركاب والمسافرين عن طرق البحر دوراً كبيراً في دعم الاقتصاد السعودي، فقد تم افتتاح ميناء ضبا في عام 1994م، والذي فرض نفسه على خارطة أهم موانئ المملكة كونه يعد حلقة ربط بين المنطقة الشمالية الغربية للمملكة والاقتصاد العالمي، وقد لعب الميناء الذي يعُد رافداً من روافد التنمية بمنطقة تبوك دوراً مهماً في خدمة المسافرين عن طريق البحر ونقل البضائع، وكان له التأثير الإيجابي على اقتصاد المنطقة وزيادة حركة التنمية بها لتمتد بذلك الخدمات التي تقدمها الموانئ السعودية من الساحل إلى الساحل ويكون ميناء ضبا أحد الشواهد الحضارية بالمملكة.
واستمراراً لعمليات التطوير التي شهدتها الموانئ السعودية، فقد صدر الأمر السامي الكريم عام 1997م، بإسناد جميع أعمال تشغيل وصيانة وإدارة الأرصفة والمعدات التابعة للموانئ السعودية إلى القطاع الخاص، وفقاً للمرتكزات المتضمنة استمرار ملكية الدولة للموانئ والمنشآت وبقاء دورها الإشرافي، وإعطاء حوافز للقطاع الخاص للإستثمار في المعدات والتجهيزات، وإدارة العمل بأسلوب تجاري يوفر المزيد من الخدمات بكفاية عالية.
وفي عام 2016م تم تدشين ميناء رأس الخير الذي يعُتبر أحدث ميناء صناعي بالمملكة، وتكمن أهميته بوقوعه في منطقه صناعية جديدة متنوعة الإنتاج ولها مستقبل كبير في اقتصاد الوطن، ويعُد الميناء من شرايين الاقتصاد السعودي لتغذية البرامج والمشروعات الحيوية التي ينفذها القطاع العام والقطاع الخاص على حدٍ سواء بمنطقة رأس الخير التصنيعية.
وفي أحدث نقلة نوعية في تطور الموانئ السعودية، دشن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، ميناء الملك عبد الله برابغ الذي يُعد الميناء الأول في الشرق الأوسط الذي يملكه ويطوره ويديره القطاع الخاص بالكامل، حيث حتل ميناء الملك عبدالله المرتبة الثانية ضمن أسرع موانئ العالم نمواً لعام 2018، بحسب تصنيف 'ألفالاينر' المتخصصة في تحليل بيانات النقل البحري وقدرات الموانئ ومستقبل تطور السفن والطرق الملاحية حول العالم.
وقفز الميناء إلى هذه المرتبة المتقدمة على مستوى العالم من حيث النمو بعد أن كان في المرتبة الثامنة عام 2017.
وضمن التصنيف نفسه، تقدم ميناء الملك عبدالله إلى المرتبة 83 في العام 2018 ضمن قائمة أكبر 100 ميناء حاويات في العالم، بعد أن كان قد حل بالمرتبة 87 في العام 2017.
وامتداداً للاهتمام الكبير الذي يلقاه قطاع الموانئ في المملكة من قيادتنا الرشيدة، جاء قرار مجلس الوزراء عام 2018م ، بتعديل اسم المؤسسة العامة للموانئ إلى الهيئة العامة للموانئ والموافقة على تنظيمها، لتكون بذلك هيئة عامة مستقلة مالياً وإداريًّاً، تمارس أعمالَها على أسس تجارية مع منح مجلس إدارتها دوراً أكبر في الصلاحيات لتطوير أنظمة العمل في الموانئ .
ويُعد هذا القرار بالغ الأهمية؛ لما له من دور في تعزيز خدماتها ورفع طاقتها الاستيعابية، ودعم مسيرة البناء والتنمية في المملكة، لتحقيق أهداف وركائز رؤية المملكة 2030؛ حيث ستتمكن الهيئة العامة للموانئ من أداء دورها الإشرافي والتنسيقي والتشريعي بالكثير من المرونة عبر إعطاء مجلس إدارتها صلاحيات واضحة، تسهم في سرعة الاستجابة والتفاعل مع كل ما يطرأ على صناعة النقل البحري من مستجدات.
وقد خطت الهيئة العامة للموانئ خطوات واسعة نحو تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030، حيث نفذت العديد من مشروعات التطوير والتوسعة في جميع الموانئ لزيادة قدراتها وتحسين أداءها، كما تبنت حزمة من الإجراءات التنظيمية والإدارية التي تواكب متطلبات المرحلة المقبلة.
وأثمر الدعم الكبير الذي تقدمه الدولة لتنشيط الموانئ السعودية عن إطلاق الهيئة العامة للموانئ عشر مبادرات رئيسة للوصول إلى تحقيق رؤيتها ورؤية المملكة 2030 من أهمها تطوير البنية التحتية، ورفع الكفاءة التشغيلية، والإصلاح التنظيمي.
وتعُد الموانئ السعودية داعمًا رئيسًا للاستثمار والاقتصاد الوطني وتعزز الناتج المحلي، وتُسهم في تحقيق الأهداف الإستراتيجية الوطنية لزيادة حصة الصادرات غير النفطية لإجمالي الناتج المحلي من 16% إلى 50%، إذ تشكل الموانئ مالا يقل عن 70% من حجم التبادل التجاري السعودي غير النفطي، وبذلك تصبح عنصرًا أساسيًا في رفع التصنيف العالمي للمملكة في مؤشرات أداء الخدمات اللوجستية لتصبح ضمن أفضل 25 دولة حول العالم.
وتحرص قيادة المملكة على دعم الموانئ تحقيقاً لأهدافها وتطوير استراتيجياتها في ديمومة واستمرارية، ورسم خطًى متكاملة ومدروسة للرفع من قدراتها وإمكاناتها وخدماتها التشغيلية واللوجستية؛ بما يرتقي بمستوى تنافسية الاقتصاد السعودي بين دول العالم، ويعطي موانئنا دوراً محورياً في الاقتصاد العالمي وتصدير الصناعات، وبما يسهم في تحقيق طموح المملكة للتحول إلى منصة عالمية ومحوراً لربط قارات العالم ومركزاً رئيسياً للتجارة.
ومن أجل ذلك، فقد قدمت القيادة الرشيدة مختلف وسائل الدعم والمساندة لتطوير وتعزيز دور الموانئ السعودية، بما يُسهم في رفع مكانتها الإقليمية والدولية، ومواكبتها لصناعة النقل البحري العالمي.
وقد افتتح الملك عبد العزيز - رحمه الله- ميناء رأس تنورة في عام 1939م ليكون أول منشأة سعودية متخصصة لتصدير النفط الذي أصبح فيما بعد من أكبر الموانئ البترولية في العالم، حيث يستقبل أكثر من 2200 سفينة بالسنة ويصدر أكثر من 20% من مبيعات النفط بالعالم.
وفي عام 1961م تم افتتاح ميناء الملك عبدالعزيز الذي يقع على الساحل الخليج العربي بالمنطقة الشرقية للمملكة، ويعد البوابة الرئيسية لدخول البضائع من أنحاء العالم إلى جميع مدن ومحافظات المنطقة الشرقية الوسطى، وبدأ تشغيله من خلال رصيفين عائمين معلقين داخل البحر ربطت باليابسة بخط سكة الحديد بطول 13 كم وذلك لاستقبال البضائع المتزايدة، حتى اكتملت مرافقه حالياً ليصل إلى 43 رصيفاً مكتمل الخدمات والتجهيزات.
وأنشأت المملكة منظومة موانئ تجارية وصناعية على الساحلين الشرقي والغربي، يأتي على رأسها ميناء جدة الإسلامي بوصفه جوهرة الموانئ السعودية الذي تم إنشاؤه تاريخياً في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان -رضي الله عنه - سنة 26 هـجرية الموافق 646م، وفي العصر الحديث أولى مؤسس هذه البلاد الملك عبدالعزيز - رحمه الله - اهتمامه بهذا الميناء حتى أكمل أبناءه الملوك البررة من بعده مسيرة التطوير، حيث قام الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- ببناء رصيفين لاستقبال السفن.
وقد أطلق الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- اسم ميناء جدة الإسلامي عليه في عام 1972م وبعدها تطور الميناء خلال السنوات المتلاحقة حتى أصبح أكبر موانئ المملكة بأرصفته الـ 62 ومحطاته الـ 3 لمناولة الحاويات ومحطات البضائع العامة والركاب والمواشي والحبوب السائبة، وطاقته الاستيعابية البالغة أكثر من 130 مليون طن و 7.5 ملايين حاوية سنوياً؛ مما جعله مركزاً مهماً لمناولة الحاويات عالمياً على البحر الأحمر الذي تمر عبره 13.5% من التجارة البحرية الدولية الذي من المتوقع أن يمر عبره طريق الحرير البحري مما سيجعله منصة عالمية لتصدير الصناعات السعودية وممراً ومقراً للتجارة البحرية العالمية.
واستمراراً للجهود التي بذلتها بلادنا لتطوير وتعزيز خدمات الموانئ السعودية، فقد تم إنشاء المؤسسة العامة للموانئ عام 1976م لتؤسس منظومة عمل متخصصة تشيّد وتدير الموانئ السعودية بكفاءة عالية، التي تمكنت خلال أعوام قليلة من تحويل الموانئ السعودية إلى رافد اقتصادي مهم، وأصبح للموانئ بتنوع تخصصاتها دور استثنائي في تطوير أعمال التجارة البحرية الإقليمية والدولية ونقل الركاب، خصوصاً زائري البقاع المقدسة من الحجاج والمعتمرين .
ونظراً لأهمية الموانئ التجارية بالمملكة على ساحل البحر الأحمر، فقد تم في عام 1976م افتتاح ميناء جازان الذي يعُد ثالث موانئ المملكة من حيث السعة على ساحل البحر الأحمر، كما يعد البوابة الرئيسية لواردات الجزء الجنوبي الغربي من المملكة، ويقع ميناء جازان في أقصى الجنوب الغربي للمملكة وقد شهد عدة مراحل تطويرية شملت الأرصفة والتجهيزات والخدمات المساندة.
ويبلغ عدد الأرصفة التجارية بميناء جازان حالياً 12 رصيفاً بطول إجمالي 2172 متراً منها عشرة أرصفة لمناولة البضائع العامة ورصيفان لترصيف سفن الحاويات ويصل عمق المياه عند تلك الأرصفة إلى 12م وتتراوح أطوالها بين 123م / 216م وتستقبل أكبر السفن التجارية حمولة وطولاً.
وانطلاقاً من تأسيس المملكة في تطوير الموانئ نحو إيجاد موانئ مساندة لميناء جدة الإسلامي، فقد بدأ العمل في إرساء قواعد ميناء ينبع التجاري عام 1961م مثل إقامة مبنى للحجاج، ومبنى لإدارة الميناء، وإنشاء مستودع للشحن والتفريغ، وإنشاء مخازن مفتوحة، وفي عام 1979م فقد شهدت المرحلة الأخرى للتطور حيث زادت أعداد الأرصفة إلى 9 أرصفة وأصبحت طاقة الميناء الاستيعابية تقدر بأكثر من 2,7 مليون طن سنوياً.
تلى ذلك إنشاء ميناء الجبيل التجاري واكتمال مرافقه في عام 1980م، الذي يقع على ساحل الخليج العربي في الجهة الشرقية من المملكة ويبعد 80 كم شمال مدينة الدمام ويحتل بمساحة تقدر 50 كيلومتراً مربعاً، كما يتمتع الميناء بمكانة تاريخية كأحد أقدم الموانئ وأهمها على الساحل الشرقي ويمثل أحد المشاريع العملاقة كميناء متطور لديه قدرة لمناولة أكثر من (7.000.000) ملايين طن من مختلف البضائع سنوياً.
ويُشكل ميناء الجبيل التجاري رافداً اقتصادياً نشطاً لدوره البارز في تسهيل عمليات الاستيراد والتصدير في المنطقة الشرقية من المملكة ومساندة ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام في دعم الحركة التجارية وذلك لقربه من مراكز الإنتاج، مما يُسهم في تخفيض تكلفة المواد الواردة والصادرة؛ بما يعزز من قدرة المملكة على المنافسة بالأسواق العالمية.
واستكمالاً لمسيرة الإهتمام والدعم بالموانئ التي تبنتها المملكة وقيادتها، فقد جاء تدشين ميناء الملك فهد الصناعي بالجبيل في عام 1982م وذلك بعد تحول المملكة من دولة مصدرة للمواد الخام فقط إلى منتجة لصناعة الغاز والبترول والذي تم إنشاؤه لخدمة مدينة الجبيل الصناعية وصمم لإستيراد المواد الخام التي تتطلبها الصناعات المحلية وتصدير المنتجات الصناعية مثل البتروكيماويات ومنتجات النفط المكررة والأسمدة الكيماوية والكبريت.
وتشمل خدمات ميناء الملك فهد الصناعي بالجبيل في مناولة العديد من أنواع البضائع وبخاصة على الأرصفة المخصصة للشركات التي ترتبط بعقود تأجير طويلة المدى كالمواد الصلبة السائبة التي تصدر بصورة رئيسية على شكل شحنات سائبة، كما يتوفر بالميناء مرافق خاصة بتصدير الأسمدة المكيسة، استيراد خام الحديد (كتل أو حبات صغيرة) من على رصيف مخصص لذلك ومن ثم تنقل إلى مصنع الحديد والصلب عن طريق سير ناقل والمواد السائلة السائبة.
هذا وتوالى الاهتمام بالموانئ السعودية عند إنشاء ميناء الملك فهد الصناعي بينبع واكتمال مرافقه في عام 1982م، الذي يُعَد أحد أهم الموانئ في المملكة بصفة عامة والموانئ الصناعية بصفة خاصة، نظراً لاعتباره الأكبر في تحميل الزيت الخام والمنتجات المكررة والبتروكيماويات على ساحل البحر الأحمر، والذي يتوسط الخط التجاري مابين أمريكا وأوروبا من خلال قناة السويس والشرق الأقصى عبر باب المندب.
وتم بناء ميناء الملك فهد الصناعي بينبع خصيصاً لخدمة المجمعات الصناعية وتلبية متطلباتها، بالإضافة إلى تصدير البترول الخام ومشتقاته المكررة، وكذلك البتروكيماويات السائلة والصلبة إلى الأسواق العالمية، كما تستورد عن طريقه احتياجات المجمع الصناعي من معدات وآليات ومكونات المصانع، بالإضافة إلى المواد الخام لمصانع المواد الغذائية والزيوت النباتية لتشغيلها، وتصل قدرة المينــاء إلى مناولـة (210) ملايين طن في العام.
ولما كان لنقل الركاب والمسافرين عن طرق البحر دوراً كبيراً في دعم الاقتصاد السعودي، فقد تم افتتاح ميناء ضبا في عام 1994م، والذي فرض نفسه على خارطة أهم موانئ المملكة كونه يعد حلقة ربط بين المنطقة الشمالية الغربية للمملكة والاقتصاد العالمي، وقد لعب الميناء الذي يعُد رافداً من روافد التنمية بمنطقة تبوك دوراً مهماً في خدمة المسافرين عن طريق البحر ونقل البضائع، وكان له التأثير الإيجابي على اقتصاد المنطقة وزيادة حركة التنمية بها لتمتد بذلك الخدمات التي تقدمها الموانئ السعودية من الساحل إلى الساحل ويكون ميناء ضبا أحد الشواهد الحضارية بالمملكة.
واستمراراً لعمليات التطوير التي شهدتها الموانئ السعودية، فقد صدر الأمر السامي الكريم عام 1997م، بإسناد جميع أعمال تشغيل وصيانة وإدارة الأرصفة والمعدات التابعة للموانئ السعودية إلى القطاع الخاص، وفقاً للمرتكزات المتضمنة استمرار ملكية الدولة للموانئ والمنشآت وبقاء دورها الإشرافي، وإعطاء حوافز للقطاع الخاص للإستثمار في المعدات والتجهيزات، وإدارة العمل بأسلوب تجاري يوفر المزيد من الخدمات بكفاية عالية.
وفي عام 2016م تم تدشين ميناء رأس الخير الذي يعُتبر أحدث ميناء صناعي بالمملكة، وتكمن أهميته بوقوعه في منطقه صناعية جديدة متنوعة الإنتاج ولها مستقبل كبير في اقتصاد الوطن، ويعُد الميناء من شرايين الاقتصاد السعودي لتغذية البرامج والمشروعات الحيوية التي ينفذها القطاع العام والقطاع الخاص على حدٍ سواء بمنطقة رأس الخير التصنيعية.
وفي أحدث نقلة نوعية في تطور الموانئ السعودية، دشن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، ميناء الملك عبد الله برابغ الذي يُعد الميناء الأول في الشرق الأوسط الذي يملكه ويطوره ويديره القطاع الخاص بالكامل، حيث حتل ميناء الملك عبدالله المرتبة الثانية ضمن أسرع موانئ العالم نمواً لعام 2018، بحسب تصنيف 'ألفالاينر' المتخصصة في تحليل بيانات النقل البحري وقدرات الموانئ ومستقبل تطور السفن والطرق الملاحية حول العالم.
وقفز الميناء إلى هذه المرتبة المتقدمة على مستوى العالم من حيث النمو بعد أن كان في المرتبة الثامنة عام 2017.
وضمن التصنيف نفسه، تقدم ميناء الملك عبدالله إلى المرتبة 83 في العام 2018 ضمن قائمة أكبر 100 ميناء حاويات في العالم، بعد أن كان قد حل بالمرتبة 87 في العام 2017.
وامتداداً للاهتمام الكبير الذي يلقاه قطاع الموانئ في المملكة من قيادتنا الرشيدة، جاء قرار مجلس الوزراء عام 2018م ، بتعديل اسم المؤسسة العامة للموانئ إلى الهيئة العامة للموانئ والموافقة على تنظيمها، لتكون بذلك هيئة عامة مستقلة مالياً وإداريًّاً، تمارس أعمالَها على أسس تجارية مع منح مجلس إدارتها دوراً أكبر في الصلاحيات لتطوير أنظمة العمل في الموانئ .
ويُعد هذا القرار بالغ الأهمية؛ لما له من دور في تعزيز خدماتها ورفع طاقتها الاستيعابية، ودعم مسيرة البناء والتنمية في المملكة، لتحقيق أهداف وركائز رؤية المملكة 2030؛ حيث ستتمكن الهيئة العامة للموانئ من أداء دورها الإشرافي والتنسيقي والتشريعي بالكثير من المرونة عبر إعطاء مجلس إدارتها صلاحيات واضحة، تسهم في سرعة الاستجابة والتفاعل مع كل ما يطرأ على صناعة النقل البحري من مستجدات.
وقد خطت الهيئة العامة للموانئ خطوات واسعة نحو تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030، حيث نفذت العديد من مشروعات التطوير والتوسعة في جميع الموانئ لزيادة قدراتها وتحسين أداءها، كما تبنت حزمة من الإجراءات التنظيمية والإدارية التي تواكب متطلبات المرحلة المقبلة.
وأثمر الدعم الكبير الذي تقدمه الدولة لتنشيط الموانئ السعودية عن إطلاق الهيئة العامة للموانئ عشر مبادرات رئيسة للوصول إلى تحقيق رؤيتها ورؤية المملكة 2030 من أهمها تطوير البنية التحتية، ورفع الكفاءة التشغيلية، والإصلاح التنظيمي.
وتعُد الموانئ السعودية داعمًا رئيسًا للاستثمار والاقتصاد الوطني وتعزز الناتج المحلي، وتُسهم في تحقيق الأهداف الإستراتيجية الوطنية لزيادة حصة الصادرات غير النفطية لإجمالي الناتج المحلي من 16% إلى 50%، إذ تشكل الموانئ مالا يقل عن 70% من حجم التبادل التجاري السعودي غير النفطي، وبذلك تصبح عنصرًا أساسيًا في رفع التصنيف العالمي للمملكة في مؤشرات أداء الخدمات اللوجستية لتصبح ضمن أفضل 25 دولة حول العالم.
وتحرص قيادة المملكة على دعم الموانئ تحقيقاً لأهدافها وتطوير استراتيجياتها في ديمومة واستمرارية، ورسم خطًى متكاملة ومدروسة للرفع من قدراتها وإمكاناتها وخدماتها التشغيلية واللوجستية؛ بما يرتقي بمستوى تنافسية الاقتصاد السعودي بين دول العالم، ويعطي موانئنا دوراً محورياً في الاقتصاد العالمي وتصدير الصناعات، وبما يسهم في تحقيق طموح المملكة للتحول إلى منصة عالمية ومحوراً لربط قارات العالم ومركزاً رئيسياً للتجارة.