الرأي

الحياة مخيفة هي الأخرى!

سنابل موقوتة

عبدالله المزهر
من أكثر القضايا التي أربكتني مؤخرا ـ وأنا كائن مهيأ للارتباك ـ قضية الطفل الذي قتل على يد طفل آخر بالخطأ في إحدى مدارس مدينة الرياض، بداية من القصة ذاتها إلى ما انتهت إليه. ليست مربكة وحسب بل تبدو مرعبة حد الذعر فكرة أن يأتيك اتصال من المدرسة يخبرك بأن طفلك الذي أرسلته في الصباح لن يعود إلى الأبد. ونحن في الغالب حين نسمع مثل هذه القصص فإننا نتوهم أنها تخص الآخرين. نتعاطف معهم لكننا لا نتخيل أنها قد تحدث لنا.

والأمر لا يتعلق فقط بالطفل المتوفى، حتى الطفل الآخر الذي كان فقط يمارس ما يمارسه كل الأطفال في عمره، تبدو فكرة لا تقل رعبا حين تتخيل أن يأتيك اتصال يخبرك بأن طفلك قد قتل إنسانا للتو!

أتخيل أحيانا أني في مكان هذا الأب وفي أحيان أخرى أني في مكان الأب الآخر ولا أستطيع تحديد ما الذي يمكنني فعله، ولا كيف سأتصرف، كلا الموقفين مربك. صحيح أن «الموت» والفقد والرحيل هو أكثر الأمور إرباكا في «الحياة»، لكن أشياء أخرى أقل منه قد تقلب الحياة رأسا على عقب.

أربكني أيضا الجلد والرضا الذي تحلى به الإنسان خويتم والد الطفل المتوفى، وأنا ضعيف جدا أمام «البشر» الحقيقيين، مثل هذه المواقف تعيدك إلى أرض الواقع وأن على هذه الأرض ما يستحق الحياة بعد أن تكون شارفت على اليأس من أن الناس لا زالوا يقيمون وزنا للنبل والأخلاق والشهامة والمروءة والحلم والصبر.

لعلنا ندرك أن الناس الحقيقيين خلفاء الله في الأرض لا زالوا على هذا الكوكب، وأن مشكلتنا فقط أننا نتوهم أن الناس هم نجوم الإعلام ومشاهير وسائل التواصل والكتاب الذين يثرثرون على صفحات المواقع والصحف، الناس الحقيقيون يعرفون بعضهم البعض ويصارعون الحياة ويتصالحون معها ومع أنفسهم، توجعهم الحياة ويبكون بصدق، ويتمسكون بلحظات السعادة العابرة ويضحكون بصدق.

وعلى أي حال ..

خويتم كان جرعة مناسبة في وقت مناسب في وريد هذه الحياة، لعلها تعيد الإنسان إلى أن يكون إنسانا يؤمن بأن الدنيا ومادياتها في يده وليست في قلبه.

أحسن الله عزاء عائلة الطفل المتوفى وربط على قلوبهم، وأعان عائلة الطفل الآخر الذين لم يكونوا يتمنون ولا يتخيلون أن تكون هذه ذكريات طفلهم عن المدرسة، ولا أراكم جميعا مكروها في من تحبون.. والسلام!

agrni@