الرؤى المتعارضة
الخميس / 6 / محرم / 1441 هـ - 02:15 - الخميس 5 سبتمبر 2019 02:15
لكل مشكلة أو سؤال طريقة مثلى في المعالجة. ونحن إذا استطعنا أن نحدد المشكلة، عندها فقط نستطيع أن نرسم الخارطة (نقاط الوصول) الصحيحة، فالسؤال يجب أن يصاغ أولا بشكل صحيح، لأنه بالصياغة الصحيحة نعرف الطريق الأفضل للإجابة المثلى.
على سبيل المثال، الطريقة الأمثل للإجابة عن الأسئلة التاريخية هي أن تسافر إلى تلك الحقبة الزمنية التي تسأل عنها، وكيف يكون ذلك من نافذة هذا العصر؟ يكون من خلال الحصول على المصادر الأولية كالرسائل والوثائق والآثار والأحافير التي أنتجت أو تداولها الناس في تلك الفترة، والتي تعد أكثر الأدلة أصالة للإجابة عن أسئلتك حولها، لأنه لا صوت يمثل مجتمعا ما أفضل من أصوات أفراده وإنتاجهم هم، وأي أعمال أخرى درست تلك الحقبة لاحقا ليست بقيمة المصادر الأولية وقوة تمثيلها لواقع حياة وظروف تلك المرحلة.
وهذا يجعل القيمة عالية للقطع الأثرية القديمة لأنها تأخذنا إلى الحضارات السابقة مباشرة حينما نبحث عن الأجوبة للأسئلة: من صنع تلك القطعة؟ وإلى أي زمان تعود؟ وما هي وظيفتها المعيشية أو الترفيهية؟ وما هو أثر التطور في تلك الحضارة على تطور الفكر البشري؟
ولأسئلة الاقتصاد، كمثال آخر، طريقة للإجابة مختلفة عن الطريقة المتبعة عند البحث عن الأجوبة للأسئلة التاريخية. لا تركز دراسات الاقتصاد على دراسة اقتصاديات أمم سابقة (اختصاص المؤرخين)، أسئلة الاقتصاد تتمحور حول ظروف قائمة حاليا، وتستند إلى النظرية والمودلينج (modeling)، والغاية هي تفسير الظواهر الاقتصادية والتنبؤ بالمستقبل بالاعتماد على المؤشرات الاقتصادية في صياغة السياسات المالية والرؤى. وكمثال للنظرية الاقتصادية، وكمحاولة لتفسير ظاهرة الركود العظيم الذي ضرب الاقتصاد العالمي في الثلاثينات من القرن العشرين، طور الاقتصادي John Maynard Keynes نظرية كيزيان (Keynesian theory) عن أثر زيادة الإنفاق الحكومي على الناتج المحلي والتضخم.
هذه النظرية اقترحت حلا للسؤال الكبير عن مشكلة الركود العظيم آنذاك. اقترحت النظرية أن توجه الدولة سياستها إلى زيادة الإنفاق الحكومي، سواء كان بزيادة الرواتب أو القروض أو الدعم والحوافز، وتقليص الضرائب، لأن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع الطلب على المنتجات والخدمات، نتيجة لزيادة السيولة النقدية في أيدي الناس، وبهذه الطريقة يخرج الاقتصاد من أزمة الركود.
هل هناك أسئلة إجاباتها تتطلب الدمج بين المنظورين التاريخي والاقتصادي؟ نعم. يعتمد ذلك على الغاية من الدراسة.
فعندما يكون هدفك دراسة الظواهر الاقتصادية في حقبة تاريخية قديمة مثل أوروبا في العصور الوسطى، سيلزمك البحث عن المصادر الأولية التي تعود إلى تلك الحقبة (تبعا للطريقة التاريخية) ثم تستعين بالنظريات الاقتصادية عند تحليل وتفسير ما جمعته من معلومات عن تلك الحقبة، وتطور أيضا النظرية الاقتصادية وفقا لما ينتج معك.
إذا أردت أيضا أن تفسر بوضوح حقيقة مشاكل الواقع المعقد اليوم، عليك أن تعد نفسك بعدد من المناظير المتعارضة، لتنظر فيها من زوايا متعددة (multiple perspectives)، وبهذا لا تحجم أو تقلل من قيمة المصادر الأخرى، لا يمكن أن تصاغ حلول التنمية من منظور تاريخي فقط بدراسة نتائج السياسات ودون العمل على تحديث النظرية بتطبيقات تأخذ في الاعتبار خصائص السياق المحلي، هذه الرؤية ستعاني من قصور شديد إذا تجاهلت النظرية الاقتصادية وتطبيقاتها، وكلاهما لن يجدي إذا تجاهل السياق الثقافي.
على سبيل المثال، الطريقة الأمثل للإجابة عن الأسئلة التاريخية هي أن تسافر إلى تلك الحقبة الزمنية التي تسأل عنها، وكيف يكون ذلك من نافذة هذا العصر؟ يكون من خلال الحصول على المصادر الأولية كالرسائل والوثائق والآثار والأحافير التي أنتجت أو تداولها الناس في تلك الفترة، والتي تعد أكثر الأدلة أصالة للإجابة عن أسئلتك حولها، لأنه لا صوت يمثل مجتمعا ما أفضل من أصوات أفراده وإنتاجهم هم، وأي أعمال أخرى درست تلك الحقبة لاحقا ليست بقيمة المصادر الأولية وقوة تمثيلها لواقع حياة وظروف تلك المرحلة.
وهذا يجعل القيمة عالية للقطع الأثرية القديمة لأنها تأخذنا إلى الحضارات السابقة مباشرة حينما نبحث عن الأجوبة للأسئلة: من صنع تلك القطعة؟ وإلى أي زمان تعود؟ وما هي وظيفتها المعيشية أو الترفيهية؟ وما هو أثر التطور في تلك الحضارة على تطور الفكر البشري؟
ولأسئلة الاقتصاد، كمثال آخر، طريقة للإجابة مختلفة عن الطريقة المتبعة عند البحث عن الأجوبة للأسئلة التاريخية. لا تركز دراسات الاقتصاد على دراسة اقتصاديات أمم سابقة (اختصاص المؤرخين)، أسئلة الاقتصاد تتمحور حول ظروف قائمة حاليا، وتستند إلى النظرية والمودلينج (modeling)، والغاية هي تفسير الظواهر الاقتصادية والتنبؤ بالمستقبل بالاعتماد على المؤشرات الاقتصادية في صياغة السياسات المالية والرؤى. وكمثال للنظرية الاقتصادية، وكمحاولة لتفسير ظاهرة الركود العظيم الذي ضرب الاقتصاد العالمي في الثلاثينات من القرن العشرين، طور الاقتصادي John Maynard Keynes نظرية كيزيان (Keynesian theory) عن أثر زيادة الإنفاق الحكومي على الناتج المحلي والتضخم.
هذه النظرية اقترحت حلا للسؤال الكبير عن مشكلة الركود العظيم آنذاك. اقترحت النظرية أن توجه الدولة سياستها إلى زيادة الإنفاق الحكومي، سواء كان بزيادة الرواتب أو القروض أو الدعم والحوافز، وتقليص الضرائب، لأن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع الطلب على المنتجات والخدمات، نتيجة لزيادة السيولة النقدية في أيدي الناس، وبهذه الطريقة يخرج الاقتصاد من أزمة الركود.
هل هناك أسئلة إجاباتها تتطلب الدمج بين المنظورين التاريخي والاقتصادي؟ نعم. يعتمد ذلك على الغاية من الدراسة.
فعندما يكون هدفك دراسة الظواهر الاقتصادية في حقبة تاريخية قديمة مثل أوروبا في العصور الوسطى، سيلزمك البحث عن المصادر الأولية التي تعود إلى تلك الحقبة (تبعا للطريقة التاريخية) ثم تستعين بالنظريات الاقتصادية عند تحليل وتفسير ما جمعته من معلومات عن تلك الحقبة، وتطور أيضا النظرية الاقتصادية وفقا لما ينتج معك.
إذا أردت أيضا أن تفسر بوضوح حقيقة مشاكل الواقع المعقد اليوم، عليك أن تعد نفسك بعدد من المناظير المتعارضة، لتنظر فيها من زوايا متعددة (multiple perspectives)، وبهذا لا تحجم أو تقلل من قيمة المصادر الأخرى، لا يمكن أن تصاغ حلول التنمية من منظور تاريخي فقط بدراسة نتائج السياسات ودون العمل على تحديث النظرية بتطبيقات تأخذ في الاعتبار خصائص السياق المحلي، هذه الرؤية ستعاني من قصور شديد إذا تجاهلت النظرية الاقتصادية وتطبيقاتها، وكلاهما لن يجدي إذا تجاهل السياق الثقافي.