الرأي

دع الخجل وابدأ الحياة!

عبدالله المزهر
السلام عليكم أيها الناس.. كنت أود أن تطول إجازتي سنة أو سنتين، ولكن لا راد لقضاء الله وقدره، ثم إني عدت لأسباب عديدة، منها أني للأسف الشديد لم أستطع التخلص من معضلة الحياء، وقد شعرت أني تماديت في الاعتماد على حسن خلق القائمين على هذه الصحيفة، أما السبب الأهم والأكثر صدقا ومنطقية فهو حرصي على استمرار تقاضي مبلغ من المال لقاء ما أكتبه. صحيح أن هنالك طرقا يمكن أن يسلكها الكتاب تدر أموالا أكبر وأكثر، ولكن داء الحياء لا زال حاجزا يمنعني من كسب المعالي. فادعوا الله لي بالشفاء العاجل.

وقد كنت أصدق قول أبي تمام «إذا لم تخشَ عاقبة َ الليالي، ولمْ تستَحِ فافعَلْ ما تَشاءُ». وأفنيت الليالي وأنا أفكر في عواقبها وأخشاها، ثم إني وجدت أن أكثر الناس نجاحا هم أولئك الذين لا يخشونها، ولا يستحيون ويفعلون ما يشاؤون. أصحاب الوجوه المرنة الذين يتبنون الرأي ونقيضه، ويقفون في صف المدافعين والمهاجمين في ذات الوقت. هؤلاء هم أبطالي الجدد. ولا يخفى عليكم أني أحب أصحاب المواهب والقدرات المتميزة، ولا أجد موهبة في هذا العصر تضاهي موهبة التلون، والقفز على الحبال، وسرعة تبني المواقف والتخلي عنها.

صحيح أن البعض ـ أصلحهم الله ـ ما زالوا يعيشون في الماضي ويعتقدون ـ وهما ـ أن هذه أمور تدل على نذالة وخسة وسوء خلق وفساد جوهر، لكن هذه نظرة إضافة إلى أنها متخلفة ورجعية فهي قاصرة أيضا وتتجاهل الجانب المشرق، وتتعامى عن الجزء الممتلئ من الكوب.

بدأت أنظر إلى هذا الأمر من زاوية أكبر تعطي رؤية أوضح وأشمل، فالتلون موهبة مثل أي موهبة أخرى، كالعزف والرسم والشعر والغناء، إلا أن المبدع في هذا المجال يستخدم وجهه بديلا عن الورق والأدوات التي يحتاجها غيره. وكما أن لعبة الجمباز والقفز بالزانة وغيرهما من الرياضات تحتاج مرونة وليونة في عضلات الجسم فإن المتلون الذي يمارس الارتزاق بوجهه، ويبيع المواقف لمن يدفع، يبذل جهدا مماثلا في سبيل أن يكون وجهه أكثر مرونة وليونة وقدرة على التشكل والتلون الإبداعي.

وعلى أي حال..

في المرة القادمة حين تشاهد على شاشة التلفزيون أو على صفحات الجريدة أو في مواقع التواصل أحدا بلا مبدأ فلا تحتقره ولا تزدريه، بل انظر إليه بإعجاب كما تنظر إلى لاعب الجمباز الذي تظن لوهلة أن جسده بلا عظام. إنه موهوب ولكنكم قوم تقتلون الموهبة وتحاربون الناجح حتى يفشل.

agrni@