الرأي

التمنيات الأوروبية والشروط الأمريكية.. هل سنرى قمة أمريكية إيرانية؟

عزيز فهمي
تبلورت التمنيات الأوروبية في اعتقاد الرئيس الفرنسي ماكرون بإمكانية عقد قمة أمريكية - إيرانية لإيجاد حل دبلوماسي للتصعيد الحالي بين طهران وواشنطن، ولكن الشروط الأمريكية قد تقلص من إمكانية عقد هذه القمة، بل إن انعقادها قد لا يقدم أي شيء جديد في التحليل النهائي، بحسب تقييم الدكتور جوشوا مورافشك (Joshua Muravchik)، كبير المحللين في مؤسسة معهد الشؤون الدولية، وهي مؤسسة محافظة تسعى لنشر الديمقراطية في الشرق الأوسط، وتطالب بالتشدد تجاه إيران «حتى إذا انعقدت القمة فإن ذلك لن يسفر عن شيء، مثلما حدث بعد قمتين عقدهما الرئيس ترمب مع الزعيم كيم جون أون، حيث عادت كوريا الشمالية الآن لإطلاق صواريخها الباليستية ولم تتحرك خطوة واحدة تجاه إنهاء برنامجها النووي، ومع ذلك ما زال الرئيس ترمب يعتبر أن قمته مع كيم جون أون ناجحة».

وبخصوص الشروط الأمريكية لعقد اتفاق نووي جديد مع إيران قال عضو مجلس الشيوخ، ليندسي غراهام (Lindsey Graham)، المقرب من الرئيس ترمب لشبكة فوكس نيوز صباح الثلاثاء «يجب أن يتضمن الاتفاق حرمان إيران من إمكانية تخصيب اليورانيوم أو البلاتينيوم (أي الوقود النووي) على أرضها، وأن برنامجها النووي يجب أن يعتمد على شراء الوقود النووي من الخارج»، موضحا أن إنتاج الوقود النووي هو الذي قد يمكّن إيران من إنتاج القنبلة النووية في المستقبل.

يذكر أن إيران رفضت هذا الشرط طوال المفاوضات السابقة، فاضطرت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما والحلفاء الأوروبيين للاكتفاء بفرض تخفيض قدرات إيران على تخصيب اليورانيوم والبلاتينيوم، وهو السبب في انسحاب الرئيس ترمب من الاتفاق النووي عام 2017. ولا يوجد أي مؤشر على أن إيران ستقبل هذا الشرط الآن.

فهل هذا الشرط هو العقبة الوحيدة في طريق عقد القمة الأمريكية الإيرانية؟ بالطبع لا.

لأن التمنيات الأوروبية كما عبر عنها الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون تتطلب منح إيران حافزا اقتصاديا للعودة إلى طاولة المفاوضات. وعندما سُئل ترمب عن ذلك بعد انتهاء قمة السبع الكبار أجاب «ذلك قد يكون في شكل تسهيلات ائتمانية بضمان إيرادات النفط الإيراني».

وتعارض القوى الأمريكية المحافظة التي تنادي بالتشدد مع إيران هذا التوجه، حيث صرح جون هانا (John Hanah)، مستشار الأمن القومي لنائب الرئيس الأسبق ديك تشيني بأن «على الرئيس ترمب أن يرفض دفع سنت واحد من أجل إقناع الدولة الأولى الراعية للإرهاب بالعودة إلى طاولة المفاوضات، لأن هذا هو الخطأ الذي ارتكبه الرئيس السابق باراك أوباما».

بل يذهب الدكتور جوشوا مورافيشك أبعد من ذلك، ويقول لصحيفة مكة إن الرئيس ترمب لن ينجح في منح إيران أي ضمانات قروض، بل استبعد إمكانية انعقاد القمة.

وفي مقابلة هاتفية مع صحيفة مكة قال جون هانا «إن خبراء الاستخبارات الإسرائيلية يشعرون بالقلق من إمكانية عقد قمة أمريكية إيرانية، خوفا من أن رغبة الرئيس ترمب في إنجاز اتفاق نووي جديد أفضل من الاتفاق الذي توصل إليه سلفه باراك أوباما، قد تدفع الرئيس ترمب لتقديم تنازلات».

وبينما يلتزم رئيس الوزراء الإسرائيلي الصمت حتى الآن حيال القمة المحتملة، عبر خبراء الاستخبارات الإسرائيلية لصحيفة هآرتس عن شكهم في إمكانية انعقاد هذه القمة. ويشرح الدكتور جاشوا مورافيشك «لأن الرئيس روحاني لا يملك أي قوة، والإمام خامنئي هو صاحب السلطة المطلقة، وهو وافق على الاتفاق السابق على مضض، من أجل رفع العقوبات الاقتصادية، ثم جاء الرئيس ترمب وانسحب من الاتفاق وأعاد فرض العقوبات الاقتصادية. ولذلك لن يوافق خامنئي على عقد اتفاق نووي جديد. لذلك شاهدنا تراجع روحاني صباح الثلاثاء عن التصريحات التي أدلى بها مساء الإثنين، فبعد أن أعلن عن استعداده لعقد القمة مع ترمب، قال صباح الثلاثاء إن عقد القمة قبل إلغاء كل العقوبات الاقتصادية ضد إيران أمر غير ممكن». وهو شرط تعجيزي لا يمكن أن توافق عليه إدارة الرئيس ترمب التي تزيد العقوبات الاقتصادية على طهران الآن.

وفضلا عن ذلك، احتج دكتور جاشوا على تصريح الرئيس ترمب في نهاية قمة السبع الكبار الذي قال فيه إنه ليس مع تغيير النظام في طهران، وأن إيران دولة قوية «إن إيران عدو حقيقي لأمريكا، ولا نريد أن تكون دولة قوية أو حتى أن تستمر على وضعها الحالي».

وتعكس هذه التصريحات أن الرئيس ترمب سيواجه ضغوطا داخلية كثيرة قد تدفعه إلى التشدد باتجاه عقد هذه القمة، وربما تثنيه، في التحليل النهائي، عن قبول عقد هذه القمة. وبالفعل جاء التعليق الوحيد للبيت الأبيض على تراجع روحاني وشرطه التعجيزي، بإلغاء العقوبات الاقتصادية قبل عقد القمة الإيرانية الأمريكية، على لسان جون بولتن مستشار الأمن القومي، والعدو الأول لإيران في إدارة الرئيس ترمب، موضحا أن «الرئيس ترمب لم يغير سياسته تجاه إيران».

ويعكس هذا التصريح أن الرئيس ترمب سمع أصوات القوى المحافظة في قاعدته الحزبية، وفضلا عن ذلك يكشف التراجع الإيراني وتصريحات بولتن أن القمة الأمريكية الإيرانية قد تكون في طريقها للنسيان أمريكيا وإيرانيا.

أما الجهة الوحيدة التي ما زالت تدفع باتجاه القمة الأمريكية الإيرانية هي الاتحاد الأوروبي، حيث صرحت منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي في هلسنكي الخميس، بعد اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد، بأن الاتحاد الأوروبي يؤيد إجراء محادثات بين الرئيسين الأمريكي والإيراني.