الرأي

نجاح الحج ليس مصادفة!

عبدالله الأعرج
وانقضى الحج! وها نحن نحتفي بنجاح هذا الموسم ليلحق بركب النجاحات السابقة، وها هي وسائل التواصل وروافد الإعلام الحديث تتنافس في اقتناص لقطات من هنا وهناك، تظهر الروح التكاملية التي عمل بها فريق الحج من كل قطاعات الدولة، لنتنفس بعدها عميقا منتشين بما شرفنا به الله من خدمة حجاج بيته الذين جاؤوا شعثا غبرا يبتغون فضلا من الله ورضوانا.

ولأن النجاح بأي إنجاز يترك فرحة وبهجة وخبرة إيجابية في الوقت نفسه، فإن الاحتفاء به يزيده ألقا وتفردا، بل ويجعل منه مرجعا لمزيد من التطوير والتحسين في بلد وزمن لا يرضيان سوى بالتنافسية العالية والجاهزية اللافتة والأفكار الخلاقة عاما بعد عام.

اليوم وبعد هذه النجاحات المتتالية لمواسم الحج وبعد هذه الإدارة الجيدة للحشود والجموع في مكان وزمان محدودين جدا، أصبح من الواجب أن نضع جملة من الرؤى لكي نوسع دائرة النجاح، وللاستحواذ على مزيد من فرص الترقي من خلال خبرة إدارة الحج، وذلك على النحو التالي:

-1 نجاح الحج يثبت بكل اقتدار وجود الإرادة المتينة لدى جميع القطاعات المشاركة لنيل شرف الخدمة، وتنفيذ توجيهات ولاة الأمر، وهذه الإرادة هي النقطة الأولى التي يجب أن تبقى متقدة على الدوام.

-2 نجاح الحج أيضا انعكاس لحسن الإدارة لدى القطاعات المشاركة، وحينما تقترن الإرادة المتينة بالإدارة الفاعلة لك أن تتخيل مقدار الوهج الذي سينتج عن ذلك، وسنكون حينها في أمس الحاجة لمواصلة التمسك بالقرارات الإدارية الملهمة التي تفضي لإنجازات ميدانية ملموسة.

-3 نجاح الحج يوضح بجلاء أن التكامل بين كل القطاعات أمر ممكن في كل الظروف والأوقات، كيف لا وهو الوقود الذي أشعل شمعة الإنجاز التي نحتفي بها اليوم، وعليه فإن استمرار هذا التكامل بين القطاعات الحكومية ليشمل الحج ونواح إضافية غير مهام الحج، يعد بخير وفير للوطن على المدى المنظور، ويحقق نجاحات تشابه ما تم في مواسم الحج إلى حينه.

-4 نجاح الحج أثبت أيضا أن التقنية كانت وما زالت وستظل الذراع الأطول في ميكنة الإنجاز! لذلك فإن الاستثمار في مزيد من التقنيات بجميع أنواعها استثمار مربح قولا واحدا.

-5 نجاح الحج لم يأت حصيلة لتفكير ذات مساء، بل هو نتاج لتوجيه ومتابعة سابقة من ولاة الأمر، وتحفز وتنفيذ من قيادات العمل كل فيما يخصه، ونتاج كذلك لبذل سخي في أوجه مقننة، وكل هذه الاعتبارات تجعلنا نمضي قدما في مزيد من العصف الذهني لتطوير هذه المنظومة من الأفكار عاما بعد عام.

نجاح الحج يا كرام ليس نجاحا لأيام معدودات تمتد من يوم التروية حتى ثالث أيام التشريق، بل هو محصلة لعمل دؤوب وقرارات مدروسة امتدت لوقت طويل، وهي مفخرة للمملكة العربية السعودية التي وهبت كل ما تملك من إمكانات لخدمة كل من جاء لبلاد الحرمين، متخذة من حنكة قيادتها السياسية وولاء شعبها النبيل ما يجعلها تحتفي بخدمة المسلمين، وهي مستمعة بأذن واعية لكل ما من شأنه تطوير هذه الخدمة عاما بعد عام، ضاربة بالأذن الأخرى صفحا عن هرطقات تريد النيل من جهودها المباركة، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا.

dralaaraj@