موضوعات الخاصة

اتهام قادة إيران بالفساد

فيما يعاني الإيرانيون من اقتصاد سيئ وإدارة متعثرة، يواصل نظام الملالي تخبطه ويرمي باللوم عن الأزمات الداخلية على العقوبات التي فرضها المجتمع الدولي لإضفاء المزيد من الشيطانية على الغرب في أعين سكانه.

رصدت صحيفة التايمز اللندنية ونيويورك تايمز الأمريكية وعدد من وسائل الإعلام الغربي الفساد المستشري في النظام الإيراني على مدار السنوات الماضية، وسوء الإدارة الاقتصادية، والسياسة الخارجية المتهورة، والأسباب التي جعلت إيران تحتل مرتبة متدنية في مؤشر «مدركات الفساد» الصادر عن منظمة الشفافية الدولية لعام 2018.

وأجمعت الصحف العالمية على أن الفساد الذي تعيشه طهران ليس وليد اليوم، بل بدأ مع الثورة الإيرانية التي اندلعت قبل 40 عاما، وشهد فترات طويلة صعودا وهبوطا، لكنه أدى في النهاية إلى كيان داعم للإرهاب في الخارج ومتآكل من الداخل.

فساد له تاريخ

تفاقم الفساد وسوء الإدارة في إيران بشكل كبير خلال رئاسة محمود أحمدي نجاد قبل 14 عاما، على الرغم من حقيقة أنه وصل إلى السلطة على منصة شعبية مناهضة للفساد.

- في السنة الأولى لأحمدي نجاد كرئيس في 2005، صنفت منظمة الشفافية الدولية إيران في المرتبة الـ88 من بين 159 دولة في مؤشر الفساد السنوي.

- في 2012 ازداد الوضع سوءا، حيث صنفت منظمة الشفافية الدولية إيران كواحدة من أكثر الدول فسادا في جميع أنحاء العالم، حيث احتلت المرتبة الـ133 بين 176 دولة، وذلك بحسب رويترز.

أزمة الرعاية الصحية

واجهت إيران أزمة في الرعاية الصحية بسبب سوء إدارة الحكومة والفساد، ففي نوفمبر 2012، قال رئيس لجنة الصحة بالبرلمان حسينالي شهرياري إن «الحكومة تلعب بصحة شعبنا ولا تخصص الموارد المالية المعتمدة»، وأبلغ وزير الصحة الإيراني آنذاك، مرزية وحيد داستيردي، عن مبلغ 2.5 مليار دولا، وذلك بحسب واشنطن بوست، خصص من الميزانية السنوية لإيران لاستيراد الأدوية والمستلزمات الطبية، سلم 600 مليون دولار فقط من قبل البنك المركزي الإيراني هذا العام. واحتج أيضا على ذلك «لقد سمعت أن السيارات الفاخرة قد تم استيرادها بدولارات مدعومة، لكنني لا أعرف ما حدث للدولار الذي كان من المفترض تخصيصه لاستيراد الأدوية»، ونتيجة لذلك، فصل أحمدي نجاد داستيردي في أواخر ديسمبر 2012.

ووفقا لوكالة رويترز، قال مصدر داخل صيدلية حكومية في طهران إن المخزونات المنخفضة من الأدوية الحيوية تتفاقم بسبب «التخزين الاستراتيجي»، فمن بين 20 وحدة دوائية، كانت اثنتان منها متاحتين للجمهور والباقي «محجوزا» لأولئك الذين لديهم تأثير أو روابط جيدة.

مع وجود نقص طبي، فاقم الحرس الثوري الإيراني المشكلة واستفاد منها، وبدلا من تطبيق سعر الصرف المدعوم من الحكومة بشكل صحيح على واردات الأغذية والأدوية، استغله الحرس الثوري الإيراني لشراء السلع الفاخرة.

خنق المواطنين

وذكرت صحيفة التايمز اللندنية أن «مسؤولي النظام ما زالوا يتمتعون بالرعاية الصحية ذات المستوى العالمي بينما يخنقون التمويل الطبي للمواطنين العاديين، وتباع الأدوية الفائضة من مستشفيات الحرس الثوري في السوق السوداء، حيث يتم بيعها للمجموعات الصحية والمدنيين بثلاثة أضعاف السعر».

كانت لدى الحكومة الإيرانية القدرة على إنهاء هذه الأزمة، لكنها بدلا من ذلك زادت من إضعاف عزم المجتمع الدولي على التنفيذ الصارم للعقوبات، فمن خلال صادراتها النفطية، كانت لإيران مليارات الدولارات في حسابات بالعملة المحلية في تركيا والدول الآسيوية، والتي يمكن استخدامها لشراء الإمدادات الطبية من الصناعة المحلية أو الغربية للشعب الإيراني، وبدلا من ذلك، استغل النظام رفاهية مواطنيه من أجل حماية برنامجه النووي غير المشروع.

فضائح نجاد

استمرت فضائح أحمدي نجاد في ابتلاعه حتى بعد مغادرته منصبه، حيث حكم على نائبه الأول، محمد رضا رحيمي بالسجن لمدة خمس سنوات بتهمة «اكتساب الثروة من خلال أساليب غير مشروعة»، وفي 2015 حكم على نائب رئيسه للشؤون التنفيذية محمد باغاي، والذي سرعان ما تبعه في ديسمبر 2017، عندما حكم عليه بالسجن لمدة 63 سنة بسبب مخالفات مالية.

ناهيك عن إدانة أحمدي نجاد بسبع تهم، بما في ذلك إساءة استخدام أموال الدولة التي بلغ مجموعها ملياري دولار، من قبل المحكمة العليا للتدقيق، وذلك بحسب موقع راديو أوروبا الحرة.

الفساد في إدارة روحاني

تولى حسن روحاني منصبه في 2013 محذرا من أن الفساد «يعرض» الثورة للخطر، وأن الأموال التي تم تقديمها «تحت الطاولة الآن يتم تقديمها على الطاولة».

أعطى المحللون حينها روحاني علامات متباينة في حملته لمكافحة الفساد، وقد أبرز علماء مثل بيجان خاجبور، إنشاء «مكاتب إقليمية لمحاربة الفساد الإداري على المستويات البيروقراطية»، بالإضافة إلى إصدار مرسوم لمكافحة التهريب في 2014.

وفي الوقت نفسه، وفقا لصحيفة فاينانشال تايمز، فإن إدارة روحاني أعلنت عزمها على إغلاق المؤسسات الائتمانية التابعة للحرس الثوري الإيراني، وزيادة الرقابة على النظام المصرفي، واتخاذ إجراءات صارمة ضد مصادرة الأراضي من قبل النخب، وإنشاء مؤسسات قوية حصلت على إعفاءات ضريبية في الماضي تدفع حصتها العادلة.

استمر روحاني في جعل الفساد من القضايا المركزية في ولايته الثانية، ففي نوفمبر 2017 بعد أن دمرت الزلازل الوحدات السكنية في ساربول زهاب، اشتكى روحاني من «أنه من الواضح أنه كان هناك فساد في عقود البناء».

اتهامات تلاحق الحكومة

- في 2016 ذكرت صحيفة نيويورك تايمز عن مزاعم في وسائل الإعلام الإيرانية بتهم فساد فيما يتعلق بالمكافآت المتضخمة ورواتب المديرين التنفيذيين للشركات التي تسيطر عليها الدولة على روحاني.

- كانت هذه الأرقام أعلى بكثير من الحد القانوني البالغ 2.353 دولارا شهريا لموظفي الحكومة.

- ومن بين الاتهامات الأخرى 50000 دولار مكافآت للمديرين التنفيذيين في شركة التأمين المركزية التي تسيطر عليها الحكومة ورئيس بنك تجارت المملوك للدولة، والذي تم تعيينه في منصبه في عهد روحاني، حيث تلقى 208115 دولارا على مدار 21 شهرا وقرضا بدون فائدة بقيمة 289 ألف دولار.

ـ اتهمت الدائرة الداخلية روحاني بالفساد، حيث اتهم الصادق لاريجاني، رئيس السلطة القضائية الإيرانية، روحاني علانية بتلقي أموال الدولة المختلسة من بابك زنجاني، وهي النقطة الرئيسة في مساعدة إيران على التهرب من عقوبات ما قبل النووي، كما استهدف النائب الأول لروهاني إسحاق جاهانجيري وشقيقه حسين فريدون بتهمة المحسوبية، وذلك بحسب موقع المونتير.

ومع استمرار الاحتجاجات في ديسمبر 2017 ويناير 2018 على حالة الاقتصاد، فإن تاريخ تصنيف الفساد في إيران خلال فترة رئاسته يتحدث عن أحجام كبيرة، ووفقا لبيانات البنك الدولي تراجعت سهولة ممارسة الأعمال للجمهورية الإيرانية إلى 124 في 2017 من 120 في 2016 من 190 اقتصادا من جميع أنحاء العالم.

فساد الحرس الثوري

عدت وسائل الإعلام الغربية الحرس الثوري الإيراني، في عهد أحمدي نجاد، طليعة الفساد في إيران اليوم، وقالت إن المؤسسة الإرهابية التي صممت لحماية الثورة والمحافظة على روح التقشف الأيديولوجي تعد على رأس قائمة الفساد.

يمتلك الحرس الثوري الإيراني الآن المليارات ويتحكم في مئات الشركات، وتمنح المؤسسة عادة عقودا بدون عطاءات دون إشراف مستقل في قطاع الطاقة الإيراني المربح وعبر الاقتصاد، ويدعي الحرس أن أرباحه تذهب بعد ذلك إلى الخزينة الوطنية، لكن لا توجد سجلات عامة للتحقق من ذلك، وذلك بحسب واشنطن بوست.

وذكرت نيويورك تايمز أن الثروة جاءت من عمليات تهريب هائلة من الحرس الثوري، حيث استفاد من نفوذه الاقتصادي والسياسي لحصر صناعة التهريب الإيرانية البالغة 12 مليار دولار من خلال استيراد كميات كبيرة من البضائع بطريقة غير مشروعة عبر الأرصفة البحرية التي يسيطر عليها الحرس الثوري الإيراني ومحطات المطار التي تعمل خارج نطاق سلطات الجمارك الإيرانية.

نشر الإرهاب في الخارج

ونتيجة للاختراق المالي للحرس الثوري الإيراني، يؤكد المحللون أنه يتحكم في الاقتصاد بنسبة «تتراوح من الثلث إلى ثلثي الناتج المحلي الإجمالي لإيران والذي يصل إلى عشرات المليارات من الدولارات»، ويمتلك ما لا يقل عن نصف الشركات المملوكة للحكومة الإيرانية، ويسيطر على 68% من إجمالي صادرات إيران. مع هذه الثروة المكتشفة حديثا، كان الحرس الثوري الإيراني يستورد سيارات فاخرة باهظة الثمن، بحسب الجارديان.

اقترح الرئيس روحاني ميزانية تبلغ 337 مليار دولار للسنة المالية التي بدأت في 21 مارس الماضي، وعلى الرغم من الوعد بقطع أجنحة الحرس الثوري الإيراني، إلا أنه يرفع الجيش النظامي إلى المرتبة الثانية في التسلسل الهرمي النقدي، وتشير التقارير إلى أن الحرس الثوري الإيراني المكلف بنشر الإرهاب في الخارج يحصل على ثلاثة أضعاف المبلغ الذي يحصل عليه الجيش، وفي الوقت نفسه تخفض الإعانات.

أكبر فضيحة مالية

- في 2009 وجدت مراجعة حكومية أن وزارة النفط الإيرانية فشلت في إيداع 1.05 مليار دولار في حسابات الدولة المتعلقة بفائض إيرادات النفط.

- في 2011 كشف عن أكبر فضيحة مالية في تاريخ إيران، حيث تم اختلاس 2.6 مليار دولار من البنوك الرائدة في البلاد، وذلك بحسب رويترز وUPI كان رئيس البرلمان علي لاريجاني الناقد الرئيسي لأحمدي نجاد وسياسات إدارته، وبحسب معهد واشنطن في انتقاد واحد لأحمدي نجاد ألقى لاريجاني باللوم على سوء إدارة الحكومة في 80% من المشاكل الاقتصادية لإيران.

- اتهم أحمدي نجاد لاريجاني وعائلته بالفساد المالي، وهي تهمة يواصل توجيهها في المناخ السياسي الحالي.

- اعترف حتى المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي بأنه على الرغم من أن العقوبات قد تسبب مشاكل «فإن سوء الإدارة قد يزيد من هذه المشاكل»، وذلك بحسب كريستيان ساينس.
  • التايمز اللندنية وصحف عالمية ترصد سوء الإدارة الاقتصادية والسياسة المتهورة
  • علي لاريجاني: روحاني يبتلع أموال الدولة المختلسة
  • اختلاس 2.6 مليار دولار من البنوك في أكبر فضيحة مالية
  • الحرس الثوري يستغل أموال الدعم لشراء السيارات الفاخرة
  • الحرس يحصل على 3 أضعاف أموال الجيش لنشر الإرهاب