تفاعل

التصالح مع الإخفاقات

دلال عبدالرحمن
تدركون كما أدرك أنا وثلة من الناس أن الحياة مليئة بالعقبات والصعوبات، وكثير من الإخفاقات التي تعترض طريقنا وتحبطنا أحيانا وتسقطنا أحيانا أخرى، إلا أننا لا ننكر أنها تضيف لنا رصيدا هائلا من الخبرات والمهارات والإنجازات الشخصية حين نحاول ثم نحاول وننجح في تجاوزها. لكننا مع اعترافنا بهذه الحقيقة، وبكل الأمور الرائعة التي تضيفها تلك الإخفاقات في بنوك خبراتنا الحياتية، ما زلنا نكره أن نخفق، ونخاف أن نتعثر، ونقاتل حتى لا نفشل! لماذا يصعب علينا تقبل تلك الإخفاقات، ونعاني في مسامحة أنفسنا عليها؟

قد يكمن السبب في مشاعر الألم والحسرة التي تعتصر عواطفنا عقب كل جولة إخفاق! فنلوم أنفسنا حد الجلد بسبب عدم إدراك هدف أو تحقق غاية، وربما كانت تربيتنا هي السبب الذي يكبلنا في مرحلة الفشل وتمنعنا من المضي قدما في طرق الحياة الجديدة، وقد يكون الخوف من نظرة الآخرين لنا سببا لذلك! لكن أيا كانت الأسباب فلا بد أن نبحث عن طرق وحلول، لتحقيق الصلح والسلام بيننا وبين إخفاقاتنا إن حدثت.

من أهم الأمور المساعدة على تخطي تجربة فشل ألا تجعل المسألة شخصية فتنسب الفشل لنفسك، متجاهلا ما يحيط بك من ظروف، لا بد أن تدرك أنك فرد من أفراد هذا الكوكب، يعترضه ما يعترض غيره، ويحيط به ما يحيط بالآخرين، فحين لا تصل إلى مربع النجاح في أمر ما، لا يعني ذلك بالضرورة أنك فاشل! واعلم أن الأفكار السلبية التي استوطنتك مدمرة أكثر من كل الإخفاقات وقصص الفشل.

ومن الأمور المهمة أيضا للتجاوز والمصالحة ألا تدع تجربة فشل تمر إلا وقد تعلمت منها دروسا وعبرا، أولها مجاهدة مشاعر الغضب والإحباط واللوم، وآخرها استجلاب منظار الإيجابية لحوادث الزمان.

من الضروري كذلك ألا تتوقف في هذه المحطات التي تألمت فيها ذات نهار، فبقاؤك في مرحلة الإخفاق والمكوث فيها لن يساعدك على التجاوز، ولن يقدم لك أي فائدة، إلا أن تكون محاصرا ومقيدا بآلام عاطفية تمنعك من التحرر من ذلك (إنها الأفكار مرة أخرى)!

المدرب دون شولا له قاعدة تسمى (قاعدة الـ 24 ساعة) وهي سياسة للتطلع إلى الأمام والمضي قدما، فقد كان يحرص ويشجع لاعبي فريقه على الاحتفال بعد كل انتصار لمدة 24 ساعة فقط، كما يسمح لهم بالشعور بالحزن بقدر ما يستطيعون بعد كل خسارة ولمدة 24 ساعة فقط، وفي اليوم التالي يبدأ معهم سياسة المضي قدما والتطلع نحو التحدي القادم. ويبرر دون شولا فلسفته بأنك إذا حافظت على إخفاقاتك وانتصاراتك في إطارها الصحيح، فسوف تقدم أفضل ما لديك على المدى البعيد.

ومما يساعد أيضا أن تتخلص من خوفك من نقد الآخرين! فالخوف من الفشل أحيانا يكون بسبب خوفنا مما قد يجلبه من نقد لنا أو حكم علينا، وهذا يشكل ضغطا هائلا على ذاتك، ولك أن تسأل نفسك متى كان رضا الناس غاية تدرك؟

كما أن التغيير والتطوير في طرق التفكير يمنحك تجارب جديدة ونتائج مختلفة، فاحرص أن تجرب التفكير الإيجابي وتتبناه في حياتك، فلم يكن الفشل للمميزين إلا درجات في سلم النجاح، واعلم أنه لا يوجد قصة نجاح كاملة في هذا العالم دون لحظات فشل! يقول مايكل جوردان «لقد فشلت وفشلت مرارا وتكرارا، وهذا بالتحديد سبب نجاحاتي». وشاعر المهجر يقول «لا تقنطن من النجاح لعثرة.. ما لا ينال اليوم يدرك في غد». السر في المحاولة وتخطي اليأس.