الخوف والانتهازية وراء عدوانية إيران
بايمان يطالب أمريكا بحملة استخباراتية واسعة لمحاربة طهران ووكلائها الإرهابيين
الاحد / 27 / شوال / 1440 هـ - 19:45 - الاحد 30 يونيو 2019 19:45
لطالما كانت إيران واحدة من أهم وأخطر رعاة الإرهاب في العالم، وعلى الرغم من تباين دوافعها على مر السنين، فإن قادتها ينظرون باستمرار إلى الروابط مع مجموعة من الجماعات الإرهابية ودعمها كأداة مهمة للقوة الوطنية.
ومما يثير القلق أن دعم إيران للإرهاب أصبح أكثر عدوانية في السنوات الأخيرة، بدافع من الخوف ومزيج من الانتهازية، ويمكن أن تصبح أكثر عدوانية في السنوات المقبلة، مستغلة الحماية المتصورة التي ستكسبها إذا طورت سلاحا نوويا، أو بالقوة العسكرية أو غيرها من الوسائل باستخدام الإرهابيين للتنفيس عن غضبهم والانتقام.
ومع ذلك، وفي ظل الظروف الحالية، لا يزال من غير المرجح أن تنفذ طهران أشد أشكال الإرهاب تطرفا، مثل هجوم الإصابات الجماعية على غرار هجمات 11 سبتمبر أو الضربة التي تتضمن سلاحا كيميائيا أو بيولوجيا أو نوويا.
لماذا أصبحت أكثر عدوانية؟
يرى أستاذ دراسات الأمن في كلية الخدمة الخارجية بجامعة جورج تاون، مدير البحوث في مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط في معهد بروكينغز، دانيال بايمان، أنه يتعين على الولايات المتحدة العمل مع حلفائها لمواصلة وتوسيع حملة استخباراتية ضد إيران وبدائلها الإرهابية، فبعد الحادي عشر من سبتمبر انخرطت الولايات المتحدة في حملة شاملة ضد القاعدة، وهناك حاجة إلى نهج عالمي مماثل لمحاربة الإرهاب الذي تدعمه إيران.
وبما أن الولايات المتحدة تمارس بالفعل ضغطا هائلا على طهران من خلال العقوبات والعزلة الدبلوماسية بسبب البرنامج النووي الإيراني، هناك عدد قليل من الأسهم المتبقية في جعبة أمريكا، وبالتالي فإنها ستجد صعوبة في ممارسة ضغوط إضافية على إيران بسبب الإرهاب.
وكشف دانيال دوافع إيران لدعم مجموعة من الميليشيات الإرهابية، من خلال ورقة بحثية، وقدم توضيحات لكيفية ولماذا أصبحت إيران أكثر عدوانية في استخدامها للإرهاب عبر منطقة سريعة التغير.
وشرح المشكلة المتعلقة بالإرهاب والبرنامج النووي الإيراني، وشدد على أن السماح لإيران بالحصول على القنبلة أمر خطير في حد ذاته، وقد يجعل طهران أكثر عدوانية في دعم الإرهابيين، ولكن من المرجح أن تؤدي ضربة عسكرية لتدمير البرنامج إلى دفع إيران إلى استخدام الإرهاب بانتقام.
التآمر لا يتوقف
منذ ثورة 1979 والتي أطاحت بحكومة الشاه، عملت القيادة الدينية الإيرانية مع مجموعة من الجماعات الإرهابية لتعزيز مصالحها، وبعد أكثر من ثلاثين عاما استمر هذا الاستخدام للإرهاب وسيظل أداة مهمة للسياسة الخارجية الإيرانية في مواجهتها مع جيرانها ومع الولايات المتحدة.
وحذر مدير المخابرات الوطنية السابق جيمس كلابر في الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب من أن إيران تواصل «التآمر على المصالح الأمريكية ومصالح الجهات المتحالفة معها في الخارج».
تصدير العنف
العلاقة الإيرانية الأكثر أهمية والأكثر شهرة هي مع الميليشيات اللبنانية الإرهابية، حزب الله، حيث ساعدته وسلحته وتتولى تدريبه وتموله بما يزيد عن 100 مليون دولار سنويا، وشملت المساعدات العسكرية الإيرانية ليس فقط الأسلحة الصغيرة وغيرها من الأسلحة الإرهابية النموذجية، بل الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات وصواريخ كروز المضادة للسفن وآلاف الصواريخ والأنظمة المدفعية، مما يجعل حزب الله أحد أكثر مجموعات الدول الفرعية قوة في العالم.
لم يخف قادة إيران كأحد الدوافع لدعم عدد من هذه الجماعات أيديولوجيا، رغبتهم في مد ثورة إيران في جميع أنحاء العالم، حيث أعلن المرشد الأعلى الإيراني والأيديولوجي المؤسس، آية الله روح الله الخميني، أن إيران «يجب أن تحاول جاهدة تصدير ثورتنا إلى العالم».
ولتحقيق هذه الغاية، عملت إيران مع مجموعة متنوعة من الجماعات الإرهابية، حزب الله اللبناني وأيضا المقاتلين الشيعة في العراق والبحرين وباكستان وأفغانستان وغيرها، بتنظيمهم ضد الجماعات المتنافسة وفي كثير من الأحيان ضد الحكومات المضيفة.
لقد فعلت إيران ذلك جزئيا لأنها أرادت أن تنشر أيديولوجيتها الثورية، ووجدت بعض الأتباع بين الجماعات الشيعية في جميع أنحاء العالم الإسلامي، خاصة في السنوات التي تلت الثورة مباشرة، عندما كانت شخصية آية الله الخميني الكاريزمية قادرة على إلهامها لعدد من المجتمعات الشيعية لدعم قيادته، أو على الأقل الإعجاب بنظامه الجديد.
استهداف السعودية وأمريكا
دعمت إيران بقوة مجموعة من الجماعات الإرهابية في الثمانينات، خاصة حزب الله اللبناني، فمنذ تسعينات القرن الماضي دافعت إيران عن جماعات فلسطينية، ودعمت جهودها لتنفيذ هجمات في إسرائيل وفي الأراضي الفلسطينية.
وعملت طهران مع الجماعات المتمردة في أفغانستان والعراق، وفيما يتعلق بدعم الإرهاب خارج هذه المسارح، فإن آخر معاداة للولايات المتحدة نظمتها إيران كان الهجوم على أبراج الخبر عام 1996، والذي أسفر عن مقتل 19 أمريكيا، ومع ذلك أظهرت طهران مجددا التركيز على الإرهاب خارج مسرح إسرائيل، لبنان، فلسطين أو مناطق الحرب مثل العراق وأفغانستان في العام الماضي، وعلى الرغم من أن إسرائيل كانت محط تركيز خاص، لكن يبدو أن السعودية والولايات المتحدة الأمريكية كانتا نقطة اهتمام الإرهاب الإيراني؟
مؤامرات إيرانية عدوانية
• في 18 يوليو 2012، فجر مهاجم انتحاري نفسه على متن حافلة تقل سياحا في بلغاريا.
• قبل أيام عدة من الهجوم البلغاري، قبض على أحد عناصر حزب الله اللبناني في قبرص، حيث يعتقد أنه كان يخطط لشن هجمات أخرى.
• في 2012، تم إحباط مؤامرات مرتبطة بإيران في تايلاند وجورجيا وأذربيجان.
• في 2012، نفذت إيران تفجيرات في الهند وجورجيا.
• اعتقلت السلطات الكينية رجلين إيرانيين يعتقد أنهما من الحرس الثوري الإيراني في يونيو 2012، واعترف الرجلان بأنهما كانا يخططان لشن هجمات، وشملت الأهداف المحتملة الأفراد والمرافق الأمريكية والإسرائيلية والسعودية والبريطانية.
• في أكتوبر 2011، أحبطت الولايات المتحدة مؤامرة لقتل السفير السعودي في واشنطن بتفجير مطعم، حيث كان يتناول طعام الغداء في كثير من الأحيان، ووفقا لمسؤولين أمريكيين فقد تم تنظيم المخطط من قبل إيران.
• يزعم مسؤولو الأمن أنه خلال العامين الأخيرين خططت إيران وحزب الله لهجمات في أكثر من عشرين دولة.
تشير الوتيرة العدوانية بجانب المؤامرة ضد السفير السعودي في واشنطن إلى أن استخدام إيران للإرهاب أصبح أكثر عدوانية. في الماضي لم تضرب المجموعات المدعومة من إيران، مثل حزب الله، في الولايات المتحدة، حيث رأت أنها تعد مكانا لجمع الأموال والحصول على معدات متخصصة قيمة.
وتظهر مؤامرة 2011 لاغتيال السفير السعودي لدى الولايات المتحدة أن بعض المسؤولين الإيرانيين - ربما منهم الزعيم الأعلى علي خامنئي - قد غيروا حساباتهم وأصبحوا الآن أكثر استعدادا لشن هجوم في الولايات المتحدة ردا على تصرفات أمريكية حقيقية أو متوقعة تهدد النظام.
التدخل بالشرق الأوسط
الأمر الأكثر أهمية بالنسبة لإيران هو الأزمة في سوريا، حيث ستكون خسارة سوريا ضربة كبيرة لإيران، مما يقلل من قدرتها على التدخل في لبنان وفي الساحتين الإسرائيلية الفلسطينية والإسرائيلية العربية.
من وجهة نظر إيران، فإن الحملة ضد سوريا هي أيضا جزء من الحملة الأوسع لإضعاف إيران، حيث أدلى المسؤولون الإيرانيون وحزب الله بتصريحات متكررة ألقوا فيها باللوم على الولايات المتحدة في الاضطرابات في سوريا، رغم أنه ليس من الواضح كم يؤمنون بخطابهم.
تحولت السياسة الفلسطينية بشكل ملحوظ إلى الأسوأ من وجهة نظر طهران. بعد تأسيس حماس عام 1987 كانت العلاقة بين إيران وحماس مهذبة ولكنها محدودة. تلقت حماس أموالا وأسلحة وتدريبا من إيران وحزب الله، لكن حماس أبقت طهران بعيدة المنال، لأن قادتها كانوا مصممين على تجنب الاعتماد على الرعاة الأجانب، الذين غالبا ما أهلكوا المنظمات الفلسطينية الأخرى. أصبحت العلاقات أقوى بكثير عندما استولت حماس على السلطة في غزة عام 2007، وفي مواجهة العزلة الدولية سعت للحصول على مزيد من المساعدات من إيران.
الآن تلاشت هذه العلاقة، فالعلاقات المفتوحة مع إيران، والتي لا تحظى بشعبية دائما بين عدد من الإسلاميين السنة، تتعرض لمزيد من التشويش بسبب دعم طهران للنظام في سوريا. لقد تركت قيادة حماس سوريا إلى حد كبير، متجهة إلى مصر وبلدان أخرى، كما انتقد بعض قادة حماس ضمنا دعم إيران لدمشق، لذلك فقدت إيران نفوذها مع شريكها الفلسطيني الأكثر أهمية، وبين الفلسطينيين بشكل عام.
المعضلة النووية
من وجهة نظر مكافحة الإرهاب، فإن مسألة كيفية الرد على البرنامج النووي الإيراني محفوفة بالمشاكل، إذا قامت الولايات المتحدة بضربة عسكرية مباشرة على المنشآت النووية الإيرانية المشتبه بها، فسيكون الرد الإرهابي الإيراني كبيرا، لأن إيران تدعم الإرهابيين جزئيا لإبقاء خياراتها مفتوحة، فقد حان الوقت الآن لطهران لاستدعاء المؤيدين، يمكن أن نتوقع القيام بهجمات إرهابية في جميع أنحاء العالم، لقد أظهرت إيران وحزب الله وجودا في كل قارة مأهولة. ستحاول طهران أيضا استدعاء جماعات مثل تنظيم القاعدة والجهاد الإسلامي في فلسطين وغيرها من الجماعات التي لها علاقات معها، على الرغم من أن هذه الجماعات ستكون أقل اعتمادا عليها وأفرادها أقل مهارة من موظفي حزب الله.
ونظرا لأن استخدام إيران للإرهاب يتبع غالبا منطقا استراتيجيا، يمكن لسياسة الولايات المتحدة أن تؤثر على حسابات طهران بشأن ما إذا كانت ستدعم الجماعات، وعلى مقدار القيام بذلك.
في النهاية، فإن افتقار إيران للخيارات الاستراتيجية ورغبتها في الرد على ما تعده عالما معاديا سيقودها إلى مواصلة العمل مع مجموعة من الجماعات الإرهابية واستخدام العنف بشكل انتقائي.
دوافع استخدام إيران لحلفائها
في الوقت الذي تلاشت فيه حماستها الثورية، استخدمت طهران الإرهابيين بشكل متزايد لمجموعة من الأهداف الاستراتيجية، وتشمل هذه الجماعات الإرهابية التي اكتسبت تعاطفا أيديولوجيا ضئيلا، بالإضافة إلى ذلك، استخدمت إيران حتى أقرب حلفائها الإرهابيين، مثل حزب الله اللبناني، لأغراض استراتيجية، وتشمل الدوافع:
استنزاف وتقويض المنافسين
تستخدم إيران بانتظام الجماعات الإرهابية لإضعاف الحكومات التي تعارضها، خصوصا الأعداء المريرين مثل العراق، وأعداء أقل مثل السعودية والكويت، وتدعم طهران مجموعة واسعة من جماعات المتمردين التي تستخدم الإرهاب أيضا في أماكن مثل العراق وأفغانستان.
قوة الإسقاط ودعم الفساد
يرى النظام الإيراني نفسه كقوة إقليمية وحتى عالمية، والعمل مع الإرهابيين هو وسيلة لإيران للتأثير على الأحداث البعيدة عن حدودها، فدعم إيران لحزب الله اللبناني وحماس يجعل إيران لاعبا في النزاعات الإسرائيلية الفلسطينية والإسرائيلية العربية، وهذا بدوره يعطي إيران مكانة وتأثيرا في الشرق الأوسط الكبير.
الحصول على صوت في مجالس المعارضة
بالنسبة لإيران، من المهم في كثير من الأحيان ليس فقط فقدان نظام العدو للسلطة أو إضعافه، بل أن تكون له أذرع داخل المعارضة، لذلك في لبنان ساعدت طهران في تأسيس حزب الله.
الردع
من خلال امتلاكها القدرة على العمل مع الإرهابيين وتخريب أعدائها، فإنها قادرة على الضغط عليهم للتخلي عن الولايات المتحدة أو الامتناع عن الانضمام إلى الجهود الاقتصادية أو العسكرية للضغط على إيران.
الحفاظ على الخيارات
تسعى طهران أيضا إلى إبقاء خياراتها مفتوحة، ويدرك القادة الإيرانيون أنه في العراق وأفغانستان وغيرها من البلدان المضطربة، قد يكون هؤلاء الذين يوجدون في السلطة اليوم على هامش القمة والعكس صحيح، بالإضافة إلى ذلك قد يريدون علاقات ودية مع أحد الجيران في الوقت الحالي ولكنهم يفهمون أن الظروف قد تتغير في المستقبل.
ومما يثير القلق أن دعم إيران للإرهاب أصبح أكثر عدوانية في السنوات الأخيرة، بدافع من الخوف ومزيج من الانتهازية، ويمكن أن تصبح أكثر عدوانية في السنوات المقبلة، مستغلة الحماية المتصورة التي ستكسبها إذا طورت سلاحا نوويا، أو بالقوة العسكرية أو غيرها من الوسائل باستخدام الإرهابيين للتنفيس عن غضبهم والانتقام.
ومع ذلك، وفي ظل الظروف الحالية، لا يزال من غير المرجح أن تنفذ طهران أشد أشكال الإرهاب تطرفا، مثل هجوم الإصابات الجماعية على غرار هجمات 11 سبتمبر أو الضربة التي تتضمن سلاحا كيميائيا أو بيولوجيا أو نوويا.
لماذا أصبحت أكثر عدوانية؟
يرى أستاذ دراسات الأمن في كلية الخدمة الخارجية بجامعة جورج تاون، مدير البحوث في مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط في معهد بروكينغز، دانيال بايمان، أنه يتعين على الولايات المتحدة العمل مع حلفائها لمواصلة وتوسيع حملة استخباراتية ضد إيران وبدائلها الإرهابية، فبعد الحادي عشر من سبتمبر انخرطت الولايات المتحدة في حملة شاملة ضد القاعدة، وهناك حاجة إلى نهج عالمي مماثل لمحاربة الإرهاب الذي تدعمه إيران.
وبما أن الولايات المتحدة تمارس بالفعل ضغطا هائلا على طهران من خلال العقوبات والعزلة الدبلوماسية بسبب البرنامج النووي الإيراني، هناك عدد قليل من الأسهم المتبقية في جعبة أمريكا، وبالتالي فإنها ستجد صعوبة في ممارسة ضغوط إضافية على إيران بسبب الإرهاب.
وكشف دانيال دوافع إيران لدعم مجموعة من الميليشيات الإرهابية، من خلال ورقة بحثية، وقدم توضيحات لكيفية ولماذا أصبحت إيران أكثر عدوانية في استخدامها للإرهاب عبر منطقة سريعة التغير.
وشرح المشكلة المتعلقة بالإرهاب والبرنامج النووي الإيراني، وشدد على أن السماح لإيران بالحصول على القنبلة أمر خطير في حد ذاته، وقد يجعل طهران أكثر عدوانية في دعم الإرهابيين، ولكن من المرجح أن تؤدي ضربة عسكرية لتدمير البرنامج إلى دفع إيران إلى استخدام الإرهاب بانتقام.
التآمر لا يتوقف
منذ ثورة 1979 والتي أطاحت بحكومة الشاه، عملت القيادة الدينية الإيرانية مع مجموعة من الجماعات الإرهابية لتعزيز مصالحها، وبعد أكثر من ثلاثين عاما استمر هذا الاستخدام للإرهاب وسيظل أداة مهمة للسياسة الخارجية الإيرانية في مواجهتها مع جيرانها ومع الولايات المتحدة.
وحذر مدير المخابرات الوطنية السابق جيمس كلابر في الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب من أن إيران تواصل «التآمر على المصالح الأمريكية ومصالح الجهات المتحالفة معها في الخارج».
تصدير العنف
العلاقة الإيرانية الأكثر أهمية والأكثر شهرة هي مع الميليشيات اللبنانية الإرهابية، حزب الله، حيث ساعدته وسلحته وتتولى تدريبه وتموله بما يزيد عن 100 مليون دولار سنويا، وشملت المساعدات العسكرية الإيرانية ليس فقط الأسلحة الصغيرة وغيرها من الأسلحة الإرهابية النموذجية، بل الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات وصواريخ كروز المضادة للسفن وآلاف الصواريخ والأنظمة المدفعية، مما يجعل حزب الله أحد أكثر مجموعات الدول الفرعية قوة في العالم.
لم يخف قادة إيران كأحد الدوافع لدعم عدد من هذه الجماعات أيديولوجيا، رغبتهم في مد ثورة إيران في جميع أنحاء العالم، حيث أعلن المرشد الأعلى الإيراني والأيديولوجي المؤسس، آية الله روح الله الخميني، أن إيران «يجب أن تحاول جاهدة تصدير ثورتنا إلى العالم».
ولتحقيق هذه الغاية، عملت إيران مع مجموعة متنوعة من الجماعات الإرهابية، حزب الله اللبناني وأيضا المقاتلين الشيعة في العراق والبحرين وباكستان وأفغانستان وغيرها، بتنظيمهم ضد الجماعات المتنافسة وفي كثير من الأحيان ضد الحكومات المضيفة.
لقد فعلت إيران ذلك جزئيا لأنها أرادت أن تنشر أيديولوجيتها الثورية، ووجدت بعض الأتباع بين الجماعات الشيعية في جميع أنحاء العالم الإسلامي، خاصة في السنوات التي تلت الثورة مباشرة، عندما كانت شخصية آية الله الخميني الكاريزمية قادرة على إلهامها لعدد من المجتمعات الشيعية لدعم قيادته، أو على الأقل الإعجاب بنظامه الجديد.
استهداف السعودية وأمريكا
دعمت إيران بقوة مجموعة من الجماعات الإرهابية في الثمانينات، خاصة حزب الله اللبناني، فمنذ تسعينات القرن الماضي دافعت إيران عن جماعات فلسطينية، ودعمت جهودها لتنفيذ هجمات في إسرائيل وفي الأراضي الفلسطينية.
وعملت طهران مع الجماعات المتمردة في أفغانستان والعراق، وفيما يتعلق بدعم الإرهاب خارج هذه المسارح، فإن آخر معاداة للولايات المتحدة نظمتها إيران كان الهجوم على أبراج الخبر عام 1996، والذي أسفر عن مقتل 19 أمريكيا، ومع ذلك أظهرت طهران مجددا التركيز على الإرهاب خارج مسرح إسرائيل، لبنان، فلسطين أو مناطق الحرب مثل العراق وأفغانستان في العام الماضي، وعلى الرغم من أن إسرائيل كانت محط تركيز خاص، لكن يبدو أن السعودية والولايات المتحدة الأمريكية كانتا نقطة اهتمام الإرهاب الإيراني؟
مؤامرات إيرانية عدوانية
• في 18 يوليو 2012، فجر مهاجم انتحاري نفسه على متن حافلة تقل سياحا في بلغاريا.
• قبل أيام عدة من الهجوم البلغاري، قبض على أحد عناصر حزب الله اللبناني في قبرص، حيث يعتقد أنه كان يخطط لشن هجمات أخرى.
• في 2012، تم إحباط مؤامرات مرتبطة بإيران في تايلاند وجورجيا وأذربيجان.
• في 2012، نفذت إيران تفجيرات في الهند وجورجيا.
• اعتقلت السلطات الكينية رجلين إيرانيين يعتقد أنهما من الحرس الثوري الإيراني في يونيو 2012، واعترف الرجلان بأنهما كانا يخططان لشن هجمات، وشملت الأهداف المحتملة الأفراد والمرافق الأمريكية والإسرائيلية والسعودية والبريطانية.
• في أكتوبر 2011، أحبطت الولايات المتحدة مؤامرة لقتل السفير السعودي في واشنطن بتفجير مطعم، حيث كان يتناول طعام الغداء في كثير من الأحيان، ووفقا لمسؤولين أمريكيين فقد تم تنظيم المخطط من قبل إيران.
• يزعم مسؤولو الأمن أنه خلال العامين الأخيرين خططت إيران وحزب الله لهجمات في أكثر من عشرين دولة.
تشير الوتيرة العدوانية بجانب المؤامرة ضد السفير السعودي في واشنطن إلى أن استخدام إيران للإرهاب أصبح أكثر عدوانية. في الماضي لم تضرب المجموعات المدعومة من إيران، مثل حزب الله، في الولايات المتحدة، حيث رأت أنها تعد مكانا لجمع الأموال والحصول على معدات متخصصة قيمة.
وتظهر مؤامرة 2011 لاغتيال السفير السعودي لدى الولايات المتحدة أن بعض المسؤولين الإيرانيين - ربما منهم الزعيم الأعلى علي خامنئي - قد غيروا حساباتهم وأصبحوا الآن أكثر استعدادا لشن هجوم في الولايات المتحدة ردا على تصرفات أمريكية حقيقية أو متوقعة تهدد النظام.
التدخل بالشرق الأوسط
الأمر الأكثر أهمية بالنسبة لإيران هو الأزمة في سوريا، حيث ستكون خسارة سوريا ضربة كبيرة لإيران، مما يقلل من قدرتها على التدخل في لبنان وفي الساحتين الإسرائيلية الفلسطينية والإسرائيلية العربية.
من وجهة نظر إيران، فإن الحملة ضد سوريا هي أيضا جزء من الحملة الأوسع لإضعاف إيران، حيث أدلى المسؤولون الإيرانيون وحزب الله بتصريحات متكررة ألقوا فيها باللوم على الولايات المتحدة في الاضطرابات في سوريا، رغم أنه ليس من الواضح كم يؤمنون بخطابهم.
تحولت السياسة الفلسطينية بشكل ملحوظ إلى الأسوأ من وجهة نظر طهران. بعد تأسيس حماس عام 1987 كانت العلاقة بين إيران وحماس مهذبة ولكنها محدودة. تلقت حماس أموالا وأسلحة وتدريبا من إيران وحزب الله، لكن حماس أبقت طهران بعيدة المنال، لأن قادتها كانوا مصممين على تجنب الاعتماد على الرعاة الأجانب، الذين غالبا ما أهلكوا المنظمات الفلسطينية الأخرى. أصبحت العلاقات أقوى بكثير عندما استولت حماس على السلطة في غزة عام 2007، وفي مواجهة العزلة الدولية سعت للحصول على مزيد من المساعدات من إيران.
الآن تلاشت هذه العلاقة، فالعلاقات المفتوحة مع إيران، والتي لا تحظى بشعبية دائما بين عدد من الإسلاميين السنة، تتعرض لمزيد من التشويش بسبب دعم طهران للنظام في سوريا. لقد تركت قيادة حماس سوريا إلى حد كبير، متجهة إلى مصر وبلدان أخرى، كما انتقد بعض قادة حماس ضمنا دعم إيران لدمشق، لذلك فقدت إيران نفوذها مع شريكها الفلسطيني الأكثر أهمية، وبين الفلسطينيين بشكل عام.
المعضلة النووية
من وجهة نظر مكافحة الإرهاب، فإن مسألة كيفية الرد على البرنامج النووي الإيراني محفوفة بالمشاكل، إذا قامت الولايات المتحدة بضربة عسكرية مباشرة على المنشآت النووية الإيرانية المشتبه بها، فسيكون الرد الإرهابي الإيراني كبيرا، لأن إيران تدعم الإرهابيين جزئيا لإبقاء خياراتها مفتوحة، فقد حان الوقت الآن لطهران لاستدعاء المؤيدين، يمكن أن نتوقع القيام بهجمات إرهابية في جميع أنحاء العالم، لقد أظهرت إيران وحزب الله وجودا في كل قارة مأهولة. ستحاول طهران أيضا استدعاء جماعات مثل تنظيم القاعدة والجهاد الإسلامي في فلسطين وغيرها من الجماعات التي لها علاقات معها، على الرغم من أن هذه الجماعات ستكون أقل اعتمادا عليها وأفرادها أقل مهارة من موظفي حزب الله.
ونظرا لأن استخدام إيران للإرهاب يتبع غالبا منطقا استراتيجيا، يمكن لسياسة الولايات المتحدة أن تؤثر على حسابات طهران بشأن ما إذا كانت ستدعم الجماعات، وعلى مقدار القيام بذلك.
في النهاية، فإن افتقار إيران للخيارات الاستراتيجية ورغبتها في الرد على ما تعده عالما معاديا سيقودها إلى مواصلة العمل مع مجموعة من الجماعات الإرهابية واستخدام العنف بشكل انتقائي.
دوافع استخدام إيران لحلفائها
في الوقت الذي تلاشت فيه حماستها الثورية، استخدمت طهران الإرهابيين بشكل متزايد لمجموعة من الأهداف الاستراتيجية، وتشمل هذه الجماعات الإرهابية التي اكتسبت تعاطفا أيديولوجيا ضئيلا، بالإضافة إلى ذلك، استخدمت إيران حتى أقرب حلفائها الإرهابيين، مثل حزب الله اللبناني، لأغراض استراتيجية، وتشمل الدوافع:
استنزاف وتقويض المنافسين
تستخدم إيران بانتظام الجماعات الإرهابية لإضعاف الحكومات التي تعارضها، خصوصا الأعداء المريرين مثل العراق، وأعداء أقل مثل السعودية والكويت، وتدعم طهران مجموعة واسعة من جماعات المتمردين التي تستخدم الإرهاب أيضا في أماكن مثل العراق وأفغانستان.
قوة الإسقاط ودعم الفساد
يرى النظام الإيراني نفسه كقوة إقليمية وحتى عالمية، والعمل مع الإرهابيين هو وسيلة لإيران للتأثير على الأحداث البعيدة عن حدودها، فدعم إيران لحزب الله اللبناني وحماس يجعل إيران لاعبا في النزاعات الإسرائيلية الفلسطينية والإسرائيلية العربية، وهذا بدوره يعطي إيران مكانة وتأثيرا في الشرق الأوسط الكبير.
الحصول على صوت في مجالس المعارضة
بالنسبة لإيران، من المهم في كثير من الأحيان ليس فقط فقدان نظام العدو للسلطة أو إضعافه، بل أن تكون له أذرع داخل المعارضة، لذلك في لبنان ساعدت طهران في تأسيس حزب الله.
الردع
من خلال امتلاكها القدرة على العمل مع الإرهابيين وتخريب أعدائها، فإنها قادرة على الضغط عليهم للتخلي عن الولايات المتحدة أو الامتناع عن الانضمام إلى الجهود الاقتصادية أو العسكرية للضغط على إيران.
الحفاظ على الخيارات
تسعى طهران أيضا إلى إبقاء خياراتها مفتوحة، ويدرك القادة الإيرانيون أنه في العراق وأفغانستان وغيرها من البلدان المضطربة، قد يكون هؤلاء الذين يوجدون في السلطة اليوم على هامش القمة والعكس صحيح، بالإضافة إلى ذلك قد يريدون علاقات ودية مع أحد الجيران في الوقت الحالي ولكنهم يفهمون أن الظروف قد تتغير في المستقبل.