الرأي

إسقاطات ومغالطات في زمن «العاصوف»

عاصم الطخيس
إكمالا للمقال السابق، مسلسل العاصوف يحكي قصة السعودية وبشكل خاص مدينة الرياض في السبعينات وبداية الثمانينات من القرن الماضي، وفي هذه الفترة كانت السعودية تعيش حياة غير منغلقة وعفوية، فكانت السينما موجودة في معظم الأندية الرياضية، أو كان الناس يستأجرون المعدات من أماكن تأجير الأفلام ويعرضونها في منازلهم على أحد الجدران.

- تاريخيا:

ومن المغالطات التي لا يمكن تجاهلها في المسلسل من الجانب التاريخي، نبدأ من الواقع الفعلي الذي لم ينعكس كما يجب، ومن ذلك أن العوائل في منطقة نجد بشكل خاص لم تكن بتلك الصورة المتفككة والمتنافرة، بل كانت متحابة ومتعاضدة ضد أي مشكلة تواجهها. وبرأيي أجد أن عدم البحث بشكل متعمق وكاف لتلك الحقبة هو ما أضعف العمل، بل جعله شكليا فقط في السبعينات، وأقرب مما يكون للواقع الحالي من مشاكله وأخلاقياته. كما أن التغير الذي يرمزون له بالصحوة الدينية لم يأت فجأة بعد هجوم جهيمان، بل أخذ عقدا وأكثر من الزمن حتى تحول إلى شكل متزمت. من الجانب الأدبي تاريخيا، أذكر مشهد دار بين شخصية «يوسف» وأصدقائه الذين لم يجيدوا تمثيل دور المثقفين بشكل عام، وبشكل خاص وهم في موقف المقارنة بين الشاعر «نزار قباني» و«أدونيس»، حيث كان الحوار متصنعا واستذكاريا لبعض النصوص الشعرية التي لم تعط أي فائدة فعلية للمقارنة.

- اللغة:

أعني هنا بعض الكلمات التي أسقطت في الحوارات، والتي لم يكن متعارفا عليها في ذلك الوقت، مثل «الماسونية»، و«عملية إرهابية»، و«جماعات إرهابية»، فهذه الكلمات والمعاني لم تكن شائعة حينها، بل كان المجتمع يعيش على مصادر محدودة يستسقي منها كل معرفته كالقناة الأولى والمذياع والصحف الورقية، فهذه الكلمات لم يتعرف عليها المجتمع إلا بعدما تعددت المصادر، والقنوات الفضائية، ودخول الانترنت. أذكر أيضا بعض المفردات والعبارات مثل «مفصلي»، «فله»، «فكك صواميلك»، «كل تبن»، «متعاطي مخدرات» فهي جميعا كلمات لم تتداول وقتها، بل هي كلمات مستقبلية عن زمن المسلسل.

- الأخلاق الاجتماعية والنفسية:

في الحوار تجد أن كثيرا من الشخصيات تتكلم عن الألم النفسي أو تقول «يمكن نفسيته تعبانه»، في تلك الفترة لم يكن المجتمع يعي ما معنى أن الشخص يعاني نفسيا، بل يمكن القول بأن اطلاعهم على علم النفس لم يعرف وقتها في السعودية، حيث كانت دراسات علم النفس في بذرتها الأولى ويتم ابتعاث المهتمين بدراسة هذا التخصص للخارج. إضافة إلى ذلك، يمكننا الإشارة إلى انحرافات أخلاقية عدة، منها حديث «خالد» و»جهير» عندما قال لها «أفكك صواميلك»، وهنا يعني أنه كان لا يستنكف عن إجراء علاقة غير شرعية مع ابنة خالته قبل الزواج منها. واللقاء العاطفي الذي جمع «يوسف» و»ابنة البندري»، والذي لم يظهر أي تردد منها في الوقت الذي كان الارتباك واضحا في التفاتاته.

AsimAltokhais@