تفاعل

الهياط القاتل

دخيل سليمان المحمدي
السلاح أداة تستعمل أثناء القتال لتصفية أو شل الخصم أو العدو، أو لتدمير ممتلكاته وتجريده من موارده. ويستعمل السلاح لغرض الدفاع والهجوم والتهديد. وحمله وإطلاق أعيرته النارية تعبيرا وتفاخرا واحتفالا بالأفراح والمناسبات السعيدة من العادات والتقاليد التراثية الشعبية القديمة التي أعدها تندرج تحت مسمى «الهياط الاجتماعي»، حيث إنها لم تعد مقبولة في الوقت الحاضر، نظرا لتغير الظروف الاجتماعية وتغير طبيعة التجمعات السكانية والعمرانية وكثافتها، وما تمثله من مخاطر جمة قد تؤدي إلى إصابات أو وفيات بين حضور تلك الأعراس والاحتفالات، ويعود ذلك أيضا إلى تطور السلاح وتغير آليته، فالأسلحة الأوتوماتيكية والآلية خطيرة جدا وتحتاج إلى السيطرة التامة، والخطأ يعني الموت أو الإصابات البليغة، ففي الماضي كانت الأسلحة القديمة مأمونة الجانب إلى حد ما، وكان خطرها موجودا لكنه لم يصل درجة خطر أسلحة اليوم المتطورة والمخيفة، فمثلا أبو فتيل والبندقية البدائية ليستا كالرشاش الأوتوماتيكي والبندقية الآلية. وقد تسببت عادة حمل السلاح في المناسبات بعديد من الحوادث التي راح ضحيتها أبرياء لا دخل لهم سوى الاستمتاع بساعات الفرح مع الأهل والأحباب، مما أسهم في تحويل تلك الأفراح إلى مآتم وأتراح، وانتقل أصحاب الفرح من منصات التهنئة إلى قاعات العزاء، ومن ثم المحاكم للترافع في القضايا التي تسبب فيها تهور شاب أو آخر لم يعر اهتماما لحجم الكارثة التي ألقاها على أهله بلا مبالاة. علينا ترجيح العقل والمنطق الذي أنعم الله به علينا، وأن نفكر بأن قياس كل عمل يكون عن طريق معايرة جوانبه السلبية والإيجابية، فسلبية إطلاق النار تكون مع أول حادثة قاتلة أو إصابة مزمنة، وجميعنا يعلم أن حمل السلاح في أيادي الشباب والصغار وإيهامهم بأن هذه العادة من مكملات الرجولة والبطولة عبث فكري وأحد أسباب زرع الشخصية العدوانية في نفسياتهم. إن التصدي لظاهره حمل السلاح في المناسبات لا يمكن أن يكون من منظور واحد، ولا يقتصر على إجراءات الرقابة والتشريع فحسب، بل لا بد من تحصين المجتمع فكريا، ويجب أن تكون هناك توعية للأفراد بأن السلاح أصبح أشد خطورة من السابق.

همسة: هل السلاح صنع من أجل العدو وأتراحه أم من أجل الصديق وأفراحه؟