تورط الحرس الثوري في تهريب المخدرات
منظمة إرهابية تسيطر على مفاصل الاقتصاد الإيراني وتتلاعب بالسوق السوداء
الثلاثاء / 9 / رمضان / 1440 هـ - 01:15 - الثلاثاء 14 مايو 2019 01:15
لم يعد دور الحرس الثوري الإيراني المصنف كمنظمة إرهابية عالمية، يقتصر على كونه يتحكم في مفاصل الاقتصاد الإيراني، ويدير نحو 25% من الأسهم الموجودة في البورصة، بل بات يدير السوق السوداء ويتحكم حتى في تجارة المخدرات.
وبحسب تقرير من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، لم يخطر ببال أحد من أطفال روح الله الخميني الثوريين الذين انقلبوا على الملكية عام 1979 أن الحرس الثوري الذي أنشؤوه لقمع معارضيهم السياسيين بعد فترة وجيزة من قيام ثورتهم، سيصبح أكثر اللاعبين نفوذا في بورصة طهران (TSE)، وصاحب أكبر حملات فساد وتضليل في طهران.
ومع التوغل القوي للحرس الثوري في أنشطة الحياة اليومية للشعب الإيراني، دفعت المنظمة الإرهابية عددا من الشركات إلى الإفلاس، وأسهمت في النهاية في مضاعفة العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران.
حملة تضليل
خلال السنوات العشر الماضية كان بين 15% و25% من سوق الأسهم الإيراني تحت سيطرة الحرس الثوري الإيراني، إما بشكل مستقل أو مع مؤسسات عسكرية أخرى. ففي قطاعات الاقتصاد غير المتداولة علنا له وجود تقريبا في كل مجال مربح واستراتيجي، من الطاقة والبناء إلى الغذاء والملابس، وبالإضافة إلى ذلك يتمتع الحرس الثوري الإيراني بحضور قوي في السوق السوداء، بما في ذلك الاتجار غير المشروع في البضائع والوقود وتهريب المخدرات.
رافقت دور الحرس في الاقتصاد الإيراني حملة هائلة من التضليل، فلا يكمن دوره في إبعاد وجوده وتأثيره فحسب، بل يبذل الكثير من الجهد للاختباء خلف شبكة هائلة من الشركات الرائدة، ولكنه يعمل أيضا على القضاء على المنافسين في الميدان من خلال التضليل والتشهير والتقاضي.
إن وجود الحرس كمنظمة استخبارات عسكرية لديها سجون تحت تصرفها ونفوذ كبير في النظام القضائي في الحياة الاقتصادية لإيران هو أحد العوامل التي تسهم في فساد النظام وعدم كفاءته.
خصوم الخميني
كان دور الحرس الثوري الإيراني في الشؤون الاقتصادية محدودا في العقد الأول من عملياته، في البداية تم تأسيس الحرس لتحييد الأخطار التي يمثلها الجيش الملكي وغيره من أعداء الثورة، وعندما بدأت فصائل 1979 في الانشقاق بالقتال حول اتجاه الثورة وتم طرد خصوم الخميني من المعسكر الثوري، أصبحت هذه «المعادية للثورة» الجديدة جزءا من واجبات الحرس.
وبهذه الطريقة، كان الحرس الثوري الإيراني، في شكله الأصلي مختلطا بين منظمة الاستخبارات العسكرية وقوة الضربات شبه العسكرية لصدامات الشوارع، ومنذ ذلك الحين، لم تتخل المجموعة مطلقا عن أنشطتها في مجال الأمن الاستخباراتي أو قتال الشوارع، ولا تزال منظمة المخابرات التابعة للحرس الثوري هي أهم وحدة استخبارات في البلاد، ولا تزال الوظيفة الأساسية لميليشيات الباسيج تنطوي على قمع المعارضين عند الضرورة.
اندلاع الحرب
عندما اندلعت الحرب بين إيران والعراق عام 1980، أدى عدم ثقة رجال الدين في الجيش والرئيس أبوالحسن بني صدر إلى دخول الحرس إلى ساحة المعركة، وأكدوا أن مشاركة الحرس الثوري الإيراني في الحرب ستكون مهمة للدور الاقتصادي الذي سيتحمله لاحقا.
خلال سنوات الحرب وتلك التي أعقبت ذلك، سعى الحرس لتشويه الجيش، وألقى باللوم عليه في كل الخسائر، وسرق جميع الانتصارات، وفي الوقت نفسه ذهب جزء من ميزانية الحرب الضخمة إلى الحرس الثوري في شكل أدوات ومعدات هندسية.
ومن خلال وضع هذه القاعدة القوية من الخبرة في الأجهزة والهندسة المستمدة من الحرب، كان الحرس قادرا على دخول الاقتصاد الإيراني بعد انتهاء الحرب، وكانت وفاة الخميني بمثابة بداية حقبة جديدة في إيران، حيث تولى علي خامنئي منصب المرشد الأعلى وأصبح أكبر هاشمي
رفسنجاني رئيسا.
طلب رفسنجاني من الوكالات الحكومية عدم الاعتماد فقط على ميزانية الدولة، وعليها زيادة الإيرادات من خلال مبادرات الأعمال الخاصة بها، والمصادر القريبة من الحرس تزعم أن رفسنجاني نفسه طلب منها الانخراط في أعمال البناء.
لاعب اقتصادي
كان رفسنجاني الرجل الثاني في الحكومة خلال سنوات الحرب، وهو المسؤول عن مكتب الحرب، وفي بداية عهد خامنئي كزعيم أعلى، كان الحرس الثوري الإيراني أقرب إلى رفسنجاني من خامنئي.
سعى إلى إبقاء حلفائه في الحرس أثرياء ومخلصين من خلال إشراكهم في خطط البناء، وفي بداية إدارته لعب الحرس الثوري الإيراني دورا محدودا للغاية في اقتصاد البلاد؛ وبحلول نهاية فترة ولايته، ظهر كلاعب اقتصادي حقيقي. خلال هذا الوقت، وعندما كان الحرس يتراكم لديه رأس المال، أنفق بعض أمواله على إطلاق مجموعات مثل أنصار حزب الله، وهي مجموعة عنيفة شكلها قدامى المحاربين في الحرب العراقية الإيرانية وأعضاء الباسيج الشباب، لمقاومة أنماط الحياة الأرستقراطية وجشع القادة، ورجال الدين والعلمانيين، الذين تنافس معهم الحرس الثوري الإيراني.
السيطرة الأمنية
مع بداية رئاسة محمد خاتمي في 1997 تكثف دور الحرس الثوري السياسي والأمني في مواجهته لحركة الإصلاح، وفي هذا الوقت، حقق الحرس واحدا من أحلامه الطويلة: السيطرة على المؤسسة الأمنية.
خلال الثمانينات وأوائل التسعينات قدم الحرس على مضض إلى وزارة الاستخبارات، وخلال حقبة موسوي ورفسنجاني، حول وزيرا الاستخبارات محمد ريشاري وعلي فلاحيان الوزارة إلى جهاز المخابرات والأمن الأعلى في إيران. ولكن مع صعود خاتمي إلى السلطة وضعف وزارة الاستخبارات نتيجة اعترافها بأنها لعبت دورا رائدا في عمليات القتل خارج نطاق القانون التي نفذت في 1988-1998 للمعارضين المعروفين باسم جرائم القتل المتسلسلة، تمكنت منظمة المخابرات الحربية من السيطرة على الاستخبارات والشؤون الأمنية وأن تكون بمثابة الذراع الطويلة لمكتب المرشد الأعلى.
عجز المخابرات
خلال السنوات الثماني من رئاسة خاتمي، نما الحرس في الشؤون الأمنية لدرجة أنه حتى بعد التغيير في الإدارة، ومع صعود شخصيات الأمن كالمخضرم غلام حسين محسني عجي إلى وزير الاستخبارات ومصطفى بور محمدي إلى وزير الداخلية، باتت وزارة المخابرات غير قادرة على استعادة موقفها السابق.
في عهد خاتمي، أطلق الحرس الثوري الإيراني عددا من الخدمات الإخبارية والصحف والمواقع الالكترونية، مما رفع من جودة وتأثير حملته المضللة، وكان الغرض من هذه الجهود ليس فقط أعداء الحرس الخارجي، ولكن أيضا مؤسسات المجتمع المدني والناشطين السياسيين والثقافيين الذين يتمتعون برفع دعاوى قضائية واستجابات أمنية قضائية.
مؤسسات صهيونية
أسهمت هذه الزيادة في القوة السياسية والأمنية للحرس الثوري الإيراني إلى حد كبير في سعيه للهيمنة الاقتصادية، وكانت أهم نقطة في هذه الفترة تعبئة الحرس الناجحة في 2004، لمنع افتتاح مطار الإمام الخميني المشيد حديثا، غضبا من أن طهران قد منحت إدارة المطارات لشركة «Tav» التركية، وطالب الحرس بأن يتم نقلها إلى إحدى الشركات التابعة له، وأطلق الحرس الثوري الإيراني موجة هائلة من المعلومات المضللة ضد «تاف»، مدعيا أنها تنتمي إلى «المؤسسات الصهيونية».
يذكر أن الحرس الثوري الإيراني يفكر في السيطرة على المطارات كحق له، واستخدامها كقواعد لجلب وإرسال البضائع والأشخاص من أجله لدعم أنشطته الاقتصادية والاستخباراتية والإرهابية.
في السنوات نفسها، احتج مهدي كروبي، رئيس البرلمان الإيراني آنذاك، على سيطرة الحرس على أرصفة الشحن غير القانونية وأنشطته في التهريب، وفي وقت لاحق، كرم الرئيس محمود أحمدي نجاد قادة الحرس الثوري الإيراني «الإخوة المهربين».
امتلاك الشركات
مع انتخاب أحمدي نجاد في 2005، صدر مرسوم خامنئي لخصخصة الصناعات الاستراتيجية الرئيسة مثل البنوك والنقل البحري والاتصالات السلكية واللاسلكية، وبدأت فترة جديدة من التوسع الاقتصادي في الحرس الثوري الإيراني، وفي هذا الوقت بدأت المؤسسات المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني ومكتب المرشد الأعلى بضم الشركات المخصخصة.
تدخلت ثلاث ممتلكات كبيرة تابعة للحرس في الاقتصاد الإيراني، وهي مؤسسة الحرس الثوري التعاونية، ومؤسسة باسيج التعاونية، وخاتم الأنبية للإنشاءات.
على الورق مؤسسة الحرس الثوري التعاونية ومؤسسة باسيج التعاونية، كلاهما معفى من الضرائب، وتم تشكيلهما لتوفير مجموعة من الخدمات الاجتماعية لأعضاء الحرس الثوري والباسيج، مثل الإسكان والقروض والصحة والتعليم.
في الممارسة العملية أصبحت المؤسستان أكبر اتحادات اقتصادية في البلاد، وأصبحت شركة خاتم الأنبياء للبناء، المسؤولة عن مشاريع البناء في الحرس الثوري الإيراني أكبر مقاول في إيران
نفوذ كبير
إن امتلاك الحرس الثوري الإيراني، في 2009، لشركة الاتصالات الإيرانية (TCI)، أكبر شركة اتصالات في إيران، يقدم مثالا على نفوذه الكبير، فعندما أعلنت إدارة أحمدي نجاد عن خطط لبيع «جزر تركس وكايكوس»، تقدمت 17 مجموعة من الشركات للتنافس على العرض، كانت اثنتان منها تابعتين لـ»الحرس الثوري»: «اعتماد موبين»، التي تضمنت فروعا تابعة لمؤسسة الحرس الثوري التعاوني، وكونسورتيوم التابعة لمؤسسة باسيج التعاونية، أما الثالثة، Pishgaman-e Kavir، فقد كانت مستقلة، وتحت ضغط من الحرس، أجبرت Pishgaman-e Kavir على الخروج من العرض، بذريعة أن الاتصالات السلكية واللاسلكية مسألة أمنية، مما يستلزم السيطرة عليها من الحرس الثوري الإيراني.
آثار مدمرة
كان للوجود الدائم للحرس الثوري الإيراني في الاقتصاد الإيراني آثار مدمرة على الإيرانيين، مما دفع عددا من الشركات إلى الإفلاس، وأدى إلى فرض عقوبات أمريكية وعالمية على البلاد.
على مدار العقود الأربعة الماضية، عانى الاقتصاد الإيراني من الفساد وارتفاع معدل التضخم وارتفاع معدل البطالة وارتفاع معدل الفقر وانخفاض النمو الاقتصادي، ونتيجة لذلك، فإن الاقتصاد الذي كان متقدما على كوريا الجنوبية تحت حكم الشاه، فشل الآن على جميع المستويات، حيث تحتاج إيران إلى إصلاح هيكلي وأساسي لاقتصادها.
ويعد خروج الحرس من الاقتصاد والسياسة في إيران شرطا مسبقا لأي نجاح اقتصادي وسياسي، ومع ذلك وعلى مدى العقدين الماضيين أصبح من الواضح أكثر فأكثر أن الثورة وحدها هي التي يمكن أن تخرج الحرس من السياسة والاقتصاد في إيران، لأن الحرس الثوري الإيراني لا يحرس النظام، بل الحرس هو النظام.
وبحسب تقرير من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، لم يخطر ببال أحد من أطفال روح الله الخميني الثوريين الذين انقلبوا على الملكية عام 1979 أن الحرس الثوري الذي أنشؤوه لقمع معارضيهم السياسيين بعد فترة وجيزة من قيام ثورتهم، سيصبح أكثر اللاعبين نفوذا في بورصة طهران (TSE)، وصاحب أكبر حملات فساد وتضليل في طهران.
ومع التوغل القوي للحرس الثوري في أنشطة الحياة اليومية للشعب الإيراني، دفعت المنظمة الإرهابية عددا من الشركات إلى الإفلاس، وأسهمت في النهاية في مضاعفة العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران.
حملة تضليل
خلال السنوات العشر الماضية كان بين 15% و25% من سوق الأسهم الإيراني تحت سيطرة الحرس الثوري الإيراني، إما بشكل مستقل أو مع مؤسسات عسكرية أخرى. ففي قطاعات الاقتصاد غير المتداولة علنا له وجود تقريبا في كل مجال مربح واستراتيجي، من الطاقة والبناء إلى الغذاء والملابس، وبالإضافة إلى ذلك يتمتع الحرس الثوري الإيراني بحضور قوي في السوق السوداء، بما في ذلك الاتجار غير المشروع في البضائع والوقود وتهريب المخدرات.
رافقت دور الحرس في الاقتصاد الإيراني حملة هائلة من التضليل، فلا يكمن دوره في إبعاد وجوده وتأثيره فحسب، بل يبذل الكثير من الجهد للاختباء خلف شبكة هائلة من الشركات الرائدة، ولكنه يعمل أيضا على القضاء على المنافسين في الميدان من خلال التضليل والتشهير والتقاضي.
إن وجود الحرس كمنظمة استخبارات عسكرية لديها سجون تحت تصرفها ونفوذ كبير في النظام القضائي في الحياة الاقتصادية لإيران هو أحد العوامل التي تسهم في فساد النظام وعدم كفاءته.
خصوم الخميني
كان دور الحرس الثوري الإيراني في الشؤون الاقتصادية محدودا في العقد الأول من عملياته، في البداية تم تأسيس الحرس لتحييد الأخطار التي يمثلها الجيش الملكي وغيره من أعداء الثورة، وعندما بدأت فصائل 1979 في الانشقاق بالقتال حول اتجاه الثورة وتم طرد خصوم الخميني من المعسكر الثوري، أصبحت هذه «المعادية للثورة» الجديدة جزءا من واجبات الحرس.
وبهذه الطريقة، كان الحرس الثوري الإيراني، في شكله الأصلي مختلطا بين منظمة الاستخبارات العسكرية وقوة الضربات شبه العسكرية لصدامات الشوارع، ومنذ ذلك الحين، لم تتخل المجموعة مطلقا عن أنشطتها في مجال الأمن الاستخباراتي أو قتال الشوارع، ولا تزال منظمة المخابرات التابعة للحرس الثوري هي أهم وحدة استخبارات في البلاد، ولا تزال الوظيفة الأساسية لميليشيات الباسيج تنطوي على قمع المعارضين عند الضرورة.
اندلاع الحرب
عندما اندلعت الحرب بين إيران والعراق عام 1980، أدى عدم ثقة رجال الدين في الجيش والرئيس أبوالحسن بني صدر إلى دخول الحرس إلى ساحة المعركة، وأكدوا أن مشاركة الحرس الثوري الإيراني في الحرب ستكون مهمة للدور الاقتصادي الذي سيتحمله لاحقا.
خلال سنوات الحرب وتلك التي أعقبت ذلك، سعى الحرس لتشويه الجيش، وألقى باللوم عليه في كل الخسائر، وسرق جميع الانتصارات، وفي الوقت نفسه ذهب جزء من ميزانية الحرب الضخمة إلى الحرس الثوري في شكل أدوات ومعدات هندسية.
ومن خلال وضع هذه القاعدة القوية من الخبرة في الأجهزة والهندسة المستمدة من الحرب، كان الحرس قادرا على دخول الاقتصاد الإيراني بعد انتهاء الحرب، وكانت وفاة الخميني بمثابة بداية حقبة جديدة في إيران، حيث تولى علي خامنئي منصب المرشد الأعلى وأصبح أكبر هاشمي
رفسنجاني رئيسا.
طلب رفسنجاني من الوكالات الحكومية عدم الاعتماد فقط على ميزانية الدولة، وعليها زيادة الإيرادات من خلال مبادرات الأعمال الخاصة بها، والمصادر القريبة من الحرس تزعم أن رفسنجاني نفسه طلب منها الانخراط في أعمال البناء.
لاعب اقتصادي
كان رفسنجاني الرجل الثاني في الحكومة خلال سنوات الحرب، وهو المسؤول عن مكتب الحرب، وفي بداية عهد خامنئي كزعيم أعلى، كان الحرس الثوري الإيراني أقرب إلى رفسنجاني من خامنئي.
سعى إلى إبقاء حلفائه في الحرس أثرياء ومخلصين من خلال إشراكهم في خطط البناء، وفي بداية إدارته لعب الحرس الثوري الإيراني دورا محدودا للغاية في اقتصاد البلاد؛ وبحلول نهاية فترة ولايته، ظهر كلاعب اقتصادي حقيقي. خلال هذا الوقت، وعندما كان الحرس يتراكم لديه رأس المال، أنفق بعض أمواله على إطلاق مجموعات مثل أنصار حزب الله، وهي مجموعة عنيفة شكلها قدامى المحاربين في الحرب العراقية الإيرانية وأعضاء الباسيج الشباب، لمقاومة أنماط الحياة الأرستقراطية وجشع القادة، ورجال الدين والعلمانيين، الذين تنافس معهم الحرس الثوري الإيراني.
السيطرة الأمنية
مع بداية رئاسة محمد خاتمي في 1997 تكثف دور الحرس الثوري السياسي والأمني في مواجهته لحركة الإصلاح، وفي هذا الوقت، حقق الحرس واحدا من أحلامه الطويلة: السيطرة على المؤسسة الأمنية.
خلال الثمانينات وأوائل التسعينات قدم الحرس على مضض إلى وزارة الاستخبارات، وخلال حقبة موسوي ورفسنجاني، حول وزيرا الاستخبارات محمد ريشاري وعلي فلاحيان الوزارة إلى جهاز المخابرات والأمن الأعلى في إيران. ولكن مع صعود خاتمي إلى السلطة وضعف وزارة الاستخبارات نتيجة اعترافها بأنها لعبت دورا رائدا في عمليات القتل خارج نطاق القانون التي نفذت في 1988-1998 للمعارضين المعروفين باسم جرائم القتل المتسلسلة، تمكنت منظمة المخابرات الحربية من السيطرة على الاستخبارات والشؤون الأمنية وأن تكون بمثابة الذراع الطويلة لمكتب المرشد الأعلى.
عجز المخابرات
خلال السنوات الثماني من رئاسة خاتمي، نما الحرس في الشؤون الأمنية لدرجة أنه حتى بعد التغيير في الإدارة، ومع صعود شخصيات الأمن كالمخضرم غلام حسين محسني عجي إلى وزير الاستخبارات ومصطفى بور محمدي إلى وزير الداخلية، باتت وزارة المخابرات غير قادرة على استعادة موقفها السابق.
في عهد خاتمي، أطلق الحرس الثوري الإيراني عددا من الخدمات الإخبارية والصحف والمواقع الالكترونية، مما رفع من جودة وتأثير حملته المضللة، وكان الغرض من هذه الجهود ليس فقط أعداء الحرس الخارجي، ولكن أيضا مؤسسات المجتمع المدني والناشطين السياسيين والثقافيين الذين يتمتعون برفع دعاوى قضائية واستجابات أمنية قضائية.
مؤسسات صهيونية
أسهمت هذه الزيادة في القوة السياسية والأمنية للحرس الثوري الإيراني إلى حد كبير في سعيه للهيمنة الاقتصادية، وكانت أهم نقطة في هذه الفترة تعبئة الحرس الناجحة في 2004، لمنع افتتاح مطار الإمام الخميني المشيد حديثا، غضبا من أن طهران قد منحت إدارة المطارات لشركة «Tav» التركية، وطالب الحرس بأن يتم نقلها إلى إحدى الشركات التابعة له، وأطلق الحرس الثوري الإيراني موجة هائلة من المعلومات المضللة ضد «تاف»، مدعيا أنها تنتمي إلى «المؤسسات الصهيونية».
يذكر أن الحرس الثوري الإيراني يفكر في السيطرة على المطارات كحق له، واستخدامها كقواعد لجلب وإرسال البضائع والأشخاص من أجله لدعم أنشطته الاقتصادية والاستخباراتية والإرهابية.
في السنوات نفسها، احتج مهدي كروبي، رئيس البرلمان الإيراني آنذاك، على سيطرة الحرس على أرصفة الشحن غير القانونية وأنشطته في التهريب، وفي وقت لاحق، كرم الرئيس محمود أحمدي نجاد قادة الحرس الثوري الإيراني «الإخوة المهربين».
امتلاك الشركات
مع انتخاب أحمدي نجاد في 2005، صدر مرسوم خامنئي لخصخصة الصناعات الاستراتيجية الرئيسة مثل البنوك والنقل البحري والاتصالات السلكية واللاسلكية، وبدأت فترة جديدة من التوسع الاقتصادي في الحرس الثوري الإيراني، وفي هذا الوقت بدأت المؤسسات المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني ومكتب المرشد الأعلى بضم الشركات المخصخصة.
تدخلت ثلاث ممتلكات كبيرة تابعة للحرس في الاقتصاد الإيراني، وهي مؤسسة الحرس الثوري التعاونية، ومؤسسة باسيج التعاونية، وخاتم الأنبية للإنشاءات.
على الورق مؤسسة الحرس الثوري التعاونية ومؤسسة باسيج التعاونية، كلاهما معفى من الضرائب، وتم تشكيلهما لتوفير مجموعة من الخدمات الاجتماعية لأعضاء الحرس الثوري والباسيج، مثل الإسكان والقروض والصحة والتعليم.
في الممارسة العملية أصبحت المؤسستان أكبر اتحادات اقتصادية في البلاد، وأصبحت شركة خاتم الأنبياء للبناء، المسؤولة عن مشاريع البناء في الحرس الثوري الإيراني أكبر مقاول في إيران
نفوذ كبير
إن امتلاك الحرس الثوري الإيراني، في 2009، لشركة الاتصالات الإيرانية (TCI)، أكبر شركة اتصالات في إيران، يقدم مثالا على نفوذه الكبير، فعندما أعلنت إدارة أحمدي نجاد عن خطط لبيع «جزر تركس وكايكوس»، تقدمت 17 مجموعة من الشركات للتنافس على العرض، كانت اثنتان منها تابعتين لـ»الحرس الثوري»: «اعتماد موبين»، التي تضمنت فروعا تابعة لمؤسسة الحرس الثوري التعاوني، وكونسورتيوم التابعة لمؤسسة باسيج التعاونية، أما الثالثة، Pishgaman-e Kavir، فقد كانت مستقلة، وتحت ضغط من الحرس، أجبرت Pishgaman-e Kavir على الخروج من العرض، بذريعة أن الاتصالات السلكية واللاسلكية مسألة أمنية، مما يستلزم السيطرة عليها من الحرس الثوري الإيراني.
آثار مدمرة
كان للوجود الدائم للحرس الثوري الإيراني في الاقتصاد الإيراني آثار مدمرة على الإيرانيين، مما دفع عددا من الشركات إلى الإفلاس، وأدى إلى فرض عقوبات أمريكية وعالمية على البلاد.
على مدار العقود الأربعة الماضية، عانى الاقتصاد الإيراني من الفساد وارتفاع معدل التضخم وارتفاع معدل البطالة وارتفاع معدل الفقر وانخفاض النمو الاقتصادي، ونتيجة لذلك، فإن الاقتصاد الذي كان متقدما على كوريا الجنوبية تحت حكم الشاه، فشل الآن على جميع المستويات، حيث تحتاج إيران إلى إصلاح هيكلي وأساسي لاقتصادها.
ويعد خروج الحرس من الاقتصاد والسياسة في إيران شرطا مسبقا لأي نجاح اقتصادي وسياسي، ومع ذلك وعلى مدى العقدين الماضيين أصبح من الواضح أكثر فأكثر أن الثورة وحدها هي التي يمكن أن تخرج الحرس من السياسة والاقتصاد في إيران، لأن الحرس الثوري الإيراني لا يحرس النظام، بل الحرس هو النظام.